أكد رئيس حزب "التواصل" الموريتاني، الدكتور جميل منصور، أن الحركة الإسلامية في المغرب الكبير تجاوزت الخلط بين الدعوي والسياسي الذي كان سائداً عندها في مراحل سابقة في مواجهة العلمانية، موضحاً أنه على الحركات الإسلامية لدى ممارستها العمل السياسي أن تعلم أن منطق الاجتهاد والتدبير أوسع من المجال الدعوي، لافتاً إلى أنه يجب أن نقطع مع العلمانية لكن في إطار التمييز بين الدعوي والسياسي.
واستعرض منصور تجربة الحركات الإسلامية في مداخلة ضمن ندوة "الحركة الإسلامية في المغرب الكبير، مقاربات ومسارات"، ضمن أشغال الملتقى الوطني الحادي عشر الذي تستمر فعالياته لليوم الثالث على التوالي بمدينة مراكش في المغرب.
وقال إن الحركة الإسلامية بالمغرب الكبير انتقلت من حركة محدودة إلى أخرى مجتمعية تقدم مشاريعها في عديد الميادين، مشيراً إلى أنها استطاعت أن تجد لها موطئ قدم وأن تتحول إلى حركة مؤثرة لها وجود معتبر في مختلف دول المغرب الكبير رغم الحصار والتضييق والقمع الذي مورس عليها.
كما استعرض منصور أوجه التشابه والاختلاف بين الحركات الإسلامية في دول المغرب الكبير، وأشار إلى أن هناك تميزاً للحركة الإسلامية في المغرب الكبير عن مثيلاتها في المشرق، على مستوى طبيعة المواضيع والروح النقدية في التعاطي مع قضية الدعوي والسياسي من خلال تجربة حركة "النهضة" التونسية وحزب "العدالة والتنمية" بالمغرب، حيث تركز برامجهما الانتخابية على تحقيق الديمقراطية ومحاربة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وفي نفس السياق، قسم منصور الحركات الإسلامية في المغرب الكبير إلى مدرستين، الأولى تقوم على منهج التغيير والإحلال، والثانية تعتمد مبدأ الإصلاح التدريجي المرن، ولفت إلى أن المدرسة الثانية كان لها الأثر الإيجابي على الحركات الإسلامية التي اختارت التكيّف في إطار خدمة الثوابت، مضيفاً أن الحركات الإسلامية التي اختارت مسار التهدئة والتكيف حققت نتائج إيجابية كما هو الشأن في المغرب، خلافاً للحركات التي اختارت منهج المواجهة والممانعة، كما هو الحال بالنسبة للجزائر التي لا زالت تعاني جراء المواجهة بين جبهة "الإنقاذ" والنظام الجزائري.
كما توقف منصور أيضاً على كيفية تعامل الحركة الإسلامية مع أسئلة العصر وإكراهات الواقع والقضايا التي يطرحها معترفاً بأنه رغم الاجتهادات الكبيرة إلا أن الأمر "يقتضي عقلاً متجدداً يستطيع أن يقدم برنامجاً يجيب عن هذه الأسئلة".
وأكد أن تعاطي الحركة الإسلامية مع موضوع الهوية ما زال قاصراً، فهذه الأخيرة لم تقدم إجابات شافية فيما يتعلق بالهوية في شمال إفريقيا بخصوص المكون الأمازيغي والزنجي، "حيث لا زال المنطق العربي يغلب علينا"، موضحاً أن الحركات الإسلامية تحتاج اليوم إلى أن تقدم بهذا الصدد إجابات ملموسة، حيث لا زال هناك تنكّر للمكون الأمازيغي في بعض البلدان.
وفيما يخص آفاق العمل العربي الإسلامي، قال منصور إنه ينبغي على الحركات الإسلامية أن تستمر في منزعها التجديدي والإصلاحي، وأن تعتمد الوضوح في التعامل مع ثالوث الطغاة والغُزاة والغُلاة.
اقرأ أيضاً موريتانيا والجزائر: علاقات تسوء ... والمغرب يستفيد