لا يعرف، حتى الآن، كيف رحلت لفيفة توراتية قديمة عمرها أكثر من 200 عام من العراق إلى فلسطين المحتلة، وليأخذها بين يديه المستوطن المولدافي، أفيغدور ليبرمان، (وزير خارجية الاحتلال السابق) ويزعم أن هذه اللفيفة "تمثل مصير اليهود الذين تشتتوا ثم عادوا"، ثم يحتفي المستعمرون الصهاينة بوصولها.
الأخبار متضاربة بين قائل، مثل مركز "نارا" الأميركي القائم على ترميم المخطوطات العراقية، بأن رجل أعمال يهودي تقدّم إليه بكتاب "حكومي عراقي" في عهد حكومة نوري المالكي صادقت عليه السفارة العراقية في واشنطن يطلب تسليمه اللفيفة لقاء مبلغ 30 مليون دولار، وبين قائل، مثل صحيفة "واشنطن بوست" في 23 كانون الثاني/ يناير 2015، إن هذه اللفيفة تم تهريبها بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، وإنها وصلت إلى سفارة "إسرائيل" في عمّان، حيث من المرجح أن تكون إحدى محطات الآثار العراقية المسروقة والمنهوبة التي بدأت تصلها مع بداية الاحتلال، ورجحت الصحيفة كذلك أن يكون الجنود الأميركيون هم من استولى عليها وقاموا بتهريبها.
يضاف إلى هذا أخبار أخرى جرى تداولها عن لفائف توراتية أخرى أقدم عمراً، وصلت إلى فلسطين المحتلة، فلم يعد يُعرف عن أي لفيفة يدور الحديث، ولم تعد تعرف حتى وقائع هذا النهب الذي ألمّ بتراث العراق الحضاري، فخلط أحد الكتّاب العراقيين بين ما كان يجري الاستيلاء عليه من لصوص ومهربين خلال الحرب العراقية الإيرانية (1979-1987)، وما جرى تهريبه أو تدميره خلال الاحتلال الأميركي، وما يجري الآن تخريبه وتهريبه في ظل الفوضى التي خلقتها العصابات المسماة "داعش" في أرض الرافدين، وأرجع كل الخراب إلى الوراء، إلى عهد الرئيس العراقي صدام حسين.
ولا يخلو الأمر من تبادل الاتهامات بالتفريط في التراث العراقي، وتوظيف قضية نهب الآثار وتهريبها، في الصراعات السياسية الملتهبة في بغداد.
ويظل السؤال قائماً؛ من المحرّك لعمليات الاستيلاء على تراث بلاد الرافدين الحضاري أو تدميره؟ والسؤال نفسه يُطرح حول الآثار السورية. هل هي عصابات تعمل لحسابها الخاص، أم عصابات تجنّدها أجهزة مخابرات؟
سوابق جهاز الموساد الإسرائيلي هنا هي الأبرز، ويحتل نهب الآثار والاستيلاء عليها في العقيدة الاستعمارية الصهيونية مكانة خاصة، وما زالت عمليات التنقيب ومصادرة أي أثر فلسطيني، يكتشف، جارية في الأرياف الفلسطينية تحت بنود "اتفاقية أوسلو".
وفي الذاكرة مخطط كل من موشي دايان وآريل شارون قبل حرب العام 1967، للتسلل إلى "متحف الآثار الفلسطيني" في القدس (ما يسمّونه اليوم "متحف روكفلر") والاستيلاء على لفائف البحر الميت الموجودة فيه.
اقرأ أيضاً: آثار سورية: مزادات ومهرّبون