شهد عام 2016 موجة رحيل لعدد من الكتاب والفنانين الذين أثروا الثقافة الفرنسية، لعلّ ابرزهم الروائي والشاعر ميشال بوتور (1926 - 2016) أحد ممثلي تيار "الرواية الجديدة"، وآخر كبار أسمائها، وأكثرهم غزارة وتنوّعاً حيث تنقّل بين الرواية والسرد والشعر والنقد وقد نذر حياته للتجريب الجذري والسعي إلى تجديد الأشكال التعبيرية من أجل إغناء علاقة الكتابة بالعالم.
رحل أيضاً في 2016 الكاتب جاك بيري الذي برز نجمه بفضل رواية "لا أحب شيئاً" الفائزة بجائزة "رونودو" عام 1952، وهي رواية سوداوية المزاج تتناولُ الإحساس بالقرف من الحياة الذي يفضي عادة إلى الانتحار. كما أصدر عام 1965 رواية "حياة رجل وثني" واستلهم فيها سيرة وحياة الرسّام فلامينك متناولاً بشكل خاص سيرورة الخلق الإبداعي. وتحوّلت الرواية لاحقاً إلى ثلاثية وتطلبت منه كتابتها عشر سنوات من الاعتكاف.
كما رحل الفنان فرانسوا مورلي (1926 - 2016) أحد رواد الفن التجريدي الاختزالي في الساحة الفرنسية عن عمر يناهز 90 عاماً. وكان مورلي يتمتّع بشهرة كبيرة في الساحة الفنية العالمية واشتهر برفضه منذ بداياته للنزعة الرومانسية وعُرف بلوحاته وأعماله التركيبية التجريدية التي كانت تعتمد بشكل كبير على أشكال هندسية بسيطة مثل الخطوط والمربّعات.
أيضا شهد 2016 رحيل الكاتب الساخر ورسام الكاريكاتير الفرنسي الشهير موريس سيني المعروف اختصار باسم "سيني". واشتهر الراحل بكتاباته ورسومه الساخرة المثيرة للجدل وأيضاً بتعرّضه للعديد من المحاكمات بتهمة "معاداة السامية" في مسيرة طويلة كان فيه مغنّياً ثم كاتباً ساخراً ورساماً وناشطاً سياسياً مثيراً للجدل.
وخسرت السينما الفرنسية المخرج جاك ريفيت (1928 - 2016)، أحد أسماء تيار "الموجة الجديدة" التي أسّست لسردية وجمالية مغايرة في السينما الفرنسية. وراكم ريفيت حوالي 30 عملاً سينمائياً خلال نصف قرن كما اشتهر بتحليلاته النظرية حول السينما وكان رئيس تحرير مجلة "دفاتر السينما" الشهيرة التي واكبت تحوّلات السينما الفرنسية ابتداء من خمسينيات القرن الماضي.
أيضاً شهدت الساحة الفرنسية غياب المفكر والباحث الجزائري مالك شبل (1953 - 2016) الذي عرف بتفسيرات متنوّرة ومنفتحة للإسلام، وقد ترك وراءه عشرات الدراسات انصبّت في غالبيتها على إشكالية الجنس في التراث الإسلامي ومن أشهرها "الجسد في الإسلام" و"روح الحريم: أساطير الجنس وممارساته في المغرب" حيث تناول الثقافة الإسلامية من زاوية شمولية ومركبة تمزج بين التاريخ وعلم النفس والأنثروبولوجيا.