14 نوفمبر 2016
رداً على سلامة كيلة: نكاية النكاية
دخل أكثر اليساريين العرب في "الطبقية والمادية"، من دون علم من ماركس، أو أي من تلامذته المعتبرين. دخلوها من طاقة السوفييت التي تشبه طاقة "أبو طاقة". تركوا الأبواب المشرعة، كما يليق بمدرسة محترمة في علم الاجتماع لها قيمة كبيرة، وأصروا أن يعبروا طاقة "أبو طاقة" الضيقة التي عمّرها لهم النظام السوري، تقليداً "للطاقة" السوفييتية، بعد موت المرحوم الاتحاد السوفييتي.
تريد مسطرة سلامة كيلة، في مقاله "المظلومية السنية" في سورية، في "العربي الجديد" (6\8\2015) أن تتجاهل جزءاً من الواقع، لأنها لا تستطيع قياسه، ولا التعامل معه، فهو (الواقع) يربك المسطرة وصاحبها. إنكارٌ تام للعامل الطائفي في تركيبة النظام السوري وسلوكه وتحالفاته. والإنكار للواقع والوقائع لامعرفيٌ، ويساوي الخرافة. "وَلَيسَ يَصِحُّ في الأَفهامِ شَيءٌ إِذا افتقرَ النَهارُ إِلى دَليلِ". يعترف كيلة أن النظام العراقي، مُصدّر المليشيات الطائفية إلى سورية، طائفي، لكنه يرفض أي تلميح يطاول النظام السوري. في العراق، يحق له استخدام مصطلحات طائفية، وتوصيف طائفي، وفي سورية ممنوع. يقول: (انطلق قطاع طائفي من الشيعة من فكرة "المظلومية الشيعية" التي حكمتها "أقلية سنية". وبالتالي، أن نقبل ما جرى هناك. وهذا مناقض للواقع، و"رجعي" بكل معنى الكلمة، حيث أعاد العراق قروناً إلى الوراء). الأنكى أن الأستاذ يُقحم اسمي المفكرين، برهان غليون وصادق جلال العظم، ويتهمهما بأنهما هما ونخبٌ ركبوا الثورة، وصنّعوا فكرة المظلومية السنية وثبّتوها، من دون أن يأتي باستشهاد من كتاباتهما، مكتفياً "بالشعبطة" على اسميهما.
ينسجم سلامة كيلة مع بعض اليسار السوري، وبعض مجاهدي العلمانيين ذوي التفكير والحَصر الأقلوي، وأكثرية هيئة التنسيق في إيراد تبريرات تدعم القول "إن النظام السوري غير طائفي"، وهي، أولاً، موقف تجار دمشق وحلب. وثانياً، فقر مناطق الساحل التي ينحدر منها النافذون في النظام السوري. وهي حجج متهافتة، إذ ليس كل العلويين من النظام، ولا كلهم طائفيون. النظام هو الطائفي. العلوية السياسية العسكرية هي الطائفية. النخبة العلوية الحاكمة هي الطائفية، فالقرار الأمني، وهو الأهم في هذه المرحلة، بيد الطغمة الطائفية الحاكمة، وكذلك القراران الاقتصادي والعسكري. هل يستطيع الأستاذ أن يضرب لنا مثلاً معاكساً؟ ولمَ لا يقول إن النظام يفقر العلويين ويخيفهم، ليستخدمهم قلعة محاصرة تحميه، ويرشي تجار دمشق وحلب ببساطة؟ لمَ؟ ولوالد الديكتاتور الحالي تجربة مهمة في هذا المجال منذ الثمانينيات، فقد استخدم الفقراء العلويين لصالح النخبة العلوية السياسية، وبرطل تجار دمشق وحلب.
لا يحتاج سلوك النظام الطائفي إلى مساطر، يخرجها المرء من بطون الكتب، ويقيس بها الواقع. الواقع يفقأ العين، والبراميل شاهدة. وباكراً جداً كانت بانياس شاهدة، وبعدها حمص. وأي مراقب منصف يستنتج من تصريحات روسية، وخصوصاً لوزير الخارجية، لافروف، أن روسيا تريد، بصراحة، أنْ تبقى العلوية السياسية مسيطرة، أو على الأقل لها الدور الفعال الأول. وهل يحتاج موقف إيران والمليشيات الشيعية العراقية والنظام العراقي وحزب الله، هل يحتاج هؤلاء إلى مسطرة سلامة كيلة الماركسية، والماركسية منها براء، كي يثبتوا أنهم ينطلقون من موقف طائفي، ويدعمون طغمة طائفية؟
لاحظوا أن "نقد!" كيلة يطاول الجمهور والمفكرين والسياسيين المساندين للتغيير والثورة، ويحامي عن موقف النظام ويطابقه حقيقة، كما كثيرين صار جلّ عملهم شتم الضحية، وتزيين مواقف الطغمة الطائفية ما أمكن.
ليس مطلوباً من كيلة أن لا ينتقد الجهادية والسلفية والأصولية السنية، ونعتها بما يريد، فهي تستحق ذلك وربّما أزيد، المطلوب أن يرى، في المقابل، أنّ الطغمة الطائفية لعبت وتلعب أدواراً خطرة، ليس في تدمير سورية فقط، وإنما في كل المنطقة، وأنها طائفية حتى العظم. ببساطة، أن يروا الواقع، فالذين لا يرون الواقع لهم اسمٌ ثان (!)
الغريب أن سلامة كيلة، في المقطع الأخير من مقاله، يدين كل الأصوليات، بما فيها نظاما إيران والعراق، ولا يقبل أن تُدان، أو حتى يشار إلى طغمة العلوية السياسية الحاكمة التي دمرت البلد. فما سرّ هذا العشق، يا ترى؟
ينسجم سلامة كيلة مع بعض اليسار السوري، وبعض مجاهدي العلمانيين ذوي التفكير والحَصر الأقلوي، وأكثرية هيئة التنسيق في إيراد تبريرات تدعم القول "إن النظام السوري غير طائفي"، وهي، أولاً، موقف تجار دمشق وحلب. وثانياً، فقر مناطق الساحل التي ينحدر منها النافذون في النظام السوري. وهي حجج متهافتة، إذ ليس كل العلويين من النظام، ولا كلهم طائفيون. النظام هو الطائفي. العلوية السياسية العسكرية هي الطائفية. النخبة العلوية الحاكمة هي الطائفية، فالقرار الأمني، وهو الأهم في هذه المرحلة، بيد الطغمة الطائفية الحاكمة، وكذلك القراران الاقتصادي والعسكري. هل يستطيع الأستاذ أن يضرب لنا مثلاً معاكساً؟ ولمَ لا يقول إن النظام يفقر العلويين ويخيفهم، ليستخدمهم قلعة محاصرة تحميه، ويرشي تجار دمشق وحلب ببساطة؟ لمَ؟ ولوالد الديكتاتور الحالي تجربة مهمة في هذا المجال منذ الثمانينيات، فقد استخدم الفقراء العلويين لصالح النخبة العلوية السياسية، وبرطل تجار دمشق وحلب.
لا يحتاج سلوك النظام الطائفي إلى مساطر، يخرجها المرء من بطون الكتب، ويقيس بها الواقع. الواقع يفقأ العين، والبراميل شاهدة. وباكراً جداً كانت بانياس شاهدة، وبعدها حمص. وأي مراقب منصف يستنتج من تصريحات روسية، وخصوصاً لوزير الخارجية، لافروف، أن روسيا تريد، بصراحة، أنْ تبقى العلوية السياسية مسيطرة، أو على الأقل لها الدور الفعال الأول. وهل يحتاج موقف إيران والمليشيات الشيعية العراقية والنظام العراقي وحزب الله، هل يحتاج هؤلاء إلى مسطرة سلامة كيلة الماركسية، والماركسية منها براء، كي يثبتوا أنهم ينطلقون من موقف طائفي، ويدعمون طغمة طائفية؟
لاحظوا أن "نقد!" كيلة يطاول الجمهور والمفكرين والسياسيين المساندين للتغيير والثورة، ويحامي عن موقف النظام ويطابقه حقيقة، كما كثيرين صار جلّ عملهم شتم الضحية، وتزيين مواقف الطغمة الطائفية ما أمكن.
ليس مطلوباً من كيلة أن لا ينتقد الجهادية والسلفية والأصولية السنية، ونعتها بما يريد، فهي تستحق ذلك وربّما أزيد، المطلوب أن يرى، في المقابل، أنّ الطغمة الطائفية لعبت وتلعب أدواراً خطرة، ليس في تدمير سورية فقط، وإنما في كل المنطقة، وأنها طائفية حتى العظم. ببساطة، أن يروا الواقع، فالذين لا يرون الواقع لهم اسمٌ ثان (!)
الغريب أن سلامة كيلة، في المقطع الأخير من مقاله، يدين كل الأصوليات، بما فيها نظاما إيران والعراق، ولا يقبل أن تُدان، أو حتى يشار إلى طغمة العلوية السياسية الحاكمة التي دمرت البلد. فما سرّ هذا العشق، يا ترى؟