يبدو أن القرار الروسي بتعليق الدوريات المشتركة مع تركيا على طريق "ام 4" جنوبي إدلب، لم يكن سبباً أمنياً، كما صرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، في إعلانها قرار تعليق تسيير الدوريات المشتركة مع تركيا يوم الخميس الماضي، وذلك لأن قرار تعليق الدوريات جاء في اليوم التالي لتسيير دورية مشتركة (روسية-تركية) بنجاح ومن دون أي خروقات أمنية. كما أن قرار التعليق جاء بالتوازي مع إعلان زاخاروفا عن بدء جولة من المفاوضات بين تركيا وروسيا آخر الشهر الحالي حول الملف الليبي. ويبدو أن روسيا ربطت استمرار الدوريات المشتركة مع الجانب التركي في إدلب بنتائج المفاوضات حول الملف الليبي، لا سيما أن هذه التطورات قد حصلت بالتزامن مع تخفيف أنقرة من لهجتها حول التحضير لمعركة سرت في ليبيا، ما يعني أن تحقيق موسكو تقدماً في مفاوضاتها حول ليبيا ستقابله مكاسب لأنقرة في إدلب، فيما سيؤدي أي تعثر في تلك المفاوضات إلى احتمال تفجر الوضع العسكري في إدلب.
وتُظهر التطورات الميدانية في إدلب أن الجانب التركي قد حشد في المنطقة أكثر من عشرين ألف عنصر، بالإضافة إلى آلاف الآليات وعدد من وحدات الدفاع الجوي، ما يعني أن أي تفجر للوضع في إدلب لن تسمح خلاله تركيا بتقدّم قوات النظام السوري أكثر ضمن المناطق التي تنشر قواتها فيها، هذا عدا عن احتمالية محاولتها التقدّم لاستعادة المناطق التي سيطر عليها النظام خلال عمليته الأخيرة بداية العام الحالي.
هذا الأمر تدركه موسكو، كما تعي أن النظام لا يستطيع تحقيق أي تقدّم من دون تدخّل فعال من قبلها، الأمر الذي قد يؤدي إلى نوع من الصدام المباشر بين الجانبين التركي والروسي لطالما تجنبته أنقرة خلال الفترة السابقة، ويبدو أن موسكو تسعى لتجنبه خلال المرحلة الحالية، نظراً إلى تشعّب الملفات بين البلدين، السياسية منها والعسكرية وحتى الاقتصادية. هذا الوضع يرجّح أن يلجأ الطرفان إلى تجنب الصدام العسكري في إدلب والتوصل إلى توافقات تقوم على الربط بين الملفين الليبي والسوري، لا سيما أنهما قد أبديا موقفاً سياسياً متوافقاً على موضوع اللجنة الدستورية وأيّدا اجتماعها المزمع عقده في 24 الشهر الحالي مع عدم إغفال أي طرف من الأطراف الاستعداد للاحتمال الأسوأ وتفجير الوضع العسكري.