عزيزي بابا نويل،
حال الأطفال صار صعباً. تقول المعلّمة إن هناك تلاميذ في سنّنا لا يذهبون إلى المدرسة. تقول إنهم فقدوا آباءهم وأمهاتهم إلى الأبد. تقول إن بيوتهم قد دمّرت فوق رؤوسهم وإنهم لن يتمكنوا من إعادة بنائها قبل وقت طويل. تقول إن كتبهم ودفاترهم قد احترقت وإن بينهم من سال دمه فوق الطبقات الخشبية. تقول إن وحوشاً تكره الألوان قد هاجمتهم وسلبتهم الابتسامات والضحكات.
تقول المعلمة أيضاً، يا بابا نويل، إن غرباء كثراً صاروا يشبهونك. هل تصدّق؟ تقول إنهم أطلقوا لحاهم مثلك وحملوا معهم أكياساً فيها الكثير من الرصاص والمتفجرات التي تؤذي الناس، يوزعونها يميناً ويساراً ويقدمونها هدايا تصيب وتقتل الأبرياء.
عزيزي بابا نويل،
أتفهّم كمّ الغضب الذي أنت فيه الآن وأنت تقرأ هذه الرسالة، وأعلم جيّداً أنك لا ترضى بهذا الأمر. لكني أعرف أن الأخبار لا تصلك كاملةً حيث تعيش فوق، في أقاصي القطب الشمالي. فربما تنقطع الكهرباء عندك مثلما تنقطع عندنا فلا تعرف ما الذي يحصل في العالم.
يجب أن تعرف بأن البرد والجوع موجعان يا بابا نويل. لقد شاهدنا في نشرات الأخبار أطفالاً من سنّنا وأصغر يموتون من دون خبز وينهش جلدهم البرد. هل بإمكاننا أن نطلب منك الأغطية وعلب المواد الغذائية والمدافئ والحليب الساخن لهم؟ هل بإمكانك أن تحضر لهم مدفأة صغيرة بدلاً من النار التي تحرقهم كلّما أشعلوا خشباً داخل خيمة؟ الناس تطفئ المداخن كي تتسلّل أنت منها في ليلة الميلاد وأطفال النازحين يحترقون بها. لذلك اعمل على تأمين مدافئ آمنة لهم. الأطفال يعيشون بلا ألعاب لكنهم لا يعيشون بلا دفء وبلا حليب. وأنت بلا شك تعلم ذلك.
عزيزي بابا نويل،
أعلم أنني أطلت عليك ولا وقت كثيراً لديك لقراءة جميع الرسائل، فهذه الساعات الأخيرة تحتاجها لتحضيراتك، لذلك سأختصر.
المدرسة حلوة يا بابا نويل. صحيح أننا نغضب عندما توقظنا أمهاتنا صباحاً للذهاب إليها، لكنها حلوة. فيها أصدقاء نحب أن نلعب معهم وفيها معلمات يحاولن طوال الوقت تلقيننا أشياء لا نعرفها. أشياء جديدة ومفيدة. لذلك تواصل رجاء مع من يعنيهم الأمر، واتفق معهم على حماية الأطفال من التسوّل في الشوارع. الأطفال، يا بابا نويل، لا يستحقّون ذلك ولا يريدونه. مكانهم المدرسة، ليس النعش ولا الشارع.
عزيزي بابا نويل،
صدّقنا نحن لا نريد ألعاباً. ولا تزرنا هذا العام أبداً. سنسامحك بمحبة على ذلك. اذهب إلى خيم اللاجئين فقط. فهناك أطفال يحتاجونك وينتظرونك أكثر منا.