23 يناير 2020
رسالة مفتوحة إلى أوباما
فخامة رئيس الولايات المتحدة الأميركية، باراك أوباما:
تحية طيبة وبعد.
أوجه إليك هذه الرسالة المفتوحة، وأنا مقتنع بأنها لن تصل إليك غالباً، ومع ذلك، لدي بقية من أمل في أن تصل، أو ينقل إليك أحد مستشاريك مضمونها، مثلما لدي بقية من أمل في حياتنا على هذا الكوكب، على الرغم من كل الشرور الحاصلة. أوجه، أنا المواطن السوري، وفي الحقيقة، كنت، وما أزال، مجرد مشروع مواطن لم يكتمل تحققه أبداً، إليك هذه الرسالة، نظراً لموقعك ودورك وشخصيتك المعروفة عالمياً.
سبق أن استبشرنا خيراً بفوزك بمنصب الرئاسة، لما له من دلالة انعطافية في تحقيق المساواة في الولايات المتحدة، وفي نضج ديمقراطيتها. وأيضا لما مثله فوزك من تغليب التوجه السلمي على السياسات الأميركية الكريهة، والمتمثل في تخليها عن التدخل العسكري وأساليب التآمر على شؤون الدول والشعوب الأخرى. وكان قراركم بالانسحاب من العراق وإغلاق سجن غوانتانامو دليلين على ذلك، مما سمح بالأمل في أن تتخلص أميركا من صورها النمطية البدائية للإمبراطورية الأميركية التي لا تهتم إلا بنفسها، كما سبق لكم القول. وهي صور كرّست نزعة عداء ضدها لدى شعوبٍ كثيرة، خصوصا في منطقتنا. ولقد ساهمتْ جولاتكم وخطاباتكم اللاحقة في محاولة تغيير تلك الصورالكريهة. لكن، اسمحوا لي أن أقول لكم، بصراحة، إن ممارساتكم اللاحقة لم تعد تسهم في ذلك، بل أخشى أن تعود إلى تكريس تلك الصور مجدداً. فعلى العكس من تحقق مزيد من خطوات برنامجكم ورؤيتكم للديمقراطية والمساواة على الصعد الاجتماعية والصحية وحقوق الإنسان، وتلك مسائل داخلية، لا يسعني إلا أن أعجب بها، فإن سياستكم الخارجية تتناقض مع ذلك التوجه، وتسهم في بناء صور أكثر سواداً لدى شعوبنا العربية، خصوصا في ما يتعلق بأحداث بلدنا سورية.
تعلمون أن الثورة السلمية التي قامت في بلدنا هدفت إلى التغيير والإصلاح، وبقيت ذات طابع سلمي حوالى ستة أشهر، باعتراف جميع المراقبين، فحظيت لذلك بتعاطف وتأييد شعبي ودولي واسعين. لكنها عندما اضطرت إلى حمل السلاح دفاعاً عن شعبها ضد عنف النظام ومجازره، التي لم يسبق لها مثيل، وهو حق دفاع مشروع ومعترف به لدى جميع الشرائع، بدأت دولتكم في حظر السلاح عنه، والضغط على مصادر الأسلحة التي تدعمه. وكانت الطامة الكبرى في تراجعكم عن الخطوط الحمر، التي أعلنتموها ضد استخدام الأسلحة الكيماوية، عندما استخدمتها قوات النظام السوري صباح 22 أغسطس/آب 2013، فقتلت حوالى 1500 مواطن سوري في غوطة دمشق، أغلبيتهم الساحقة من المدنيين والنساء والأطفال.
يومها، تحركتم لمعاقبة النظام المجرم، كما تحرك معكم معظم قادة دول الغرب، ولاحت علامات انهيار النظام، فسارع كثير من ضباطه ورجاله إلى خلع ملابسهم والتحضير لهربهم،
لكن المفاجأة كانت في تراجعكم، وتراجع باقي قادة الغرب، بطبيعة الحال، وقبولكم الصفقة التي توسط من أجلها النظام الروسي، حليف المجرم، فتم تسليم سلاح الجريمة (أو قسم منه واقعيا) خلال أشهر، وتركتم المجرم طليقاً يتابع ارتكاب جرائمه المستمرة. مسحتم، يومها، خطكم الأحمر، وبذلك أعدتم، مرة أخرى، صورة أميركا الحريصة على مصالحها، والمتناسية مبادئها وأخلاقياتها وقيمها.
وأؤكد لكم، سيدي الرئيس، أنني وكثيرين غيري من الديمقراطيين السوريين، لم نكن نتمنى وصول الأمر إلى الحرب، وكان يكفي استمراركم بالضغط بدون هوادة على النظام، الذي كان قد بدأ بالرحيل عمليا، قبل أن تبادر روسيا إلى إنقاذه في الساعات الأخيرة.
تراجُعُكم ذاك، واستمرار سياستكم الانسحابية من مشكلات العالم، بينما بلدكم هو القوة العظمى والقائدة للمنظومة الغربية فيه، أدى ذلك كله إلى أن الدول المارقة وديكتاتورياتها الجديدة، دينية من نمط إيران، أو مافيوية من نمط روسيا، أو عصبوية من نمط سورية، وجدت في ذلك فرصتها للاستبداد بشعوبها، وللتدخل بالقوة السافرة في شؤون الشعوب الأخرى. وقد بدأت إيران ذلك، في تدخلها الصريح إلى جانب قوات الأسد لإخماد ثورة الشعب السوري، عبر ذراعها الطائفية المسماة "حزب الله"، ثم عبر مستشاريها وضباطها وفرقها العسكرية أخيراً، بل، وعبر خبرائها الذين كثيراً ما فاوضوا الثوار بديلاً عن النظام نفسه، أما دعمها العسكري الذي ساهم في تدمير أكثر من نصف سورية فليس خافياً على أحد. وقد جرى كل ذلك العنف والتدخل، في الوقت الذي تم فيه التفاوض مع بلدكم، وبلدان الغرب الأخرى، لتوقيع الاتفاق النووي المعروف، وبموازاة حرصكم على إطاره السلمي، كانت إيران وما زالت تنتهك السلام وحقوق شعبنا، وتحت سمع العالم وبصره.
واليوم، تبادر روسيا بوتين إلى احتلال بلدنا، مسلحة بمباركة كنسية تعود بنا إلى عصور التعصب الديني والحروب الصليبية. وتلجأ القاذفات الروسية إلى قصف المدنيين ومواقع المعارضة المعتدلة في معظم هجماتها، بينما لا تكاد تقصف مواقع المتطرفين وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، إلا بنسب ضئيلة، كما شهدت على ذلك مصادركم الغربية بالذات. وبذلك، يسهم الاحتلال الروسي وعملياته العسكرية في تطهير المناطق الواقعة بين سيطرة داعش وسيطرة النظام، ويؤدي واقعياً إلى تقاسم سورية بينهما، بغض النظر عن أية ادعاءات وتبريرات أخرى. وإذا صرّح المسؤولون الروس بأن تدخلهم جاء بهدف الحرب ضد الإرهاب، فالواضح والمعروف أن ذلك يحدث لدعم نظام الأسد أوّلاً.
فخامة الرئيس:
أصارحكم بأن الدول المارقة، وأنظمتها الديكتاتورية الجديدة، وجدت فرصتها في استراتيجيتكم السلمية، وهي تراها متوفرة اليوم في استثمار النزوع الدولي إلى الخلاص من عصر الحروب، والتخلي عن استخدام القوة وسيلة لحل المشكلات بين الأمم. لذلك، بادرت إلى خطف الأحداث في منطقة محورية من مناطق الشرق الأوسط، فارضة مفاهيمها الخاصة للشرعية والمعاهدات،
وغير مبالية بمقتل مئات ألوف المواطنين وتهجير ملايينهم، وتدمير مدنهم وحياتهم.
وبطبيعة الحال، لن تتوقف روسيا وإيران بذلك عند هذا الحد، بل ستفرضان بمبادرتهما وقوتهما الجديدة دوراً موازياً في عديد من مشكلات العالم الأخرى وملفاته المفتوحة، مثل أوكرانيا والنفط وغيرهما، ما دامت سياستكم وسياسة الغرب كله متراجعة، وتنسحب أمام إرهاب المارقين وتجاوزاتهم القوانين والشرائع الدولية.
بالنتيجة، تفقد السياسة الأميركية دورها القيادي في العالم، وتتراجع هيبتها المعروفة، إلى درجة أن تصريحات مسؤوليها في التعليق على العمليات العسكرية الروسية في سورية، لم تعد تختلف عن تعليقات مراقبين وصحافيين عديدين، بينما يقول رأي آخر، إن أميركا، بواسطة هذه السياسة، تترك الباب مفتوحاً أمام روسيا وإيران، لكي تغرقا في المستنقع السوري، من جهة، كما تترك منطقة الشرق الأوسط لكي تضعف وتتدهور، من جهة أخرى، فتضمن بذلك بروز صديقتها الحقيقية، اسرائيل، قوة وحيدة في المنطقة، في حين يسمح استمرار حروب المنطقة للولايات المتحدة بالتحكم أكثر في أسعار النفط وبيع الأسلحة، وصولا إلى إعادة توزيع دول المنطقة ورسم حدودها الجديدة.
سيادة الرئيس:
كل ما سبق، لا يعني مطالبتكم باللجوء إلى القوة في حل المسألة السورية، وأعتقد أن باقي السوريين، والديمقراطيين منهم خصوصاً، كذلك مثلي. لكنني أعتقد أن موقفاً قوياً وجدياً لحكومتكم ولباقي حكومات الغرب كفيل بإيقاف التدخل الروسي، ومن خلفه الإيراني، ومن ثم لفتح الباب أمام الحل السياسي، الذي طالما رأيتم، ورأينا معكم، أنه لا بديل عنه، من أجل مستقبل سورية، والذي يبدأ بتطبيق بنود "إعلان جنيف" المتفق عليه عربياً ودولياً. وإذا كان صحيحاً أن الحرب استمرار للسياسة بوسائل أخرى، فإن السياسة أيضا شكل آخر من أشكال الحرب، وآن لكم أن تلجأوا إليها، إذا كنتم حريصين على تغيير الصورة الكريهة للولايات المتحدة. وأنا أعلم طبيعة وحجم دور المؤسسات الأميركية الراسخ في هذا المجال، وأقدر ذلك عالياً، لكنني أعلم، أيضا، دور رؤيتكم وبرنامجكم الخاص معه، فبذلك، أنتم تتحملون مسؤولية شخصية، وتحققون ببساطة مفهوماً سبق لكم أن تحدثتم عنه في جامعة القاهرة، ويكون لكم، مرة أخرى، دوركم الفعّال والمضيء الذي رآه كثيرون، وأملوا فيه يوم فوزكم بالرئاسة أول مرة.
ودمتم، فخامة الرئيس، لمصلحة أميركا ومصلحة الديمقراطية وحقوق الإنسان والشعوب في كل مكان من هذا العالم.
تحية طيبة وبعد.
أوجه إليك هذه الرسالة المفتوحة، وأنا مقتنع بأنها لن تصل إليك غالباً، ومع ذلك، لدي بقية من أمل في أن تصل، أو ينقل إليك أحد مستشاريك مضمونها، مثلما لدي بقية من أمل في حياتنا على هذا الكوكب، على الرغم من كل الشرور الحاصلة. أوجه، أنا المواطن السوري، وفي الحقيقة، كنت، وما أزال، مجرد مشروع مواطن لم يكتمل تحققه أبداً، إليك هذه الرسالة، نظراً لموقعك ودورك وشخصيتك المعروفة عالمياً.
سبق أن استبشرنا خيراً بفوزك بمنصب الرئاسة، لما له من دلالة انعطافية في تحقيق المساواة في الولايات المتحدة، وفي نضج ديمقراطيتها. وأيضا لما مثله فوزك من تغليب التوجه السلمي على السياسات الأميركية الكريهة، والمتمثل في تخليها عن التدخل العسكري وأساليب التآمر على شؤون الدول والشعوب الأخرى. وكان قراركم بالانسحاب من العراق وإغلاق سجن غوانتانامو دليلين على ذلك، مما سمح بالأمل في أن تتخلص أميركا من صورها النمطية البدائية للإمبراطورية الأميركية التي لا تهتم إلا بنفسها، كما سبق لكم القول. وهي صور كرّست نزعة عداء ضدها لدى شعوبٍ كثيرة، خصوصا في منطقتنا. ولقد ساهمتْ جولاتكم وخطاباتكم اللاحقة في محاولة تغيير تلك الصورالكريهة. لكن، اسمحوا لي أن أقول لكم، بصراحة، إن ممارساتكم اللاحقة لم تعد تسهم في ذلك، بل أخشى أن تعود إلى تكريس تلك الصور مجدداً. فعلى العكس من تحقق مزيد من خطوات برنامجكم ورؤيتكم للديمقراطية والمساواة على الصعد الاجتماعية والصحية وحقوق الإنسان، وتلك مسائل داخلية، لا يسعني إلا أن أعجب بها، فإن سياستكم الخارجية تتناقض مع ذلك التوجه، وتسهم في بناء صور أكثر سواداً لدى شعوبنا العربية، خصوصا في ما يتعلق بأحداث بلدنا سورية.
تعلمون أن الثورة السلمية التي قامت في بلدنا هدفت إلى التغيير والإصلاح، وبقيت ذات طابع سلمي حوالى ستة أشهر، باعتراف جميع المراقبين، فحظيت لذلك بتعاطف وتأييد شعبي ودولي واسعين. لكنها عندما اضطرت إلى حمل السلاح دفاعاً عن شعبها ضد عنف النظام ومجازره، التي لم يسبق لها مثيل، وهو حق دفاع مشروع ومعترف به لدى جميع الشرائع، بدأت دولتكم في حظر السلاح عنه، والضغط على مصادر الأسلحة التي تدعمه. وكانت الطامة الكبرى في تراجعكم عن الخطوط الحمر، التي أعلنتموها ضد استخدام الأسلحة الكيماوية، عندما استخدمتها قوات النظام السوري صباح 22 أغسطس/آب 2013، فقتلت حوالى 1500 مواطن سوري في غوطة دمشق، أغلبيتهم الساحقة من المدنيين والنساء والأطفال.
يومها، تحركتم لمعاقبة النظام المجرم، كما تحرك معكم معظم قادة دول الغرب، ولاحت علامات انهيار النظام، فسارع كثير من ضباطه ورجاله إلى خلع ملابسهم والتحضير لهربهم،
وأؤكد لكم، سيدي الرئيس، أنني وكثيرين غيري من الديمقراطيين السوريين، لم نكن نتمنى وصول الأمر إلى الحرب، وكان يكفي استمراركم بالضغط بدون هوادة على النظام، الذي كان قد بدأ بالرحيل عمليا، قبل أن تبادر روسيا إلى إنقاذه في الساعات الأخيرة.
تراجُعُكم ذاك، واستمرار سياستكم الانسحابية من مشكلات العالم، بينما بلدكم هو القوة العظمى والقائدة للمنظومة الغربية فيه، أدى ذلك كله إلى أن الدول المارقة وديكتاتورياتها الجديدة، دينية من نمط إيران، أو مافيوية من نمط روسيا، أو عصبوية من نمط سورية، وجدت في ذلك فرصتها للاستبداد بشعوبها، وللتدخل بالقوة السافرة في شؤون الشعوب الأخرى. وقد بدأت إيران ذلك، في تدخلها الصريح إلى جانب قوات الأسد لإخماد ثورة الشعب السوري، عبر ذراعها الطائفية المسماة "حزب الله"، ثم عبر مستشاريها وضباطها وفرقها العسكرية أخيراً، بل، وعبر خبرائها الذين كثيراً ما فاوضوا الثوار بديلاً عن النظام نفسه، أما دعمها العسكري الذي ساهم في تدمير أكثر من نصف سورية فليس خافياً على أحد. وقد جرى كل ذلك العنف والتدخل، في الوقت الذي تم فيه التفاوض مع بلدكم، وبلدان الغرب الأخرى، لتوقيع الاتفاق النووي المعروف، وبموازاة حرصكم على إطاره السلمي، كانت إيران وما زالت تنتهك السلام وحقوق شعبنا، وتحت سمع العالم وبصره.
واليوم، تبادر روسيا بوتين إلى احتلال بلدنا، مسلحة بمباركة كنسية تعود بنا إلى عصور التعصب الديني والحروب الصليبية. وتلجأ القاذفات الروسية إلى قصف المدنيين ومواقع المعارضة المعتدلة في معظم هجماتها، بينما لا تكاد تقصف مواقع المتطرفين وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، إلا بنسب ضئيلة، كما شهدت على ذلك مصادركم الغربية بالذات. وبذلك، يسهم الاحتلال الروسي وعملياته العسكرية في تطهير المناطق الواقعة بين سيطرة داعش وسيطرة النظام، ويؤدي واقعياً إلى تقاسم سورية بينهما، بغض النظر عن أية ادعاءات وتبريرات أخرى. وإذا صرّح المسؤولون الروس بأن تدخلهم جاء بهدف الحرب ضد الإرهاب، فالواضح والمعروف أن ذلك يحدث لدعم نظام الأسد أوّلاً.
فخامة الرئيس:
أصارحكم بأن الدول المارقة، وأنظمتها الديكتاتورية الجديدة، وجدت فرصتها في استراتيجيتكم السلمية، وهي تراها متوفرة اليوم في استثمار النزوع الدولي إلى الخلاص من عصر الحروب، والتخلي عن استخدام القوة وسيلة لحل المشكلات بين الأمم. لذلك، بادرت إلى خطف الأحداث في منطقة محورية من مناطق الشرق الأوسط، فارضة مفاهيمها الخاصة للشرعية والمعاهدات،
وبطبيعة الحال، لن تتوقف روسيا وإيران بذلك عند هذا الحد، بل ستفرضان بمبادرتهما وقوتهما الجديدة دوراً موازياً في عديد من مشكلات العالم الأخرى وملفاته المفتوحة، مثل أوكرانيا والنفط وغيرهما، ما دامت سياستكم وسياسة الغرب كله متراجعة، وتنسحب أمام إرهاب المارقين وتجاوزاتهم القوانين والشرائع الدولية.
بالنتيجة، تفقد السياسة الأميركية دورها القيادي في العالم، وتتراجع هيبتها المعروفة، إلى درجة أن تصريحات مسؤوليها في التعليق على العمليات العسكرية الروسية في سورية، لم تعد تختلف عن تعليقات مراقبين وصحافيين عديدين، بينما يقول رأي آخر، إن أميركا، بواسطة هذه السياسة، تترك الباب مفتوحاً أمام روسيا وإيران، لكي تغرقا في المستنقع السوري، من جهة، كما تترك منطقة الشرق الأوسط لكي تضعف وتتدهور، من جهة أخرى، فتضمن بذلك بروز صديقتها الحقيقية، اسرائيل، قوة وحيدة في المنطقة، في حين يسمح استمرار حروب المنطقة للولايات المتحدة بالتحكم أكثر في أسعار النفط وبيع الأسلحة، وصولا إلى إعادة توزيع دول المنطقة ورسم حدودها الجديدة.
سيادة الرئيس:
كل ما سبق، لا يعني مطالبتكم باللجوء إلى القوة في حل المسألة السورية، وأعتقد أن باقي السوريين، والديمقراطيين منهم خصوصاً، كذلك مثلي. لكنني أعتقد أن موقفاً قوياً وجدياً لحكومتكم ولباقي حكومات الغرب كفيل بإيقاف التدخل الروسي، ومن خلفه الإيراني، ومن ثم لفتح الباب أمام الحل السياسي، الذي طالما رأيتم، ورأينا معكم، أنه لا بديل عنه، من أجل مستقبل سورية، والذي يبدأ بتطبيق بنود "إعلان جنيف" المتفق عليه عربياً ودولياً. وإذا كان صحيحاً أن الحرب استمرار للسياسة بوسائل أخرى، فإن السياسة أيضا شكل آخر من أشكال الحرب، وآن لكم أن تلجأوا إليها، إذا كنتم حريصين على تغيير الصورة الكريهة للولايات المتحدة. وأنا أعلم طبيعة وحجم دور المؤسسات الأميركية الراسخ في هذا المجال، وأقدر ذلك عالياً، لكنني أعلم، أيضا، دور رؤيتكم وبرنامجكم الخاص معه، فبذلك، أنتم تتحملون مسؤولية شخصية، وتحققون ببساطة مفهوماً سبق لكم أن تحدثتم عنه في جامعة القاهرة، ويكون لكم، مرة أخرى، دوركم الفعّال والمضيء الذي رآه كثيرون، وأملوا فيه يوم فوزكم بالرئاسة أول مرة.
ودمتم، فخامة الرئيس، لمصلحة أميركا ومصلحة الديمقراطية وحقوق الإنسان والشعوب في كل مكان من هذا العالم.