بيّن استطلاع للرأي نشرته صحيفة هآرتس، تراجعاً في رضى الإسرائيليين عن أداء نتنياهو على رأس الحكومة، مقارنةً برضاهم عن أدائه خلال العدوان على قطاع غزة.
وذكرت الصحيفة أنّ الاستطلاع بيّن تراجعاً بنسبة 22%، مقارنةً بوضع نتنياهو خلال العدوان، فقد سجل الاستطلاع الأخير الذي نشرت نتائجه اليوم الأحد، أن 38% من الإسرائيليين أعربوا عن رضاهم، عن أداء نتنياهو، في حين كانت النسبة 50% إبان العدوان و77% خلال شهر أيلول /سبتمبر الماضي.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ الأجواء الراهنة في إسرائيل، وعلى الرغم من تراجع شعبية نتنياهو، لا تعني بالضرورة عدم قدرة الأخير على تشكيل الحكومة المقبلة، إذ لا يزال 35% من الإسرائيليين، يعتبرون أن نتنياهو هو الأنسب لتشكيل الحكومة المقبلة، ورأى45% منهم أنّه يتعيّن على نتنياهو أن يخوض الانتخابات المقبلة، مقابل 47% قالوا أنّه يتعيّن عليه اعتزال السياسة.
وهذه النسب إذا ما قورنت بنسب التأييد التي يحظى بها باقي زعماء الأحزاب الإسرائيلية، وتحديداً زعيم حزب العمل يتسحاق هرتسوغ، الذي لم تتجاوز نسبة التأييد له في الاستطلاعات الإسرائيلية السابقة الـ15% ، فهذا يعني أنّ نتنياهو لا يزال صاحب الحظ الأكبر، في الفوز في الانتخابات المقبلة وتشكيل الحكومة الإسرائيلية، خصوصاً إذا حافظ الليكود على أعلى عددٍ من المقاعد في الانتخابات، مع توجّه ليبرمان، في الآونة الأخيرة إلى موضعة حزبه كحزب يمين وسط .
في غضون ذلك، تزايدت الدلائل التي تشير إلى أنّ حكومة نتنياهو الحالية، قد لا تنهي فترة ولايتها الرسمية في العام 2016، وأنّ الانتخابات ستجري بين أحد موعدين، فإمّا أن تجري هذه الانتخابات في مارس/آذار المقبل أو أن تجري في أقصى حد في حزيران المقبل.
من جهةٍ أخرى، تواصل الأحزاب الإسرائيلية، المشاركة في الحكومة لعبة الشد والجذب على خلفية "قانون القومية"، بانتظار أن يقدّم نتنياهو ما يدّعي أنّه صيغة معتدلة للقانون، الذي ينصّ حتى وفق نتنياهو، بأنّ فلسطين هي وطن الشعب اليهودي، ومكان إقامة دولته، وأنّ اليهود وحدهم هم من يملكون حق تقرير المصير، وحقوق قومية داخل إسرائيل.
وفي هذا السياق قالت الصحف الإسرائيلية، أنّ نتنياهو أرجأ بحث اقتراح القانون إلى الأسبوع المقبل، سعياً للتوصّل إلى تسوية تمكن تسيبي ليفني ويئير لبيد من دعمه.
وعلى الرغم من احتمالات التوصّل إلى تسوية حول القانون المذكور، إلا أنّ مصادر في الليكود، أكّدت أن نتنياهو اعتبر أنّ عمر الحكومة الحالية بات قصيراً، وأنّه لا يمكن مواصلة الائتلاف الحالي، في ظل الأزمات المتتالية، لا سيما القطعية بينه وبين وزير المالية يئير لبيد.
بدوره، شنّ لبيد أمس السبت، هجوماً شديداً على نتنياهو متهماً إياه بالسعي فقط لضمان بقائه في الحكم، والعودة إلى ديوان رئاسة الحكومة في ولاية قادمة، وسط إهمال القضايا الملحّة، في مقدّمتها رفضه إقرار قانون الميزانية العامة للسنة القادمة.
في المقابل ردّ نتنياهو، بحسب صحيفة هآرتس، بأنّه لن يسمح بتمرير ميزانية لا توفّر الاحتياجات اللازمة للجيش الإسرائيلي، ولا تضمن أمن المواطنين الإسرائيليين. وادّعى أمام مقرّبين من حزبه، بأنّه إذا لم يتمّ التوصل إلى قواعد عمل مشتركة، مع حزب "ييش عتيد"، بقيادة لبيد فإنّه سيضطر إلى تبكير موعد الانتخابات، معلناً أنّه لا يتمسّك بكرسي رئاسة الحكومة.
إلى ذلك، فإنّ الحديث عن تبكير الانتخابات في إسرائيل، سواء تمّ عبر تقديم نتنياهو لاستقالته، أم حجب الثقة عن الحكومة، أم الاتفاق على موعد بين مختلف رؤساء الكتل، لا يعني إجراء انتخابات غداً، وإنّما بعد ثلاثة أشهر في أقل تقدير.
ويبدو أنّ نتنياهو قد حسم أمره لجهة الذهاب إلى انتخابات مبكرة، في أسرع وقتٍ ممكن، حتى يستفيد من نسبة التأييد له، من جهةٍ، ولقطع الطريق أمام أحزاب المعارضة للاستعداد جيداً، وبالأساس قبل زوال "أقر" قانون القومية اليهودية، الذي يستغلّه نتنياهو، كورقةٍ رابحة لدى الناخب الإسرائيلي، مستفيداً من الأجواء الشوفينية القومية والعنصرية السائدة في إسرائيل، من جهةٍ، ومن تلويحه الدائم بالحرب على "الإرهاب"، وديماغوجية التخويف الدائمة، التي يستخدمها وخصوصاً في تهويل خطر "الإسلام الراديكالي" و"داعش" و"حماس"، على مجرد "الوجود اليهودي"، والعودة للترويج للصراع كصراع وجود وليس صراع حدود، مع إشارات واضحة إلى البعد الديني للصراع.
في المقابل، فإنّ اليسار الإسرائيلي التقليدي (حزب العمل وميرتس)، لا يقوى في الظروف السياسية الإسرائيلية، على صد دعاية نتنياهو الديماغوجية، خصوصاً وأنّه يقرّ دائماً بمسألة يهودية الدولة، وإن كان يختلف مع نتنياهو على الشكل والمرجعية، متمسكاً بإعلان الاستقلال الإسرائيلي، وبالحاجة إلى عدم تحويل إسرائيل إلى مسخ مكروه في المجتمع الدولي، يشهر عنصريته ليس فقط البنيوية، بل أيضاً على مستوى التصريح المعلن في قانون "القومية اليهودية".
وفي هذا السياق، يفتقر اليسار الإسرائيلي إلى قائد يتمتع بشخصية كارزماتية، قادرة على مواجهة قدرات نتنياهو البلاغية والدعائية، فيما يبدو يئير لبيد زعيم "ييش عتيد" غير ناضج، على ضوء أدائه وفشله الاقتصادي في ولاية نتنياهو، لأن يشكل بديلاً لبنيامين نتنياهو.