لكن رواء لم تستسلم للظروف وزادت في سعيها للبحث عن فرصة عمل تثبت فيها نفسها وتقهر حالة البؤس التي تلف الأرجاء، حتى اهتدت لمشروع بعيد عن تخصصها، وهو مشتل للورود تشرف عليه بنفسها، فتقدمت بالفكرة إلى مؤسسة إنقاذ المستقبل الشبابية قبل أشهر، فأعجبت إدارة المؤسسة بالفكرة وتم اعتمادها وقدمت الدعم لها للبداية في المشروع.
في مشتلها تشدك الورود والزهور وهي موزعة في نسق جميل، ويجذبك أكثر تناسق الألوان على يد الفتاة الفلسطينية. وجولة داخل المشتل تعود بالزائر إلى ربيع العمر لجمال المكان وكأن يد فنان نقشت فيه كل تلك الألوان الزاهية لتظهر كلوحة فنية.
بدأت رواء بخوض دورات تدريبية تتعلق بالبيئة والزراعة وجني الورد وآلية نقله بشكل سليم من مكان لآخر، وكل ما يتعلق بزراعته. تقول الشابة العشرينية لـ"العربي الجديد": "بعد إنهاء الدورات التدريبية الخاصة بالزراعة، بدأت العمل في المشتل في شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، فاستأجرت مساحة دونم بمنطقة الزنة، شرق خان يونس، جنوب قطاع غزة، وأقمت مشروعي على مساحة 300 متر منها، وفي شهر يناير/كانون الثاني جلبت بذور الورد بأنواعه المختلفة، وقمت بزراعته في منتصف يناير، والآن أزهر ونمى، وسأشرع بعملية الترويج والتسويق لأضمن اكتمال المشروع الذي بدأته قبل أشهر".
جمال الورد وروائحه الزكية تملأ كل زاوية في المشتل، فينقلب كالسحر على النفس يمنحها شعوراً بالراحة والطمأنينة والسكينة والسعادة.
كان حب الزهور واحداً من الدوافع القوية للقيام بهذا المشروع، فالورد يزرع فيها الحب والأمل المفقود في غزة المحاصر. تقول رواء: "أحب الخضرة والزهور ولا ينقطع ذلك من فناء بيتي، وأنا جزء من نسيج سكان قطاع غزة الذين يسعون دوما لمعانقة الجمال، فغزة هي الجمال والطيبة، غزة جميلة بأهلها وأرواحهم الطيبة".
فكرة إقامة مشروع مشتل ورود وزهور تشرف عليه فتاة لا تخلو من متاعب نظرا لحجم الجهد والتعب، لكن إنتاجه يبدو مقبولاً وينسي رواء كل ذلك.
واجهت رواء في البداية صعوبات في إقناع الأهل والجيران بجدوى مشروعها وقدرتها على تنفيذه، لكنها لم تلتفت إلى ذلك كله، واعتمدت على ثقتها بنفسها وبدأت العمل حتى توج العمل بالنجاح، واستطاعت أن تغير قناعة من شكّوا في قدراتها وسعدوا بعد ذلك بنجاحها وقاموا بزيارتها في المشتل.
وتحاول النجار جلب أنواع أخرى وجديدة من بذور الورد من مصر والأراضي المحتلة لتضيفها إلى مشتلها الخاص، مشيرة إلى أن الجانب المصري صادر البذور وأتلفها، وتنتظر وصول طلبية بذور لها من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.
أما عن التسويق، فستعتمد الفتاة على عرض الورود في الأسواق عبر عامل مساعد، وأبدعت وسيلة جديدة لبيع الورود في تحف فنية خشبية عليها طلاء بألوان مختلفة يمكن تدوين كلمات وأسماء فيها بطريقة جميلة لتقديمها كهدية للأحبة والأصحاب، وستستفيد من مواقع التواصل الاجتماعي في الترويج والإعلان عن الورود والأزهار للبيع.