روني طرابلسي لـ"العربي الجديد":نستهدف 10 ملايين سائح وهناك رقابة على الإيرادات
قال وزير السياحة التونسي، روني طرابلسي، إن بلاده تستهدف الوصول بأعداد السائحين إلى 10 ملايين خلال العام المقبل، 2020، مشيراً إلى تحسن القطاع بعد رفع الحظر على السفر، الذي فرضته العديد من الدول في 2015.
وأضاف طرابلسي في مقابلة مع "العربي الجديد"، أن هناك تزايداً في الاستثمارات الخليجية بالسياحة في تونس. وإلى نص المقابلة.
ــ أسابيع قليلة قبل انطلاق موسم الذروة السياحية، هل تظهر الحجوزات ما تعهدت به الوزارة باستقطاب 9 ملايين سائح لهذا العام، أم أن هناك متغيرات تحد من هذا الهدف؟
أغلب المؤشرات تدل على أننا قادرون هذا العام على تجاوز الـ9 ملايين سائح. الموسم الحالي يتميز بارتفاع الحجوزات المبكرة على خلاف المواسم الماضية التي عوّلت خلالها النزل (الفنادق) على حجوزات "الساعة الأخيرة".
وبحسب الأرقام المتوفرة لدينا، فإن نسبة الحجز في النزل بالمدن الساحلية بلغت 100 بالمائة إلى حدود سبتمبر/ أيلول المقبل. واقتناء وكلاء الرحلات المبكر للغرف ومقاعد الطائرات دليل على عودة المراهنة على السوق التونسية، التي سجلت زيادة في عدد الوافدين بنسبة 18 في المائة إلى حدود 20 إبريل/ نيسان الماضي، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي ليبلغ عدد السياح نحو 1.99 مليون.
المؤشر الثاني الإيجابي، الذي يؤكد إمكانية تجاوز الرقم المستهدف هو زيادة عدد الوافدين من السوق الأوروبية بنسبة 31.2 في المائة. فالجهود التي بذلتها وزارة السياحة لاستعادة الأسواق التقليدية بدأت تؤتي ثمارها، وننتظر عودة لافتة هذا العام للسوقين الألمانية والبريطانية، فضلا عن الأسواق الجديدة التي نعمل عليها، خاصة الآسيوية والأفريقية، وهذه الأسواق تتميز بنسبة إنفاق عالية، ما يساهم في رفع إيرادات القطاع من العملة الصعبة وتنشيط مختلف القطاعات المرتبطة بالسياحة وأهمها الصناعات التقليدية.
ــ لكن البعض يرى رغم هذه المؤشرات الإيجابية أن القطاع ما زال هشاً وشديد التأثر بالوضع السياسي في الدول وكذلك التطورات الإقليمية؟
لا يمكن إنكار أن القطاع لا يزال هشاً، ونحن على وعي بضرورة معالجة نقطة الضعف هذه، عبر تحسين صورة الوجهة التونسية، وكانت لنا في هذا الصدد لقاءات عدة مع مسؤولين من كبريات شركات السياحة العالمية، لإبراز نقاط قوة السياحة التونسية وتنوع المنتجات في هذه الوجهة.
تونس نجحت إلى حد ما في تقليص مخاطر الإرهاب، وتحسين الوضع الأمني، خاصة في المسالك السياحية، وهذا مطلب مهم لوكلاء الأسفار من مختلف الأسواق.
الخطة الحكومية تركز على إبراز النجاحات الأمنية وتسويق تونس كوجهة آمنة وبلد تقدمي منفتح يحترم الحريات، وهذه شروط مهمة بالنسبة للأسواق الأوروبية، لا سيما السوق البريطانية.
ومقاومة هشاشة القطاع تحتاج أيضا إلى تنويع العرض للسائح الأجنبي، وتقوية المخزون الطبيعي الذي تتميز به تونس، وأعتقد أن الوجهات المنافسة التي نجحت في تخطي تداعيات الإرهاب نجحت إلى حد ما في تطبيق هذه الوصفة.
ــ على ذكر السوق البريطانية، كانت لكم لقاءات عدة مع مسؤولين بريطانيين وحصلتم على وعود باستعادة هذه السوق، فهل تأكدت جديّة هذه الوعود عبر الحجوزات، وهل كانت للبريطانيين شروط خاصة مقابل رفع حظر السفر على تونس كما يردد البعض؟
البريطانيون دفعوا أكبر عدد من الضحايا في العمليات الإرهابية التي وقعت عام 2015 بمتحف باردو (في العاصمة) ومنتجع الانبريال في سوسة (جنوب)، ومن الطبيعي أن تكون لهم طيلة السنوات السابقة تحفظات على الوجهة التونسية، ولكن هذه التحفظات زالت بتأكيد من مسؤولين بريطانيين.
رفع هذه التحفظات جاء بعد زيارات تفقد ميدانية متعددة قام بها متعهدو الرحلات البريطانيين إلى تونس، ونتوقع هذا العام زيارة ما لا يقل عن 140 ألف سائح بريطاني مع إمكانية رفع هذا الرقم في المواسم القادمة إلى 200 ألف.
هنا لا بد من الإشارة أيضا إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي خدم السياحة التونسية، لأن السائح البريطاني حوّل وجهته من الأسواق الأوروبية نحو تونس.
ــ تكشف أرقام البنك المركزي أن إيرادات السياحة لم تتحسن بالقدر الكافي رغم زيادة عدد الوافدين، فما هو تفسيركم لضعف هذه الإيرادات، وما مدى صحة ما لمّح إليه محافظ البنك المركزي السابق الشاذلي العياري بإبقاء مهنيي السياحة لجزء من هذه الإيرادات في حسابتهم بالخارج؟
تحسن إيرادات السياحة مرتبط بشكل وثيق بتحسن سعر الصرف مقابل اليورو والدولار، وليس خافياً أن انزلاق سعر الدينار أثر بشكل مباشر على إيرادات القطاع، ونأمل بداية من هذه العام تحسناً في الإيرادات، لعاملين مهمين، وهما استقرار سعر الدينار في الأشهر الأخيرة من جهة، وإلزام كل مهنيي السياحة بتوقيع العقود مع وكلاء الرحلات باليورو والدولار، وهو ما من شأنه أن يكسب التعاملات في القطاع المزيد من الشفافية ويدعم تدفقات النقد الأجنبي من عائدات السياحة.
وفي ما يتعلّق بتلميحات سابقة لمحافظ البنك المركزي السابق الشاذلي العياري بإبقاء مهنيي السياحة لجزء من العائدات في حسابات خارجية، أعتقد أن هذا الأمر غير صائب، لأن مراقبة الحسابات من صلب اختصاص البنك المركزي والسلطات النقدية.
ــ تبدون تفاؤلا كبيرا بشأن الموسم السياحي الحالي في الوقت الذي تعاني فيه شركة الخطوط التونسية وهي شريك أساسي في نقل السياح، من صعوبات كبيرة قال مهنيو السياحة إنها قد تتسبب في إفشال الموسم، فما هو ردكم؟
الحديث عن إفشال الموسم أمر مبالغ فيه، لكن هذا لا يحجب الصعوبات الحقيقية التي يعيشها قطاع النقل الجوي، بسبب الأزمة المالية التي تتخبط فيها شركة الخطوط التونسية.
لكن هناك حلولا عاجلة تعمل الحكومة على تفعيلها قبل ذروة الموسم السياحي عبر تأجير طائرات إضافية وتموين الخطوط التونسية من خط تمويل لاقتناء قطع الغيار للطائرات التي تعاني من الأعطاب لتعزيز الأسطول، وهذه المشاكل تبقى ظرفية، باعتبار أن أسطول الناقلة الجوية التونسية سيتعزز بداية من العام القادم بخمس طائرات جديدة، وهو مكسب مهم للقطاع السياحي الذي يتأهب إلى قفزة نوعية في السنوات الثلاث القادمة.
فتونس ستكون في السنوات القريبة القادمة واحدة من أهم الوجهات السياحية العالمية، وهذا ما لمسناه في كافة لقاءاتنا مع عمالقة السياحة، وخاصة شركتي توماس كوك وتوي الأوروبيتين.
ــ أعلنت وزارة السياحة خطة للجودة وإعادة تصنيف النزل، ما هي الكلفة المالية لهذه الخطة، وكيف سيتم توفير التمويلات، وهل سيقبل المهنيون بخفض عدد نجوم فنادقهم في حال أثبتت تقارير الوزارة عدم تلاؤم التصنيف مع الخدمات في هذه الفنادق؟
قرار إعادة تصنيف النزل تم اتخاذه بالتشاور مع أصحاب المهنة، ووجدنا تسهيلات من قبل الهياكل، لأن كراس الشروط المعتمد حاليا يحتاج إلى تعديلات، وتطبيق كراس الشروط الجديد يفرض على النزل احترام وتطبيق المواصفات الجديدة، وهي مواصفات معتمدة في الدول المتقدمة وتساعد نزلنا على الارتقاء بالخدمات والاقتراب من المواصفات الدولية، التي يشترطها كبار متعهدي الرحلات.
إعادة تصنيف النزل ليس عقابا، بل هو إجراء في إطار خطة متكاملة لمقاومة هشاشة القطاع السياحي، وضمان صلابتها واستدامة أكثر من 400 ألف فرصة عمل.
السياحة ليست فقط موردا للنقد الأجنبي، وإنما هي مُشغل مهم وقطاع جالب للاستثمارات، وأي تطور في القطاع يساوي المزيد من فرص العمل المحدثة ومساهمة أعلى في نسب النمو العامة.
ــ في السنوات السابقة راهنت وزارة السياحة على السوقين المغاربية والروسية لترميم ما خلفته اعتداءات باردو وسوسة على القطاع، فما هي الأسواق التي تراهنون عليها هذا العام؟
السوق الروسية مهمة جدا لتونس وكذلك المغاربية، وسنواصل العمل على زيادة الرحلات القادمة من روسيا، غير أن وجهتنا الجديدة هي الأسواق الخليجية والصينية، وقد وجدنا اهتماماً كبيراً من متعهدي الرحلات الصينيين ونسعى إلى زيادة عدد الرحلات من مدن صينية عدة باتجاه تونس فالسائح الصيني له مميزات مهمة بالإضافة إلى قدرته الإنفاقية العالية، فهو يهتم كثيراً بالتنقلات الداخلية، وهذا ما من شأنه أن ينشط الحركة السياحية حتى داخل المسالك الأقل إقبالا من سياح الأسواق التقليدية.
أيضا هناك تركيز على السوق الأفريقية، لأن السياح الأفارقة يأتون حالياً إلى تونس لأغراض صحية استشفائية بالأساس، لكن يمكن تحويل جزء من إقامتهم نحو الفنادق والمنتجات السياحية.
ــ بحسب اعتقادكم ما الذي يمنع السياحة اليوم من التحول إلى قطاع اقتصادي جالب للاستثمار الخارجي؟
السياحة تملك كل مقومات القطاع الجالب للاستثمارات الخارجية، ورغم فترة الانتكاسة التي مرت بها، إلا أن تونس تسجل اليوم تدفقاً استثمارياً مهمّاً، حيث فتحت العديد من المجموعات السياحية العالمية فنادق في تونس منها الفورسيزون، ومجموعة الديار القطرية، لكن هذا لا يمنع أن يجري العمل بشكل أكبر على إقناع المستثمرين، خاصة العرب والخليجيين للاستثمار في القطاع، وقد لمسنا استعداداً من قبل العديد من المستثمرين لضخ رؤوس أموال في تونس إبان مشاركتهم في القمة العربية.