الكِتاب الذي نمتُ عليه، استيقظت وألفيته بجانبي. على الغلاف، صورة الخبّاز الروماني تيرنتيوس وزوجته، بحثت كثيراً عن اسمها بلا طائل. فكّرت أنهما أكثر من زوجين، كم يشبهان بعضهما بعضاً. العيون نفسها، استطالة الوجه والفم؛ كأنهما توأمان.
الصفحة في يد الرجل مطوية، القلم في يد المرأة، هذا الذي في يدها الأخرى، قد يكون دفتر يومياتها. إنها تقرّب القلم من فمها، تشكّ في فكرتها.
صحيح أنهما معاً، لكن كل منهما وحيد، غارق في نقطة ما من عقله، النقطة متعلّقة بالصحيفة المطوية، والقلم الذي يلامس الشفاه. القراءة والكتابة فعل حميم في حياتهما. هذه الصورة ليست للخباز وزوجته سنة 79 قبل الميلاد، إنها صورة زواج القراءة من الكتابة.
قرون مرّت قبل أن أتأمّل صورة الزوجين، وكنت قرأت "جين آيير" لشارلوت برونتي. دائماً سألت القارئة التي في داخلي، لماذا تقول الشخصية في الخاتمة: Reader, Reader, I married him. الترجمة الحرفية ستحيل بلا شك إلى أسلوب خطاب الكتّاب للقرّاء في روايات ذلك القرن.
لكن لماذا في هذه اللحظة الختامية بالذات. أم أن العبارة هنا، ليست على لسان جين (البطلة) بل برونتي (الكاتبة)، وهي تعلن زواجها مني (القارئة)، وليس زواج جين من روتشيستر (البطل).
إذا كان ذلك صحيحاً، وكانت كاتبة من القرن التاسع عشر تمرّر بخجل زواج الكاتبة من قارئها، فإنها سابقة برونتي التي مرّت بين السطور كما لو كانت زواجاً سرياً.
اقرأ أيضاً: ألفة الاغتراب