وأكّد الملك، ضمن رسالة وجهها مساء الجمعة إلى الندوة التي نُظمت بمبادرة من رفيق بنبركة في طريق النضال السياسي، عبد الرحمان اليوسفي، أن الناشط المعارض الراحل، والذي كان أحد أشهر معارضي والده الملك الراحل الحسن الثاني، "كان شعلة متقدة من الحيوية، وأن تاريخه لا يملكه شخص أو حزب واحد، بل هو ملك مشاع للمغاربة".
وأضاف العاهل المغربي أن "بنبركة دخل التاريخ، على الرغم من أنه لا يوجد تاريخ سيّئ وآخر جيد"، مبرزاً أنه "يجب ألا ننس أن أعداء المغرب عمدوا إلى استغلال قضية بنبركة، بغية الإساءة إلى سمعة البلاد"، في إشارة إلى الاتهامات التي وُجهت للدولة بشأن مصيره الغامض.
ووصف محمد السادس الراحل، ضمن رسالته التي تلاها اليوسفي، بأنّه "رجل كان يرنو نحو السلم، وبأنه كان قريباً من العائلة الملكية"، وهي إشارة واضحة إلى علاقة بنبركة بالملك الراحل الحسن الثاني، حيث كان أستاذه في مادة الرياضيات، وأردف "لا تزال فيه العديد من التساؤلات مطروحة من دون إجابة"، بخصوص اختطافه واختفائه.
وتعد هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها العاهل المغربي محمد السادس، منذ سنة 1999 بعد اعتلائه سدة الحكم في المملكة، عن الزعيم اليساري الشهير، المهدي بنبركة، ما اعتبره مراقبون بأنّه قد يكون خطوة تمهد لإحداث انفراج في قضية بنبركة، من خلال تحريك قضيته، والبحث عن قبره ومكان دفنه.
قبر بنبركة هذا شكل مطلب "زعيم الاشتراكيين" المغاربة، عبد الرحمان اليوسفي، والذي طالب في مداخلته، مساء الجمعة، الدولة بأن تعمل على الكشف عما يوجد لديها من معطيات بخصوص قبر رفيق دربه منذ سنوات الأربعينيات في القرن الماضي، حتى تعرف أسرته أين رفات المهدي.
وشدد اليوسفي، في كلمته بمناسبة الذكرى الخمسين لاختطاف واغتيال بنبركة، على أن "الحقيقة ملك للجميع، ولا يمكن لأحد أن يصادرها مهما كان"، مضيفاً أن "المغاربة وأحرار العالم مصرون على معرفة حقيقة اغتيال بنبركة، ووضع حد لجنازة دامت 50 سنة" وفق تعبيره.
ودعا اليوسفي كل البلدان التي قد تكون لها علاقة بجريمة اختطاف واغتيال بنبركة، سواء التي شاركت في الجريمة، أو التي وقعت فوق ترابها، في إشارة إلى الدولة الفرنسية، إلى أن تكشف عن الحقائق الموجودة لديها بخصوص هذا الملف، حتى يكون للشهيد قبر يؤوي رفاته، وتستطيع أسرته كتابة اسمه عليه.
بدوره، قدّم السياسي والدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي، والذي وفد إلى المغرب، شهادة في حق "رفيقه" كما وصفه، وعاد بالتاريخ إلى أكثر من نصف قرن عندما أخبره بنبركة أنه يريد السفر إلى باريس للتحضير لأشغال مؤتمر القارات الثلاث، "فتعجبت لأنه كان دائماً يخبرني بأنه يخاف السفر إلى باريس لأن سلامته مُهددة"، مضيفاً أنه "يعتقد بأن الذي دفع الراحل للسفر أنّه حصل على تطمينات بعدم تعرضه لأذى".
ووصف الإبراهيمي رفيقه بأنّه "كان دينامو لأنني لم أشاهد في حياتي رجلاً يأتي كل صباح ومعه أكثر من 50 فكرة جديدة حتى لو كانت غالبيتها غير صالحة فإن ثلاثة أفكار تكون صالحة"، لافتاً إلى "أنّه في فترة الخمسينيات والستينيات كان يلتقي بنبركة في القاهرة لأنها كانت مركز حركات التحرر، إذ لم تكن هناك حركة تحرر في أفريقيا إلا وكان لها مرور بالقاهرة".