19 نوفمبر 2024
سفارة إيرانية في القدس؟!
كثيراً ما كان يدهمني السؤال ذاته، كلما استمعت إلى تصريح ناري صادر عن أحد المسؤولين الإيرانيين، وكان الاستغراب يلح عليّ أكثر فأكثر، كلما وقعت على موقف لأحدهم في طهران، يرعد ويزبد، يفيض بالتهويل والمبالغات، حيث كنت أقول في نفسي، من يصدّق هذا الهراء؟ من يشتري هذه البضاعة البائرة، من هم المخاطبون بمثل هذا الكلام الفارغ؟ هل عامة الناس المفعمين بحسن النية في العالم العربي، ممن يسهل تسويق هذه العنتريات عليهم بلا نقاش؟ أم هم المواطنون المعزولون عن العالم في بلاد فارس والأهواز، ممن غُسلت أدمغتهم على أيدي الملالي وقادة الحرس الثوري؟
أعاد هذا السؤال طرح نفسه بشدة، أخيرا، على ضوء ما تواتر، خلال أيام قليلة، من مواقف إيرانية عالية السقف، إن لم نقل بلا سقف، تمثل أولها بافتتاح سفارة إيرانية افتراضية في القدس، وثانيها تجسّد في الصورة المركبة المنشورة على موقع المرشد الأعلى، لعدد من قادة التحالف الإيراني يؤدّون الصلاة في رحاب المسجد الأقصى، بإمامة الشيخ حسن نصر الله، أما ثالثها فقد جاء على لسان نصر الله نفسه، بقوله: إننا اليوم أقرب ما نكون إلى تحرير القدس من أي يوم مضى.
في حيثيات افتتاح السفارة المتخيّلة، المعلن عنها عشية الذكرى السنوية ليوم القدس الإيراني، أقر البرلمان الذي يترأسه علي لاريجاني، بالإجماع، تشريعاً يُلزم حكومة حسن روحاني بافتتاح سفارة افتراضية للجمهورية الإسلامية في القدس، خلال ستة أشهر من تاريخه، ردّاً على اعتراف ترامب ببيت المقدس عاصمة لإسرائيل، وذلك للحيلولة دون تهويد المدينة المقدسة، وإفشال المخططات الصهيو أميركية. فيما اتخذ البرلمان ذاته خطوة عملية واحدة، وهي بيت القصيد هنا، إلغاء قرار حظر التنافس مع الرياضيين الإسرائيليين في المسابقات الدولية.
أما في صورة المصلين في الأقصى، وهي المسألة التي حظيت بسجال أوسع مما نالته السفارة الافتراضية، لما احتشد فيها من رموزٍ اصطفت بتراتبية مدروسة، ولما غاب عنها من شخوص "ممانعة"، وفي مقدمتهم قادة المليشيات العراقية، فقد بدا الفلسطينيان الوحيدان في مقدّمة الصورة، الشيخ إسماعيل هنية، ومفتي الديار الفلسطينية (زياد نخالة حُذف إلى الخلف مع العوام)، فقد بدا الاثنان وكأنهما ضيفان طارئان عند أرباب البيت، المقدسيين أباً عن جد، حسن نصر الله وقاسم سليماني وعبد الملك الحوثي، ربما لأن هنية كان قد تورّط في وصف سليماني بشهيد القدس، وكرّرها ثلاثا.
يبقى من عينة المواقف الإيرانية هذه، المعبرة عن ذهنية غرائبية مغرقة في عدميتها، قول زعيم حزب الله، وهو أكثر الناطقين باسم المرشد الأعلى بلاغة: إننا اليوم أقرب ما نكون إلى تحرير القدس، في إيماءة من الرجل القابع في مخبئه منذ عقدين، إلى أنه اهتدى، بعد لأي، إلى الطريق الذي مر بالقلمون وحمص وحلب، بغداد والبصرة، صنعاء وصعدة، وأصبح، مع حلف الأقليات جاهزاً لغزوة إلهية جديدة، على غرار الغزوة الإيرانية السنيمائية لواشنطن قبل فترة، حيث تم قتل ترامب، وهزيمة أميركا شر هزيمة، وتحويل مبنى الكونغرس إلى حسينية باذخة، وغير ذلك من الهرطقات المثيرة للسخرية السوداء.
أحسب أن لا أحد من خصوم الجمهورية الإسلامية، ولا حتى من كارهي عبث وجنون فتنتها المذهبية في العالم العربي، لا يشارك الإيرانيين أمانيهم في تحرير القدس، على الرغم من أن الفرس الذين أعادوا اليهود إليها بعد السبي البابلي، لم يطلقوا، طوال تاريخهم، من كسرى إلى الخميني، رصاصة طائشة، حتى لا نقول صاروخاً، على "الغدّة السرطانية" هذه، باستثناء الرئيس السابق أحمدي نجاد الذي ألقى باتجاهها حجراً في زيارته جنوب لبنان قبل أعوام.
في المقابل، فإن الناس في بلادنا لا يصدّقون، عدا قلة قليلة مفتونة بالشعارات الغوغائية، أن من يلعنون عمر بن الخطاب فاتح القدس (إيلياء) ويهينونه قياماً قعوداً، ويقولون في محرر بيت المقدس، صلاح الدين الأيوبي، كلاماً سفيهاً، لديهم النية المخلصة لدخول القدس مكبرين مهللين، وإقامة صلاة النصر في المسجد الأقصى، إلا إذا كان المضمر في الصدور الآثمة استبدال احتلالٍ بآخر، ورفع الراية السوداء على قباب المدينة، تماماً كما فعلوها في البلاد الشامية، وذلك تحقيقاً لشعار "اليوم القدس وغداً مكة".
في حيثيات افتتاح السفارة المتخيّلة، المعلن عنها عشية الذكرى السنوية ليوم القدس الإيراني، أقر البرلمان الذي يترأسه علي لاريجاني، بالإجماع، تشريعاً يُلزم حكومة حسن روحاني بافتتاح سفارة افتراضية للجمهورية الإسلامية في القدس، خلال ستة أشهر من تاريخه، ردّاً على اعتراف ترامب ببيت المقدس عاصمة لإسرائيل، وذلك للحيلولة دون تهويد المدينة المقدسة، وإفشال المخططات الصهيو أميركية. فيما اتخذ البرلمان ذاته خطوة عملية واحدة، وهي بيت القصيد هنا، إلغاء قرار حظر التنافس مع الرياضيين الإسرائيليين في المسابقات الدولية.
أما في صورة المصلين في الأقصى، وهي المسألة التي حظيت بسجال أوسع مما نالته السفارة الافتراضية، لما احتشد فيها من رموزٍ اصطفت بتراتبية مدروسة، ولما غاب عنها من شخوص "ممانعة"، وفي مقدمتهم قادة المليشيات العراقية، فقد بدا الفلسطينيان الوحيدان في مقدّمة الصورة، الشيخ إسماعيل هنية، ومفتي الديار الفلسطينية (زياد نخالة حُذف إلى الخلف مع العوام)، فقد بدا الاثنان وكأنهما ضيفان طارئان عند أرباب البيت، المقدسيين أباً عن جد، حسن نصر الله وقاسم سليماني وعبد الملك الحوثي، ربما لأن هنية كان قد تورّط في وصف سليماني بشهيد القدس، وكرّرها ثلاثا.
يبقى من عينة المواقف الإيرانية هذه، المعبرة عن ذهنية غرائبية مغرقة في عدميتها، قول زعيم حزب الله، وهو أكثر الناطقين باسم المرشد الأعلى بلاغة: إننا اليوم أقرب ما نكون إلى تحرير القدس، في إيماءة من الرجل القابع في مخبئه منذ عقدين، إلى أنه اهتدى، بعد لأي، إلى الطريق الذي مر بالقلمون وحمص وحلب، بغداد والبصرة، صنعاء وصعدة، وأصبح، مع حلف الأقليات جاهزاً لغزوة إلهية جديدة، على غرار الغزوة الإيرانية السنيمائية لواشنطن قبل فترة، حيث تم قتل ترامب، وهزيمة أميركا شر هزيمة، وتحويل مبنى الكونغرس إلى حسينية باذخة، وغير ذلك من الهرطقات المثيرة للسخرية السوداء.
أحسب أن لا أحد من خصوم الجمهورية الإسلامية، ولا حتى من كارهي عبث وجنون فتنتها المذهبية في العالم العربي، لا يشارك الإيرانيين أمانيهم في تحرير القدس، على الرغم من أن الفرس الذين أعادوا اليهود إليها بعد السبي البابلي، لم يطلقوا، طوال تاريخهم، من كسرى إلى الخميني، رصاصة طائشة، حتى لا نقول صاروخاً، على "الغدّة السرطانية" هذه، باستثناء الرئيس السابق أحمدي نجاد الذي ألقى باتجاهها حجراً في زيارته جنوب لبنان قبل أعوام.
في المقابل، فإن الناس في بلادنا لا يصدّقون، عدا قلة قليلة مفتونة بالشعارات الغوغائية، أن من يلعنون عمر بن الخطاب فاتح القدس (إيلياء) ويهينونه قياماً قعوداً، ويقولون في محرر بيت المقدس، صلاح الدين الأيوبي، كلاماً سفيهاً، لديهم النية المخلصة لدخول القدس مكبرين مهللين، وإقامة صلاة النصر في المسجد الأقصى، إلا إذا كان المضمر في الصدور الآثمة استبدال احتلالٍ بآخر، ورفع الراية السوداء على قباب المدينة، تماماً كما فعلوها في البلاد الشامية، وذلك تحقيقاً لشعار "اليوم القدس وغداً مكة".
دلالات
مقالات أخرى
12 نوفمبر 2024
05 نوفمبر 2024
29 أكتوبر 2024