يضطر التاجر الفلسطيني، محمد المدهون، للاعتماد على مصادر الطاقة البديلة في غزة بشكل يومي، لتوفير التيار الكهربائي في محله التجاري، بغرض تبريد السلع والمواد الغذائية التي تحتاج لذلك، في ظل استمرار أزمة انقطاع التيار الكهربائي، وسط آمال باتخاذ خطوات فعلية على الصعيد الرسمي لإنهاء معاناة القطاع.
وأعلنت الحكومة الفلسطينية في وقت سابق من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، أنها تعكف على إعداد خطة لإنعاش قطاع الطاقة الكهربائي في غزة خلال العام الجاري، وأنها تعمل على توفير الإمكانات كافة، بما في ذلك الموارد المالية والخطط لزيادة مصادر الطاقة في القطاع.
وأكدت الحكومة برئاسة رامي الحمد الله، أن غزة بحاجة إلى تضافر كافة الجهود بالتكامل ما بين الأطراف ذات العلاقة وفي مقدمتهم القطاع الخاص بهدف إعادة بناء الاقتصاد في قطاع غزة وإعادة اللحمة للاقتصاد الوطني.
ومع تسلم حكومة التوافق الوطني مهامها في قطاع غزة المحاصر إسرائيليًا منذ عام 2006، استبشر الغزيون خيراً بانعكاس ذلك بشكل إيجابي على واقع التيار الكهربائي، وإمكانية عودة الكميات التي قلصها الاحتلال، بعد قرار السلطة الفلسطينية بتخفيض مدفوعاتها الشهرية المخصصة لدفع فواتير إمدادات الكهرباء من إسرائيل بنسبة 30%.
ويقتصر عدد ساعات وصل التيار الكهربائي حالياً على 4 ساعات فقط، تصل في أفضل الأحوال إلى 6 مع انقطاع يتجاوز 12 ساعة، الأمر الذي ينعكس بشكل سلبي على حياة الغزيين، لا سيما أصحاب المحال التجارية والمصانع وورش العمل الحرفية.
ويقول التاجر محمد المدهون لـ "العربي الجديد" إن أزمة الكهرباء تنعكس بشكل سلبي على واقع الحياة اليومي للغزيين، وعليهم بشكل خاص كتجار وأصحاب مصالح تجارية، وهو ما ينعكس حتى على عوائدهم المالية، التي تجبرهم على محاولة توفير المصادر البديلة المرتفعة مقارنة مع أسعار التيار الكهربائي العادية.
ويضيف أنه منذ تسلم حكومة التوافق الوطني لمهامها في القطاع، ارتفعت آمال الغزيين كثيراً بأن يؤدي ذلك لتحسن عدد ساعات وصل وفصل التيار الكهربائي إلى 8 ساعات وصل و8 قطع كما كانت قبل عدة شهور، والوصول لحل جذري ينهي الأزمة كليا.
ويشير إلى أن تمكن الحكومة من حل هذه الأزمة سينعكس بشكل إيجابي على حياة الغزيين اليومية خصوصا التجار منهم، وسيؤدي إلى خفض النفقات التشغيلية التي يدفعونها من أجل توفير التيار الكهربائي من أجل استمرارهم في عملهم وعدم توقف منشآتهم عن العمل.
أما حال صاحب ورشة الحدادة محمد الحلو، فلم يكن أفضل بكثير عن سابقه، إذ يضطر للعمل في أوقات ساعات وصل التيار الكهربائي، التي يتصادف تواجدها في ساعات النهار، أو الاعتماد على مولد صغير لا يكفي لتشغيل كامل الورشة من أجل إنجاز بعض الأعمال المستعجلة لأصحابها.
ويقول الحلو لـ "العربي الجديد" إنه يأمل أن تقوم حكومة التوافق الوطني باتخاذ خطوات سريعة من شأنها الحد من حدة الأزمة المتفاقمة، والتي ستزداد بشكل أكثر من حلول الشتاء نظراً لزيادة الاستهلاك الكهربائي لدى المواطنين والذي يشتد في أوقات الصيف والشتاء.
ويؤكد الحرفي الغزي على أن انعكاسات أزمة التيار الكهربائي على واقع الحياة اليومية للغزيين بات سيئاً للغاية وأحد أهم الظواهر السلبية التي مل منها السكان نظراً لعدم وجود أي بوادر حقيقة تنهي جدول ساعات وصل وفصل الكهرباء من القاموس اليومي لدى المواطن الغزي.
وطيلة السنوات الماضية، برزت الكثير من الوعود بحل أزمة التيار الكهربائي، وتوفير العديد من الحلول كسفينة ترسو قبالة شواطئ القطاع تعمل على توفير الكهرباء المطلوبة أو إنشاء محطة توليد تيار كهربائي جديدة تعمل على الطاقة الشمسية وغيرها من الحلول التي لم تر النور بعد.
ويؤكد مدير العلاقات العامة والإعلام في شركة توزيع كهرباء غزة، محمد ثابت، لـ "العربي الجديد" أن ملف التيار الكهربائي بكل تفاصيله بات أمام حكومة التوافق الوطني، والذي يحتاج لاتخاذ قرارات وإجراءات عملية على الأرض لتحسين الوضع الحالي.
ويشير ثابت إلى أن جدول الوصل والفصل الحالي للتيار الكهربائي يقتصر على 4 ساعات وصل و12 ساعة فصل في ظل الشح الشديد في مصادر الطاقة نظرًا لتعطل الخطوط المصرية واقتصار ما تنتجه محطة التوليد على 55 ميغا واط و70 ميغا واط ترد عبر الخطوط الإسرائيلية.
ويلفت المسؤول في شركة توزيع الكهرباء إلى أن شبكة الكهرباء الحالية تحتاج إلى استثمارات مالية كبيرة من أجل تأهيل مختلف المناطق في القطاع، بالإضافة إلى أن حل أزمة التيار بشكل كامل وضمان وصولها دون انقطاع متوقف على تنفيذ مشاريع استراتيجية كبيرة تحتاج لأموال ووقت.
وكان القائم بأعمال رئيس سلطة الطاقة الفلسطينية، ظافر ملحم، تحدث في وقت سابق أن خطة الإنعاش التي اعتمدتها الحكومة تهدف لزيادة فعالية وكفاءة المتاح من الطاقة الكهربائية، مع حث المواطنين على ترشيد الاستهلاك بهدف تقليص نسبة العجز من 70% إلى 50% حتى نهاية العام.
وأشار إلى أن إعادة الكهرباء على مدار الساعة، تتطلب بناء شبكات جديدة وتوفير مصادر إضافية للطاقة وموارد مالية كبيرة من الصعب توفيرها في الوقت الحالي.