استمع إلى الملخص
- يعكس الإفلاس تحولًا في تفضيلات المستهلكين نحو خيارات سريعة وصحية، مما أضعف جاذبية المطاعم التقليدية، ورغم استثماراتها في التوصيل والتقنيات، لم تستطع "تي جي آي فرايديز" مواكبة التحولات السريعة.
- يمثل الإفلاس فرصة لإعادة التفكير والتوازن، مع التركيز على خفض الديون وتحديث العلامة التجارية، وتحسين قنوات التوصيل والاستثمار في التكنولوجيا، مع استراتيجية مرنة للبقاء في المنافسة.
تواجه سلسلة مطاعم "تي جي آي فرايديز" TGI Fridays، التي كانت يومًا ما رمزًا للمطاعم الأميركية، مستقبلًا غامضًا بعد تقديمها مؤخرًا طلب إفلاس بسبب ديون وصلت إلى 500 مليون دولار، وتعرضها لضغوط مالية طويلة الأمد، تفاقمت بسبب تحديات ما بعد الجائحة، وتغير سلوك المستهلكين، وزيادة المنافسة في القطاع.
وتوجه خطوة السلسلة الشهيرة صيحة تحذير جديدة لصناعة المطاعم المتوسطة، التي تكافح لاستعادة موقعها السابق في الاقتصاد الأميركي، وسط تحولات سريعة في تفضيلات المستهلكين، فتحت الطريق لبعض الصناعات، بينما تركت بعض سلاسل المطاعم الشهيرة في ورطة كبيرة.
وكانت الديون الضخمة التي تراكمت عبر سنوات من التوسعات الطموحة هي العامل الرئيسي وراء إفلاس مطاعم "تي جي آي فرايديز". ووفقًا لوكالة رويترز، تركت عمليات الاستحواذ من شركات الأسهم الخاصة الشركة بأعباء ديون ثقيلة، زاد ثقلها مع ارتفاع أسعار الفائدة، مما أدى إلى ضغط السيولة وهوامش التشغيل لديها. وبحلول عام 2024، كانت مطاعم "تي جي آي فرايديز" تعاني نسبة دين إلى حقوق ملكية من أعلى النسب في القطاع، ما جعلها تعاني للوفاء بالتزاماتها رغم ثبات الإيرادات.
وجرت محاولات لإعادة هيكلة الديون وإعادة التمويل، لكنها لم تتمكن إلا من ترحيل الأزمات. والآن، تسعى مطاعم "تي جي آي فرايديز" للحصول على حماية المحكمة، حيث تعتزم التخلص من مواقعها غير المربحة، سعيًا لتقليل الالتزامات، على أمل العودة شركةً أقل حجمًا. ولكن كما يشير المحللون، فإن مستقبل الربحية يعتمد بشكل كبير على إعادة هيكلة جوهرية لنموذج عملها للتعامل مع التحديات العميقة.
مطاعم "تي جي آي فرايديز" وتغير الأذواق
ويلفت إفلاس الشركة الأميركية الانتباه إلى مشكلة أوسع، وهي تراجع نموذج تناول الطعام التقليدي. وازدهرت مطاعم "تي جي آي فرايديز" في الثمانينيات والتسعينيات، واستفادت من أجواء "البار والمطعم المحلي" التي كانت تجذب العائلات والشباب. ولكن مؤخرًا، بدأ المستهلكون يتجهون نحو خيارات سريعة وعصرية توفر الراحة والجودة. وتفضل الأجيال الجديدة، كجيل الألفية وجيل Z، العلامات التجارية التي تركز على الصحة والاستدامة والخدمة السريعة، مما جعل العلامات التجارية التقليدية مثل مطاعم "تي جي آي فرايديز" تكافح للبقاء.
وسرّعت الجائحة هذا التحول، ومع صعود تطبيقات التوصيل والمطابخ الافتراضية، اعتاد العديد من المستهلكين على تجربة تناول طعام مريحة، لم تستطع مطاعم "تي جي آي فرايديز" تقديمها بسهولة. ورغم استثماراتها في التوصيل والتقنيات الحديثة، ظلت التكاليف الثابتة في نظام تناول الطعام التقليدي عبئًا دائمًا على الربحية لديها، فأصبحت هوية مطاعم "تي جي آي فرايديز" التي كانت في السابق ميزة إيجابية، تبدو متقادمة في سوق يتجه نحو السرعة والراحة.
ويواجه قطاع المطاعم المتوسطة، لا سيما السلاسل ذات المساحات الكبيرة لتناول الطعام، تحديات كبيرة مع تأرجح الاقتصاد الأكبر في العالم، والمحاصر بين التضخم ومخاوف الركود. وأدت ارتفاعات الأجور واضطرابات سلاسل التوريد واستمرار ارتفاع الأسعار إلى ضغوط على هوامش الربح. وجاءت محاولات تمرير ارتفاع تكاليف المدخلات لدى مطاعم "تي جي آي فرايديز" إلى المستهلكين بنتائج عكسية، حيث بدأ الزبائن البحث عن بدائل أقل تكلفة. ويرى بعض المحللين أن قدرة مطاعم "تي جي آي فرايديز" على التحكم في الأسعار قد تراجعت منذ فترة طويلة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى التشبع في السوق من ناحية، ولأن العلامات التجارية المنافسة التي تبنت نماذج أكثر مرونة كانت أكثر تأقلمًا مع واقع اليوم الاقتصادي من ناحية أخرى.
ويعد الإفلاس فرصة للتفكير وإعادة التوازن بالنسبة لسلسلة مطاعم "تي جي آي فرايديز"، التي يتعين عليها الآن مواجهة التحدي المزدوج المتمثل في خفض الديون وإعادة تقديم العلامة التجارية، مع السعي لتحديثها وخفض التكاليف الثابتة. وتشمل الخيارات المتاحة، كما يقول موقع "نيويورك بوست"، التخلص من المواقع غير المربحة، وتحسين قنوات التوصيل والطلب الخارجي، وربما الاستثمار في التكنولوجيا لتحسين الكفاءة التشغيلية.
وقال الموقع إن المحللين يعتقدون أن إحياء الشركة، رغم صعوبته، سيتطلب إعادة تصور لوضع العلامة التجارية في قطاع المطاعم المتوسطة. وقد تمثل تجارب العلامات المنافسة، مثل Chili’s و Applebee’s، خريطة طريق يمكن الاستفادة منها. ومع ذلك، فإن تفضيلات المستهلكين تظل متقلبة، وستحتاج مطاعم "تي جي آي فرايديز" إلى تبني استراتيجية مرنة للبقاء في السباق.
وتعد مشاكل مطاعم "تي جي آي فرايديز" تذكيرًا صارخًا بالتحديات الأوسع التي تواجهها صناعة المطاعم المتوسطة في عالم ما بعد الجائحة، حيث يواجه العديد من العلامات التجارية التقليدية تحدي إعادة تقديم نفسها، في ظل ضغوط الديون والتحديات التشغيلية. ومن المرجح أن يرى المستثمرون والدائنون في الإفلاس إشارة إلى المزيد من الاضطرابات في القطاع، مما قد يؤدي إلى إعادة تقييمات لمشهد الاستثمار في المطاعم والأسهم الخاصة.