تشهد مواقع التواصل الاجتماعي، وفي مقدّمتها موقع "فيسبوك"، نشاطاً لبعض المجموعات التي باتت تعرف كـ"جمعيّات صحّة نفسيّة نسائية، وإرشاد اجتماعي"، وتشهد تلك المجموعات إقبالاً كبيراً من النساء والفتيات خاصة في العالم الافتراضي.
وقام عدد من النساء السوريات بإنشاء غرف ومجموعات مغلقة على "فيسبوك" لا يسمح للذكور بدخولها وهي مخصصة للنساء فقط.
وعند دخول تلك الغرف ترى منشورات حول الخلاف بين امرأة وزوجها مثلاً، إذ تقول إحداهن إنّ أزمة بينها وبين زوجها تسببت بها الخلافات بين الأهل وتريد حلاً ممن لديهنّ تجربة أو نصيحة، ويطلق منشئو تلك المجموعات عليها أسماء مختلفة مثل "أنوثة بلا حدود، وحكي بنات، أحلى صبايا".
وتقول إحدى مديرات "أنوثة بلا حدود" لـ"العربي الجديد" "يحظر دخول الشباب إلى مجموعتنا، ويتم التحدث بالصوت مع أيّ حساب جديدة يريد الدخول إلى المجموعة للتأكد من أن صاحبة الحساب أنثى ولا يهم إن كان اسمها اسماً حقيقياً أم مستعاراً".
وتضيف مديرة "أنوثة بلا حدود"، والتي اختارت اسم "ضحى محمد" من مدينة دمشق: "أنا أقوم بإدارة المجموعة، وأطلع على جميع المنشورات والتعليقات، إنّ أغلب النساء يلجأن إلى نشر قصصهن باسم مستعار ليستمعن إلى نصائح الأخريات وفق تجاربهن". وتقول: "في هذه الأيام كلٌّ منا أصبح مغترباً ووضع سورية سيئ، وأغلبنا فقد من يحبّه، كما أن أعباء الحياة أصبحت كبيرة جداً وصعبة للغاية، لذلك تلجأ النساء إلى نشر قصصهن عبر المجموعات".
بدورها تحدثت سلوى دياب عن سبب دخولها إلى المجموعة، إذ كان أهل زوجها من تسببوا بتعاستها بعد إجبارها على العيش معهم نتيجة الأوضاع المتردية في مدينة دمشق وعدم تمكنهم من استئجار بيت خاص بهم.
وكتبت سلوى قصتها في المجموعة ونشرتها الإدارة وجاءت التعليقات على قصتها بأن تصبر وتلتزم بالصلاة والدعاء، ومنهن من كتبن عليك اختبار زوجك والكثير من الآراء الأخرى، والتي قامت سلوى بتطبيقها منتظرة إذا ما ستصدر عنها نتائج إيجابية.
ورأت العضوة في المجموعة منى خباز أنّ ما يدفع المرأة السوريّة إلى كتابة قصتها في المجموعة كي تأخذ آراء الأخريات هي الظروف المحيطة بها، والتي سببت لها مشاكل مع أقرب الناس، وهنا يقوم الجميع بنشر قصصهن والاستماع إلى آراء الأخريات دون الخوف من أن هناك من يفضح سرها؛ لأن القصة تكون دون اسم ولا أحد يعرف من أنا ومن أكون، وفي النهاية هي "فشة خلق لا أكثر". وتضيف منى "على الرغم من ضعف شبكة الإنترنت وفترات انقطاع الكهرباء الطويلة ينشط السوريون بشكل عام نساء أو رجالاً على موقع فيسبوك أكثر من أي موقع آخر، لسهولة التسجيل في الموقع بأسماء مستعارة وسهولة استخدامه وإنشاء غرف ومحادثات ودردشة، وهو غير محظور في سورية، وربما لا يخلو منزل من مستخدمي فيسبوك في سورية".
وتعليقاً على الموضوع، رأى الطبيب النفسي جلال نوفل أنّ الرجال والنساء يلجأون إلى هذه الطريقة في طرح مشاكلهم على مواقع التواصل الاجتماعي نظراً لكونها تشكل جزءاً من العالم الافتراضي حيث يتمكّن الشخص من استخدام اسم مستعار ويطرح الشخص مشكلته من دون خجل أو وجود عائق.
ويضيف الطبيب في حديث مع "العربي الجديد" أن ذلك أشبه بالعيادة النفسيّة لكنه في ظل غياب العيادة أو الطبيب أو المرشد، إذ ثمة نتائج قد تكون سلبية، وبالتالي تترتّب عليها أمور قد تضر بصاحب المشكلة، كون الشخص الذي يعطي حلاً يعطيه من منظور شخصي أو نتيجة تجربة معينة بعيداً عن القواعد العلمية.
وأكد الطبيب أن هناك مواقع وشبكات على مواقع الإنترنت، فضلاً عن وجود مجلات وبرامج على محطات تلفزيونية تتبع طريقة علمية ومدروسة، ويمكن للشخص متابعتها للاستفادة من الإرشادات النفسية وطريقة إيجاد حلول للمشاكل العائلية وغيرها من المشاكل.
ويشير الطبيب إلى أن المواقع على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي مهمة وتساعد في الترويح عن النفس لكنها تبقى مواقع افتراضية مهما اقتربت من الحقيقة، والذهاب إلى الطبيب أو المرشد أفضل من الاستماع إلى النصائح في غرف فيسبوك.
وأدّى الوضع الراهن في سورية إلى وجود مشاكل اجتماعية ونفسية واقتصادية كبيرة منها تلك التي تحدث بين أفراد الأسرة الواحدة وتنتهي أحياناً بطلاق الزوجين، كذلك تسببت الحرب بفقدان كثير من الأسر لمعيليها نتيجة الموت أو الاعتقال أو الاختطاف، فضلاً عن فقدان الأمن وشبه انعدام في فرص العمل، والتهجير من مكان السكن.