سورية: كيف تعامل "داعش" مع ضربات التحالف له؟

30 سبتمبر 2014
تواصلت الغارات الأميركية على "داعش" شمال سورية (مسلم اتغو/الأناضول)
+ الخط -

مرت ستة أيام على بدء الهجمات الجوية والصاروخية التي يشنّها التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على مواقع ومقرات ومعسكرات التنظيم، في شرق وشمال سورية، حيث شن طيران التحالف عشرات الغارات الجوية على مقرات ومعسكرات التنظيم في مدينة الرقة ومحيطها، وفي مدن تل أبيض والطبقة والسلوك بريفها، وفي مدينة دير الزور شرق سورية وفي ريفها، وفي مدينة منبج بريف حلب، وفي ريف مدينة الحسكة.

وكان "داعش" باشر الاستعداد لهجمات التحالف منذ بدء تشكيله، حتى أنه بدأ باتخاذ الإجراءات الوقائية قبل انطلاق الهجمات، وقام بإخلاء معظم مقارّه الإدارية في المدن التي يسيطر عليها.

وأكد نشطاء محليون في مدينة منبج بريف حلب لـ"العربي الجديد"، قيام التنظيم بإخلاء مديرية الخدمات ومديرية الأعلاف والرابطة الفلاحية والمدرسة الشرعية الواقعة جميعاً في شارع "طريق حلب" غرب المدينة، الشارع الذي يحوي معظم مقرّاته، وأخلاها قبل يوم واحد من استهدافها.

وأخلى التنظيم أيضاً مقارّه الإدارية في مدينة الرقة، أكبر المدن التي يسيطر عليها في سورية بالكامل، وأكد نشطاء محليون في المدينة لـ"العربي الجديد"، أن التنظيم أخلى مبنى الولاية، مبنى محافظة الرقة سابقاً، قبل أن يتم استهدافه من قبل الطيران التابع للتحالف الدولي مرات عدة.

ولم تقتصر عملية الإخلاء الاحترازية التي قام بها التنظيم على المقار الإدارية التابعة له، ولكن شملت أيضاً معسكرات ومراكز عسكرية عدة، يسيطر عليها. وأكد الناشط زيد الفارس لـ"العربي الجديد"، قيام تنظيم "داعش" بإخلاء "معسكر الزرقاوي" قرب مدينة تل أبيض في ريف مدينة الرقة الشمالي، قبل أيام من قيام قوات التحالف الدولي باستهدافه.

ويُعدّ "معسكر الزرقاوي" أحد أهم المعسكرات التابعة للتنظيم، ويستقبل فيه المنتسبين الجدد إلى صفوفه من الشبان القادمين من مختلف دول العالم، ليقدم لهم التدريبات البدنية والعسكرية بالإضافة إلى دروس العقيدة الجهادية التي يعتمدها التنظيم.

في السياق، أخلى التنظيم عائلات مقاتليه الأجانب من المناطق التي كانوا يتمركزون فيها في المدن التي يسيطر عليها، كما أخلى في وقتٍ سابق المقاتلين الأجانب وعائلاتهم من فنادق مدينة الرقة التي كانوا يسكنونها بشكل دائم، ومن أماكن سكنهم في أحياء التعمير ومساكن الشرطة، نحو بلدات وقرى ريفها النائية، خوفاً من أن يتم استهداف مناطق سكنهم.

وقام التنظيم بأمر مشابه في مختلف المدن والبلدات التي يسيطر عليها. وذكر شهود عيان من مدينة الباب بريف حلب، والتي يسيطر عليها التنظيم منذ سبعة أشهر، قيام التنظيم بنقل المقاتلين التابعين له مع عائلاتهم نحو القرى الصغيرة التابعة للمدينة، ليسكنوا بيوتاً استولوا عليها بعد سيطرتهم على هذه القرى، نظرا لانتساب مالكيها أو عملهم مع كتائب الثوار التي تحارب معه.

في السياق، أخفى التنظيم آلياته الثقيلة أيضاً، التي كان يعرضها في الساحات العامة في المدن والبلدات التي يسيطر عليها، بهدف إظهار قوته وجبروته أمام السكان، كما أخرج معظمها نحو مناطق ريفية سريّة، خوفاً من استهداف طيران التحالف لأماكن تجمعها.

وذكر شهود عيان من بلدة العشارة في ريف دير الزور، شرق سورية مشاهدتهم إخلاء "داعش" الدبابات والمدرعات الناقلة للجنود والوقود والمدافع وعربات "هامر" التي يملكها التنظيم من البلدة نحو مناطق مجهولة في ريفها.

على صعيد آخر، عمّمت اللجنة الإعلامية العامة في التنظيم على جميع كتائبه وقواته العسكرية بمنع عناصر التنظيم من القيام بالتصوير بكاميراتهم الخاصة وهواتفهم النقالة، أثناء عمليات التنظيم العسكرية، وحصر ذلك في الإعلاميين المعتمدين من قبله، وذلك خوفاً من تسرّب أخبار تفيد قوات التحالف بالتعرف على تحركات قوات التنظيم العسكرية وبالتالي استهداف قوات التنظيم.

ولم يغير التنظيم من استراتيجيته العسكرية مع بدء ضربات التحالف الدولي، ذلك أن قواته واصلت عملياتها العسكرية التي كانت قد بدأتها قبل انطلاق الهجمات، وواصلت قواته هجماتها على المناطق التي ما زالت تحت سيطرة القوات الكردية "البشمركة" في مدينة عين العرب وفي محيطها الضيّق، الذي لا يزيد عن دائرة قطرها سبعة كيلومترات فقط.

ويواصل التنظيم هجماته على قوات النظام السوري والقوات الكردية في محافظة الحسكة في أقصى الشمال الشرقي من سورية، ويرجع البعض ذلك إلى أن نقاط الاشتباك العسكرية في المناطق المفتوحة التي تجري فيها الاشتباكات في محافظة الحسكة ومنطقة عين العرب في ريف حلب، تسمح لقوات التنظيم بالتحرك الدائم، الأمر الذي يخفض من احتمال استهدافها من قبل قوات التحالف، مما دفع قيادة التنظيم إلى الدفع بقوات إضافية إلى جبهات القتال، مع تنفيذ قرار إخلاء مقرات التنظيم ومعسكراته.

ويلاحظ أيضاً أن أحداً من قيادة "داعش" لم يدل بأي تصريح تعليقاً على انطلاق الضربات الأميركية، الأمر الذي يعود في الغالب إلى الاحتياطات الأمنية العالية التي تأخذها قيادة التنظيم، والتي تدفعها بالتالي إلى عدم الظهور العلني خوفاً من تسرب معلومات استخباراتية إلى قوات التحالف تؤدي إلى استهداف قيادة التنظيم.

المساهمون