27 سبتمبر 2019
سورية... وطن كالقفص
السوري المُروّع، منذ أكثر من ست سنوات، والذي ينتظر فرجاً ما وحلاً ما، ولا يتلقى سوى قلق حكام العالم وأسياده، كما لو أن قلقهم مبارك ويحمل حلاً. العكس هو ما يحصل، فكل يوم تصدمنا قوانين تضيّق الخناق على السوري. وقد صدر، أخيراً، قانونان طازجان: إلغاء الدخول إلى لبنان على الرغم من حجز الفندق. وهذا يعني حرفياً منع دخول السوري إلى لبنان، فأين سينام السوري الذي يضطر لسبب ما للسفر إلى لبنان والحجز الفندقي قد ألغي؟ هل ينام في الشارع؟ الثاني، الصعوبة الهائلة للحصول على موعد في السفارة التركية في بيروت، وأقرب موعد يكون بعد سته أشهر أو سبعة، وقد يُرفض الطلب أصلاً، ويمنع السوري من دخول الأراضي التركية.
كم تنجم عن هذا الوضع حالاتٌ لا إنسانية تدمي القلب، كم من أهالي يتوقون لزيارة أولادهم في لبنان أو تركيا، ومعروف أن أكبر عدد للسوريين هو في لبنان وتركيا. انهارت أعصاب أم سورية، ولم تعد تتحمل بعد ابنها الذي يقيم، منذ ثلاث سنوات، في لبنان، وهو الذي أدى الخدمة العسكرية الإجبارية في الجيش السوري، لكنه يخشى أن يُسحب احتياطاً، إن دخل إلى سورية. ووالدته لا تستطيع السفر إلى لبنان لتلتقيه. حتى الدول الأوروبية ترفض طلباتٍ كثيرة من سوريين للقاء أبنائهم في بلاد اللجوء. وهكذا تحولت سورية شيئاً فشيئاً إلى قفص، وكل العالم يضيق الخناق بقوانينه القاسية على السوري.
أي ألم نفسي أكبر من فراق الأهل أولادهم، من عدم قدرتهم على لقائهم، كم تمزقت أسرٌ بسبب المأساة السورية، وبسبب القوانين الدولية المجحفة بحق السوريين. الأذى العاطفي والنفسي أصعب من الألم الجسدي، وتلك المرارة والأسى المرتشحان في وجوه السوريين لا يمكن إخفاؤهما. كم من مثال ومثال لأم وأبٍ، يعمل ابنهما في إحدى دول الخليج، وراتبه بالكاد يكفي ثمن أجرة المنزل ومعيشته. وعليه أن يجمع 8000 دولار، لكي يدفع بدل خدمة الجندية. كيف سيجمع هذا المبلغ، ووالداه بالكاد يعيشان كفافهما. آلاف الحالات مثل هذه القصة، وجمع 8000 دولار، حيث الدولار يساوي 580 ليرة سورية غالباً مستحيل، هذا إن لم يُهدد السوري بفقدان عمله، وهي حالات حصلت كثيراً، وأصبح الأهل في سورية يرسلون المال (مع فرق العملة) إلى أولادهم في بعض دول الخليج، لكي لا يخسروا إقاماتهم، بعد أن خسروا وظائفهم وأعمالهم وأرزاقهم. كم من شركات إماراتية ألغت عقود سوريين لمجرد أنهم سوريون. الحرمان العاطفي المديد، والذي لا ينفتح على حل، خطير حتى على الصحة الجسدية، كما يبين علم النفس، وقد يكون سبباً لأمراض نفسية عديدة وخطيرة، منها الاكتئاب والانهيار العصبي، وقرحات المعدة والسكري. وقد أذهلني أطباء نفسانيون أصدقاء بإحصائيات عالية عن حالات الاكتئاب الحاد والانهيار العصبي، وأشكال عديدة من الأمراض النفسية، بسبب الحرمان العاطفي بين الأهل وأولادهم، حيث يتحوّل الاتصال بينهم إلى مجرد مكالمة "سكايب" على الإنترنت في أحسن الأحوال.
أصبح العيش في سورية كمن يعيش في قفصٍ لا يستطيع الخروج منه، لأن كل المنافذ مسدودة، من لبنان إلى تركيا إلى غيرها من الدول الأوروبية. والأمل بحل قريب أصبح مستحيلاً. تكفينا أخبار حلب الشهباء، حلب المحترقة بالأحقاد والمؤامرات، حلب الحضارة والفن والطرب الأصيل والأصالة. حلب التي قضى فيها أكثر من 3000 شخص، معظمهم مدنيون في شهر إبريل/نيسان الماضي. هل تموت العصافير والفراشات بتلك النسبة؟ فأي أمل ينتظرك، أيها السوري، في وطن كالقفص.
كم تنجم عن هذا الوضع حالاتٌ لا إنسانية تدمي القلب، كم من أهالي يتوقون لزيارة أولادهم في لبنان أو تركيا، ومعروف أن أكبر عدد للسوريين هو في لبنان وتركيا. انهارت أعصاب أم سورية، ولم تعد تتحمل بعد ابنها الذي يقيم، منذ ثلاث سنوات، في لبنان، وهو الذي أدى الخدمة العسكرية الإجبارية في الجيش السوري، لكنه يخشى أن يُسحب احتياطاً، إن دخل إلى سورية. ووالدته لا تستطيع السفر إلى لبنان لتلتقيه. حتى الدول الأوروبية ترفض طلباتٍ كثيرة من سوريين للقاء أبنائهم في بلاد اللجوء. وهكذا تحولت سورية شيئاً فشيئاً إلى قفص، وكل العالم يضيق الخناق بقوانينه القاسية على السوري.
أي ألم نفسي أكبر من فراق الأهل أولادهم، من عدم قدرتهم على لقائهم، كم تمزقت أسرٌ بسبب المأساة السورية، وبسبب القوانين الدولية المجحفة بحق السوريين. الأذى العاطفي والنفسي أصعب من الألم الجسدي، وتلك المرارة والأسى المرتشحان في وجوه السوريين لا يمكن إخفاؤهما. كم من مثال ومثال لأم وأبٍ، يعمل ابنهما في إحدى دول الخليج، وراتبه بالكاد يكفي ثمن أجرة المنزل ومعيشته. وعليه أن يجمع 8000 دولار، لكي يدفع بدل خدمة الجندية. كيف سيجمع هذا المبلغ، ووالداه بالكاد يعيشان كفافهما. آلاف الحالات مثل هذه القصة، وجمع 8000 دولار، حيث الدولار يساوي 580 ليرة سورية غالباً مستحيل، هذا إن لم يُهدد السوري بفقدان عمله، وهي حالات حصلت كثيراً، وأصبح الأهل في سورية يرسلون المال (مع فرق العملة) إلى أولادهم في بعض دول الخليج، لكي لا يخسروا إقاماتهم، بعد أن خسروا وظائفهم وأعمالهم وأرزاقهم. كم من شركات إماراتية ألغت عقود سوريين لمجرد أنهم سوريون. الحرمان العاطفي المديد، والذي لا ينفتح على حل، خطير حتى على الصحة الجسدية، كما يبين علم النفس، وقد يكون سبباً لأمراض نفسية عديدة وخطيرة، منها الاكتئاب والانهيار العصبي، وقرحات المعدة والسكري. وقد أذهلني أطباء نفسانيون أصدقاء بإحصائيات عالية عن حالات الاكتئاب الحاد والانهيار العصبي، وأشكال عديدة من الأمراض النفسية، بسبب الحرمان العاطفي بين الأهل وأولادهم، حيث يتحوّل الاتصال بينهم إلى مجرد مكالمة "سكايب" على الإنترنت في أحسن الأحوال.
أصبح العيش في سورية كمن يعيش في قفصٍ لا يستطيع الخروج منه، لأن كل المنافذ مسدودة، من لبنان إلى تركيا إلى غيرها من الدول الأوروبية. والأمل بحل قريب أصبح مستحيلاً. تكفينا أخبار حلب الشهباء، حلب المحترقة بالأحقاد والمؤامرات، حلب الحضارة والفن والطرب الأصيل والأصالة. حلب التي قضى فيها أكثر من 3000 شخص، معظمهم مدنيون في شهر إبريل/نيسان الماضي. هل تموت العصافير والفراشات بتلك النسبة؟ فأي أمل ينتظرك، أيها السوري، في وطن كالقفص.