تتّجه أنظار السيّاح إلى تركيا، وتحديداً اسطنبول، خلال فصولها المعتدلة من الربيع إلى الصيف. يلجأ البعض لزيارتها في الخريف، قلّة من السياح يتوجهون إليها شتاءً. لكنّ الإعلانات المبوّبة تُشجّعهم لقضاء عطلة الميلاد ورأس السنة في اسطنبول التركية تحديداً، حيث تكثر العروضات التي تؤمَّن لمَن يرغب بالسفر: بطاقة السفر مع حجز الفندق والجولات السياحية القصيرة. رغم برودة الطقس والثلوج، تزداد المدينة جمالاً عندما يُزيّنها اللون الأبيض.
الهبوط في مطار أتاتورك خلال فترة الأعياد، لا يُعدّ هبوطاً اعتياديّاً. استمرت طائرة "الميدل إيست" بالتجول في سماء العاصمة نصف ساعة، ما أخّر موعد الهبوط المنتظر، إنّه الشتاء في تركيا، يؤخر كل شيء بالنسبة للسياح. وفور النزول من الطائرة، تُباغتك قطرات المطر المتناثرة فوق باص النقل الداخلي.
بعد ختم جواز السفر وأخذ حمولتك، تهمّ بالخروج من المطار والتوجه إلى المترو، ذلك لأنك بعد الزيارة السابعة لتركيا، تتحول من سائح إلى مواطن، تتحاشى صرف 60 ليرة أو ما يناهز الأربعين يورو على سيارة أجرة، بينما كلفة المترو أقل من 10 ليرات، يوصلك إلى وسط تقسيم، والعناء الوحيد ليلاً هو التبديل بين مترو وآخر في منتصف الطريق. تتفادى بذلك البرد والمطر.
تحت أرض إسطنبول حياةٌ أخرى شتاءً ومحطات تعجّ بالمتنقلين بين مناطق العاصمة حتى ساعات متأخرة من الليل. لا يختلف مفهوم السياحة الشتوية عن السياحة الصيفية، هو يتمثّل بزيارة بلدٍ معيّن والتمتع إمّا بطقسه أو عاداته. ولكن للسياحة الشتوية في إسطنبول التركية وجهٌ آخر حتى لمحبّي فصل الشتاء. هناك، الطقس ليس بمعتدل، المطر لا يتوقف وقد تتساقط الثلوج فجأةً.
يبدأ الفصل البارد من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر ويستمرّ حتى منتصف نيسان/ إبريل من كلّ سنة. يتفادى بعض السيّاح المساحات المفتوحة ويلجأون إلى "المولات" أو الأسواق (البازارات) المغلقة، ما يُقلّل من قيمة إسطنبول السياحية. ولكنّ الشعب التركيّ معتادٌ على الشتاء، تجدهم يتجولون في شارع الاستقلال والشوارع المحيطة متجاهلين الهواء البارد الذي يلفح الوجوه بطريقةٍ مؤلمة ويُسبب بعض الآلام في المفاصل، صغاراً كانوا أم كباراً.
شارع الاستقلال يشهد الازدحام نفسه في ليالي إسطنبول الشتوية والصيفية، الفارق الوحيد هو الطرقات المُعبّدة بالثلوج أو المطر الغزير. أمّا المترو والفونوكلار، فيستخدمهما السائح يومياً للتنقل، بعد أن اشتهرت إسطنبول بكونها مدينةً يحلو استكشافها سيراً على الأقدام، وهو أمر يستحيل القيام به بين شهريْ كانون الأول/ ديسمبر وكانون الثاني/ يناير في العاصمة، فيتسابق الجميع إلى التنقل بواسطة وسائل النقل الداخليّة.
خارجاً، يكثر الباعة المتجولون، يعرضون عليك شراء المظلات، لتكتشف في نهاية رحلتك أنّك أنفقت ما يناهز الـ50 ليرة تركية على مظلات تطايرت بسبب قوة الهواء وسرعة الرياح والعواصف. بحراً، تقلّ الجولات البحرية خلال فصل الشتاء، والتنقل بين القسميْن الآسيوي والأوروبي ينحسر في أوقات معينة. ينطلق قاربٌ كل 45 دقيقة وليس كل 15 عشرة دقيقة كالصيف، فتقلّ الخيارات بسبب عدد الرحلات.
هذه المرة لم نستقل القارب للعبور إلى الجهة الآسيوية، "أوسكودار"، التي أفضّلها عن "تقسيم". أوسكودار، منطقة شعبية لا تُعدّ سياحية كالمناطق التركية الأُخرى. الصخب السياحيّ أقل هناك، حيث تكثر المقاهي البسيطة القريبة من البوسفور. الجلوس فيها للاستمتاع بالقليل من الشاي في الهواء الطلق يُعتبر من أساسيات زياراتي لتركيا، ولكنه بالطبع أمرٌ مستحيل في الشتاء.
بالعودة إلى اسطنبول المزدحمة، يُصبح التسوق أمراً مملاً في العاصمة التركيّة، خصوصاً بعد ارتدائك لما يقارب ثلاث طبقات من الثياب.فإن خرجت وأعجبتك قطعة ملابس، ستحتاج لخطةٍ استراتيجية لقياسها والتأكد من ملاءمتها لك. تختلف الصور التي نراقبها على مواقع التواصل الاجتماعي عن حقيقة الطقس الشتوي في تركيا. النزهة الأبعد، كانت إلى أورتاكوي التي منعتنا الزحمة من الوصول إليها بواسطة الباص.
أكملنا النزهة سيراً على الأقدام "مستمتعين" بصقيعٍ لم نعتده حتى بعد مرور 72 ساعة على وجودنا في المدينة. رغم الطقس البارد والجو العاصف والثلوج التي تساقطت، أكمل الشعب التركي يومه وفتحت المدارس أبوابها بين الميلاد ورأس السنة. في إسطنبول، أيضاً، تقنيات خاصة لحماية الأطفال المتنزهين في عرباتهم من البرد، إذ تُغطّى العربة بغلاف بلاستيكي يمكّن الطفل من رؤية ما يحصل خارجاً ويمنع المطر من التسرب إليه.
ومن "النهفات" التي قد تصادفونها في شارع الاستقلال، رجلٌ ومعه خروفٌ ملوّن ويمشي بقربه، يلاحقه كما يُلاحق الكلب صاحبه، هو مشهد استوقف الجميع بعد مرور دقائق قليلة على بداية السنة الجديدة. أخذ الحاضرون صوراً تذكارية وأكملوا مشاويرهم. وبالحديث عن احتفالات رأس السنة، يبدو الاحتفال في ساحة تقسيم وشارع الاستقلال مستحيلاً بسبب البرد القارس، ولكن في اسطنبول الروح المرحة موجودة دائماً.
فور خروجنا إلى الساحات، فوجئنا بالأعداد التي توافدت للاحتفال في الهواء الطلق، على الرغم من الحرارة المنخفضة. كثُرت التجمعات وعلَت الموسيقى لتكسر برد الشتاء بأجواءٍ احتفاليّة دافئة. ويبقى القول إنّ السياحة الشتوية في إسطنبول مغامرة حقيقيّة، حتى وإن كنتم من محبي فصل الشتاء. هناك، تمنعكم "البلادة" من الخروج قبل الساعة الثانية ظهراً، أما الشمس فتغيب في تمام الساعة الرابعة، ما يُتيح للسائح "البليد" ساعتين فقط للاستمتاع ببعض ألوان النهار.
يبدأ الموسم الشتوي قبل أيام من عيد الميلاد، وأما العد العكسي لتساقط الثلوج، فقبل أيام من ليلة رأس السنة. أمّا لمَن يحب تلك المدينة مثلي، بغض النظر عن الفصل أو الوقت، فلكم الاستمتاع بالبرد أو الدفء، فللوجود في مدينةٍ نحبها نكهةٌ خاصة تختلف عن السياحة والاستكشاف، تُشعر الزائر بعد حين بأنّه جزء لا يتجزأ من مدينةٍ جديدة لا يملّ من استكشافها.
الهبوط في مطار أتاتورك خلال فترة الأعياد، لا يُعدّ هبوطاً اعتياديّاً. استمرت طائرة "الميدل إيست" بالتجول في سماء العاصمة نصف ساعة، ما أخّر موعد الهبوط المنتظر، إنّه الشتاء في تركيا، يؤخر كل شيء بالنسبة للسياح. وفور النزول من الطائرة، تُباغتك قطرات المطر المتناثرة فوق باص النقل الداخلي.
بعد ختم جواز السفر وأخذ حمولتك، تهمّ بالخروج من المطار والتوجه إلى المترو، ذلك لأنك بعد الزيارة السابعة لتركيا، تتحول من سائح إلى مواطن، تتحاشى صرف 60 ليرة أو ما يناهز الأربعين يورو على سيارة أجرة، بينما كلفة المترو أقل من 10 ليرات، يوصلك إلى وسط تقسيم، والعناء الوحيد ليلاً هو التبديل بين مترو وآخر في منتصف الطريق. تتفادى بذلك البرد والمطر.
تحت أرض إسطنبول حياةٌ أخرى شتاءً ومحطات تعجّ بالمتنقلين بين مناطق العاصمة حتى ساعات متأخرة من الليل. لا يختلف مفهوم السياحة الشتوية عن السياحة الصيفية، هو يتمثّل بزيارة بلدٍ معيّن والتمتع إمّا بطقسه أو عاداته. ولكن للسياحة الشتوية في إسطنبول التركية وجهٌ آخر حتى لمحبّي فصل الشتاء. هناك، الطقس ليس بمعتدل، المطر لا يتوقف وقد تتساقط الثلوج فجأةً.
يبدأ الفصل البارد من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر ويستمرّ حتى منتصف نيسان/ إبريل من كلّ سنة. يتفادى بعض السيّاح المساحات المفتوحة ويلجأون إلى "المولات" أو الأسواق (البازارات) المغلقة، ما يُقلّل من قيمة إسطنبول السياحية. ولكنّ الشعب التركيّ معتادٌ على الشتاء، تجدهم يتجولون في شارع الاستقلال والشوارع المحيطة متجاهلين الهواء البارد الذي يلفح الوجوه بطريقةٍ مؤلمة ويُسبب بعض الآلام في المفاصل، صغاراً كانوا أم كباراً.
شارع الاستقلال يشهد الازدحام نفسه في ليالي إسطنبول الشتوية والصيفية، الفارق الوحيد هو الطرقات المُعبّدة بالثلوج أو المطر الغزير. أمّا المترو والفونوكلار، فيستخدمهما السائح يومياً للتنقل، بعد أن اشتهرت إسطنبول بكونها مدينةً يحلو استكشافها سيراً على الأقدام، وهو أمر يستحيل القيام به بين شهريْ كانون الأول/ ديسمبر وكانون الثاني/ يناير في العاصمة، فيتسابق الجميع إلى التنقل بواسطة وسائل النقل الداخليّة.
خارجاً، يكثر الباعة المتجولون، يعرضون عليك شراء المظلات، لتكتشف في نهاية رحلتك أنّك أنفقت ما يناهز الـ50 ليرة تركية على مظلات تطايرت بسبب قوة الهواء وسرعة الرياح والعواصف. بحراً، تقلّ الجولات البحرية خلال فصل الشتاء، والتنقل بين القسميْن الآسيوي والأوروبي ينحسر في أوقات معينة. ينطلق قاربٌ كل 45 دقيقة وليس كل 15 عشرة دقيقة كالصيف، فتقلّ الخيارات بسبب عدد الرحلات.
هذه المرة لم نستقل القارب للعبور إلى الجهة الآسيوية، "أوسكودار"، التي أفضّلها عن "تقسيم". أوسكودار، منطقة شعبية لا تُعدّ سياحية كالمناطق التركية الأُخرى. الصخب السياحيّ أقل هناك، حيث تكثر المقاهي البسيطة القريبة من البوسفور. الجلوس فيها للاستمتاع بالقليل من الشاي في الهواء الطلق يُعتبر من أساسيات زياراتي لتركيا، ولكنه بالطبع أمرٌ مستحيل في الشتاء.
بالعودة إلى اسطنبول المزدحمة، يُصبح التسوق أمراً مملاً في العاصمة التركيّة، خصوصاً بعد ارتدائك لما يقارب ثلاث طبقات من الثياب.فإن خرجت وأعجبتك قطعة ملابس، ستحتاج لخطةٍ استراتيجية لقياسها والتأكد من ملاءمتها لك. تختلف الصور التي نراقبها على مواقع التواصل الاجتماعي عن حقيقة الطقس الشتوي في تركيا. النزهة الأبعد، كانت إلى أورتاكوي التي منعتنا الزحمة من الوصول إليها بواسطة الباص.
أكملنا النزهة سيراً على الأقدام "مستمتعين" بصقيعٍ لم نعتده حتى بعد مرور 72 ساعة على وجودنا في المدينة. رغم الطقس البارد والجو العاصف والثلوج التي تساقطت، أكمل الشعب التركي يومه وفتحت المدارس أبوابها بين الميلاد ورأس السنة. في إسطنبول، أيضاً، تقنيات خاصة لحماية الأطفال المتنزهين في عرباتهم من البرد، إذ تُغطّى العربة بغلاف بلاستيكي يمكّن الطفل من رؤية ما يحصل خارجاً ويمنع المطر من التسرب إليه.
ومن "النهفات" التي قد تصادفونها في شارع الاستقلال، رجلٌ ومعه خروفٌ ملوّن ويمشي بقربه، يلاحقه كما يُلاحق الكلب صاحبه، هو مشهد استوقف الجميع بعد مرور دقائق قليلة على بداية السنة الجديدة. أخذ الحاضرون صوراً تذكارية وأكملوا مشاويرهم. وبالحديث عن احتفالات رأس السنة، يبدو الاحتفال في ساحة تقسيم وشارع الاستقلال مستحيلاً بسبب البرد القارس، ولكن في اسطنبول الروح المرحة موجودة دائماً.
فور خروجنا إلى الساحات، فوجئنا بالأعداد التي توافدت للاحتفال في الهواء الطلق، على الرغم من الحرارة المنخفضة. كثُرت التجمعات وعلَت الموسيقى لتكسر برد الشتاء بأجواءٍ احتفاليّة دافئة. ويبقى القول إنّ السياحة الشتوية في إسطنبول مغامرة حقيقيّة، حتى وإن كنتم من محبي فصل الشتاء. هناك، تمنعكم "البلادة" من الخروج قبل الساعة الثانية ظهراً، أما الشمس فتغيب في تمام الساعة الرابعة، ما يُتيح للسائح "البليد" ساعتين فقط للاستمتاع ببعض ألوان النهار.
يبدأ الموسم الشتوي قبل أيام من عيد الميلاد، وأما العد العكسي لتساقط الثلوج، فقبل أيام من ليلة رأس السنة. أمّا لمَن يحب تلك المدينة مثلي، بغض النظر عن الفصل أو الوقت، فلكم الاستمتاع بالبرد أو الدفء، فللوجود في مدينةٍ نحبها نكهةٌ خاصة تختلف عن السياحة والاستكشاف، تُشعر الزائر بعد حين بأنّه جزء لا يتجزأ من مدينةٍ جديدة لا يملّ من استكشافها.