أربع أصابع مرفوعة وخامستها الإبهام مضمومة بلون أسود وخلفية صفراء، استطاعت أن تلخّص المشهد السياسي المصري عقب عزل الرئيس المصري محمد مرسي، بعد أن تحوّلت رمزاً لرافضي الانقلاب ومؤيدي الشرعية في مصر، وتهمة يُعاقَب رافعها بعقوبات قد تصل إلى الإعدام أو السجن المشدد لسنوات طويلة.
فمنذ أن فضّت قوات من الشرطة والجيش يوم 14 أغسطس/آب 2013، اعتصام أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي بميداني رابعة العدوية ونهضة مصر بالقوة، عقب إطاحته بانقلاب قاده وزير الدفاع آنذاك الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، الأمر الذي أوقع آلاف القتلى والجرحى، تحوّل هذا الشعار إلى مصدر إزعاج للسلطات الحالية في مصر. فلا تخلو فعالية أو تظاهرة رافضة للانقلاب داخل مصر، أو خارجها، من رفع هذا الشعار إما باليد أو برفع صور له، بل إن أغلب المعتقلين المعارضين للانقلاب، وأسرهم، يحرصون على رفعه أثناء جلسات محاكمتهم.
ومع حلول الذكرى الثانية للمجزرة، أضحى رمز رابعة شعاراً يجتمع عليه جميع رافضي الانقلاب العسكري في الميادين والشوارع وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من الفعاليات والمناسبات الاجتماعية والرياضية من دون أي شرح أو عبارات دالة.
وعلى الرغم من أنه لم يُعرف حتى الآن صاحب فكرة شعار رابعة، إلا أنه اكتسب تأييداً وقبولاً كبيرين في أوساط كثيرة شعبية، ورسمية، وحرص عدد من المشاهير والسياسيين والرياضيين على رفعه في مختلف المناسبات والأماكن والملاعب، وإن كان أشهرهم بالطبع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي لوّح به أمام حشد كبير من مؤيديه.
كما قامت أعداد كبيرة من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بتغيير صورهم الشخصية، بشعار رابعة، للتذكير بدماء الضحايا الذين سقطوا في مجزرة فض اعتصام رابعة، وأيضاً في ميدان النهضة.
في المقابل تقوم الأجهزة الأمنية بتوقيف والتنكيل بكل من يتم ضبطه يرفع هذا الشعار، قبل تقديمه للمحاكمة بتهمة حيازة ملصقات عليها علامات رابعة، وهو ما تم بالقبض على طالب وحبس والده بتهمة حمل مسطرة عليها شعار رابعة، بل ونزع حضانة طفل عمره سبعة أعوام من والدته، بدعوى اكتشاف صورة له وهو يرفع شارة رابعة تضعها الأم على مواقع التواصل الاجتماعي.
ومن قبل عاقبت السلطات المصرية بطل العالم في رياضة الكونغ فو، محمد يوسف، بتجريده من الميدالية وحرمانه من تمثيل مصر في المحافل الدولية لرفعه إشارة رابعة أثناء تتويجه، كما تم إيقاف لاعب فريق كرة القدم بالنادي الأهلي أحمد عبد الظاهر، بعد رفعه إشارة رابعة بكفه عقب تسجيله هدف الفوز، ليحرز فريقه بطولة كأس دوري أبطال أفريقيا.
اقرأ أيضاً: التحالف يدعو المصريين إلى الانتفاضة يوم الجمعة لإسقاط الانقلاب
ويرى القيادي في حركة "شباب ضد الانقلاب" حامد حسن، أن شعار رابعة "أصبح أيقونة للتضامن العربي والدولي مع مؤيدي الشرعية في مصر، كما يتيح الفرصة لأي شخص في العالم برفعه للتدليل على اقتناعه بالقضية ودعمه لها ومواجهته للانقلابات العسكرية والوحشية واستخدام الجيوش كمليشيات مسلحة بغرض السطو على الحكم"، حسب قوله.
ويشير إلى أن "شعار رابعة مستوحى من اسم الميدان الذي كان يعتصم فيه الآلاف من مؤيدي الشرعية، للاحتجاج على الانقلاب العسكري الذي أطاح الرئيس محمد مرسي أول رئيس مصري مدني منتخب في تاريخ البلاد". ويقول: "عندما يكون الحاكم غير شرعي فلا يتورّع عن قتل أي شخص يرفع شعاراً مكوّناً من 4 أصابع من يده، وذلك في تظاهرة في الشارع أو بحكم قضائي يصدر ضده في جلسة واحدة لا يتعدى وقتها 5 دقائق، ويُنفّذ بشكل سريع، مع منع عمل هيئة الدفاع عن المحكوم ضده بالإعدام".
بينما يرى عضو حركة "شباب ضد الانقلاب" في الإسكندرية أحمد محروس، أن "شعار رابعة غزى فكر ووجدان كل شخص يؤمن بالحرية والديمقراطية ويرفض الدولة العسكرية ويسعى للعيش في دولة تحترم مواطنيها". ويلفت إلى أن "منفذي مجزرة رابعة أرادوا، بفض اعتصام ميدان رابعة العدوية، إنهاء احتجاج مؤيدي مرسي الرافض للانقلاب العسكري في مصر، والذي تحوّل إلى عنوان ورمز يُجمع عليه كل رافضي الانقلاب في كل دول العالم".
من جهته، يشير عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين مصطفى محمد، إلى أن القضاء المصري الذي وصفه "بالقابع تحت وطأة وسيطرة العسكر"، يستخدم شعار رابعة، لإصدار أحكام بالإعدام والسجن المؤبد، بدعوى الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف القانون وتسعى إلى قلب نظام الحكم ووقف العمل بالدستور.
اقرأ أيضاً: مصر: حملة اعتقالات تستهدف المعارضين قبل ذكرى "رابعة"