و"أصوات حية" مبادرة شعرية متوسطية فريدة تسعى إلى التقاط دور المتوسط بجمعها بين الأصوات الشعرية المتألقة على ضفافه بكل لغاتهو دون تعسف على النص الأصلي وكاشفة كل خيانات الترجمة الممكنة، وتاركةً العنان لخيال المتابعين الذين أنصتوا بما تيسر من انتباه ومعرفة إلى قصائد لشعراء جاؤوا من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال وتركيا ومصر وفلسطين، واستقر بهم المقام في مدينة سيدي بوسعيد الفاتنة التي أقرتها اليونسكو جزءاً من التراث العالمي.
في هذه الأجواء، احتضنت مقاهي هذه المدينة ومتاحفها ومقر بلديتها جلسات شعرية هامسة ولقاءات ساءلت القصيدة الجديدة ومكانة الشعر اليوم، معرجةً على تحولات الربيع العربي وأثرها في السؤال الشعري. وكان مسك الختام في قصر البارون ديرلونجي الذي كرّس حياته لخدمة الموسيقى العربية وتحوّل قصره في ما بعد إلى "مركز النجمة الزهراء" للموسيقى العربية والمتوسطية.
أما سهرة الختام في القاعة الرئيسية فكأنها لحظة من لحظات الصيادين التلقائية ذات لقاء في عرض البحر، صادحة بلغات بالكاد نعرفها ولكننا نفهمها لأنها خاطبت فينا الروح المتوسطية بكل بساطة.
"أصوات حية" كانت فعلاً حيّة وأعادت إلى شرايين عطّلها اليومي والممجوج والرديء شيئاً من إكسير الحياة الذي لا يملك سرّه إلا الشاعر المتوسطي. وبعد أن أخذتها رحلة الشعر إلى الجديدة المغربيّة وجنوة الإيطالية وطليطلة الإسبانية، رسا بها القارب في مدينة زرقاء وبيضاء اسمها سيدي بوسعيد نسبة إلى صوفيها الوليّ الصالح الذي ألهمها بساطة الأشياء وسر المعنى.
من صباحات المهرجان |
مختارات شعرية متوسطية من سيدي بوسعيد
* الفيديو للشاعر التونسي المنصف غشّام وإلى جانبه الشاعرة اللبنانية فينوس خوري غاتا.