"سنقيم له تأبيناً قريباً في بيت الشعر بالقاهرة" قال لي الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي قبل أن يضيف: "لقد زارنا مرات عدة في القاهرة بدعوة من المجلس الأعلى للثقافة ومن وزارة الثقافة، عندما كنتُ مقررا للجنة الشعر. وأنا أعرفه قبل أن أراه، ولكنني أدين بالتعرف إليه شخصياً للصديق فاروق شوشة، الذي هو أقرب شاعر مصري إليه، وهو الذي سينظم التأبين الذي سنقيمه لـ"حرب" في بيت الشعر".
ثم اتصلنا بالأستاذ فاروق شوشة، متمنياً ألا أكون ناقل الخبر الأليم إليه، لكنه أخبرني بأنه علم فوراً بالامر، وحكى لي عن ذكرياته مع حرب قائلاً: "إن السبب في تلاقينا وتعارفنا كان الشاعر علي عبدالكريم، وهو السفير السوري الحالي في لبنان. وتوثقت علاقتي بحرب منذ أكثر من 12 عاماً، كنت أتابع فيها إبداعه الشعري، لأنه كان يصدر في كل عام أكثر من مجموعة شعرية. كان من أرفع شعراء لبنان المعاصرين قامة، وأكثرهم بعداً عن وسائل الإعلام، وعن كل ما يلجأ إليه المبدعون عادةً كي ينشروا أخبارهم. أعتقد أن إحساسي بالفقد في جوزف حرب سيلازمني أمداً طويلاً، ولن يعزيني عنه إلا العودة إلى دواوينه، وكلها عندي، لأجلس معه لساعات أقرأ شعره".
الشاعر الغنائي المصري سيد حجاب تلقى الخبر بأسى شديد وأبدى اهتماماً خاصاً بالجانب المُغنّى من قصائد الفقيد، قائلاً: "برحيل جوزف حرب فقد الغناء العربي صوتاً مهماً أمتعنا طويلاً مع الرحابنة وفيروز، فقد كانت نصوصه الشعرية أساساً لكثير من الألحان العبقرية، سواء في الشعر الفصيح أو في المحكية اللبنانية، وسوف يظل عندنا حنين دائم إليها".
انتمى جوزف حرب إلى المدرسة البرناسية في الفن، التي ترى أن العمل الفني وجماله غاية في حد ذاتها، ومطلوب لنفسه وليس لشيء آخر. وفي الحقيقة، يمكن أن يقال الكثير عن فن وأدب الشاعر من الجهة النقدية، مما لا تحتمله أجواء التأبين. ولذلك اكتفي بكلمة بسيطة من الشاعر والناقد المصري شعبان يوسف، الذي رأى أن "حرب هو من وارثي أمير الشعراء أحمد شوقي، فهو لم يكن حداثياً بل شاعراً عمودياً مجدداً، وبالتالي يمثّل رحيله خسارة كبيرة للقصيدة العمودية وللشعر المغنّى".
وأضاف يوسف: "كانت قصائده تُنشر في الصفحات الأولى من مجلة "إبداع" المصرية في التسعينات، وأتذكر أنه عندما قرأ أشعاره في الأوبرا المصرية كانت الصفوف ممتلئة بكاملها".