تعتبر عملية شفط الدهون من عمليات تجميل الجسم الأكثر شيوعاً، وقد أدخلت عليها تطورات كثيرة في السنوات الأخيرة. ومما لا شك فيه، أن اللجوء إليها تزايد شيئاً فشيئاً، إلى أن أصبح اعتمادها يتم بطريقة عشوائية أحياناً، خصوصاً مع ما يترافق معها من خطر في حالات معينة، وصولاً إلى حالات وفاة عديدة سمعنا عنها نتيجة إهمال أو خطأ، أو لأسباب أخرى. بالنسبة إلى الطبيب الاختصاصي في جراحة التجميل والترميم، تعتبر عملية شفط الدهون من العمليات السهلة لإزالة الدهون غير المرغوب فيها من مواضع معينة، ونحت الجسم، وربما إعادة حقن الدهون في أماكن أخرى في الجسم بشكل متناسق. لكن كأي عملية أخرى، ثمة محاذير لا يمكن إهمالها في شفط الدهون لأن الخطر موجود.
كما بات واضحاً في عالم التجميل، ثمَّة تطورات عديدة أحدثت تغيُّرات في التقنيات المعتمدة، وجعلتها أكثر سهولة وفاعليّة. ويظهر ذلك في النتائج اللافتة التي يتمُّ تحقيقها في التجميل عامة. فقبل 10 سنوات، كانت عملية شفط الدهون تُجرى للتنحيف. أما اليوم، فلم تعد كذلك، بل أصبحت تُجْرَى لنحت الجسم، إذْ تغيرت معايير إجرائها. كما أنه في السابق، كان التخدير العام معتمداً في عملية شفط الدهون، مما يزيد من احتمال حصول مضاعفات كالنزف. إلا أنها أصبحت أكثر سهولة اليوم، وتجرى بالتخدير الموضعي، إذا كان الشفط يجرى من موضع واحد، ويتم اعتماد تقنية خاصة لتجنب النزف الذي كان يحصل في السابق. مع الإشارة إلى أنه يمكن شفط الدهون من مواضع عدة في الجسم كالوجه والكتفين والذراعين والصدر، وغالباً ما يتم اللجوء إليها لشفط الدهون من مواضع عدة في الوقت نفسه.
يفكّر كثرٌ باللجوء إلى عمليّة شفط الدهون في حال الزيادة الكبيرة في الوزن، وكأنها حلٌّ لمشكلة السمنة التي يعانونها. في الواقع، ليست عملية شفط الدهون الحل في هذه الحالة. فهدفها ليس التنحيف، وهي طبعاً ليست الحل للأشخاص الذين يعانون السمنة. تجرى هذه العملية في حال تكدس الدهون في مواضع معينة، لا إذا كانت موزعة في الجسم. لذلك، يُنْصَح بالعمل على خفض الوزن، أما الدهون المتبقية الموزعة في مواضع معينة، والتي يستحيل التخلص منها بالحمية والرياضة، فتكون عملية شفط الدهون الحلّ الأمثل للتخلص منها. كما أنّه من الأفضل إجراء كل عمليات التجميل، لدى ثبات الوزن، لأنّ التغيير في الوزن يؤثر سلباً على فاعلية العملية. لكن، يجمع الأطباء الاختصاصيون في التجميل والترميم، على أن الأشخاص الذين يعانون زيادة معتدلة في الوزن، وفي معدل الدهون تحديدًا، يستفيدون من عملية شفط الدهون، لاعتبارها تشكل حافزاً لهم للاستمرار بالحمية والرياضة، واتباع نمط حياة صحي متكامل بعد الحصول على نتيجة واضحة مرضية بالعملية.
لا يرتبط فعلياً نجاح عملية شفط الدهون بسن الشخص أو بكمية الدهون التي يتم سحبها، بل أكثر بنوعية الجلد. فإذا كان الجلد مترهّلاً، من الطبيعي ألا تكون العملية ناجحة؟ وتأتي بنتيجة مرضية عندما يكون الجلد مشدوداً، خصوصاً أن الجلد سيترهل أكثر بعدها. علماً أنه بقدر ما تكون المرأة أصغر سناً، يكون الجلد مشدوداً أكثر، فتكون النتيجة فضلى. كما أن ثمة مواضع معينة تنجح فيها العملية أكثر من أخرى. فبشكلٍ عام، الجلد في الظهر لا يترهّل، مما يساعد على تحسين نتيجة العملية في هذا الموضع. هذا بعكس الجهة الداخلية من الفخذ، والتي تترهّل كثيراً وبسهولة. أما في حال عدم تجاوب الجلد في العملية، فيمكن شفط كمية أقل من الدهون وبطريقة سطحية للحصول على نتيجة فضلى ولشدّ الجلد بشكل أفضل.
صحيح أن عملية شفط الدهون تعتبر من العمليات السهلة نسبياً والشائعة، إلا أن الخطر موجود فيها كما في أي عملية أخرى، خصوصاً في حالات معينة. فقد لا تشكل عملية شفط الدهون خطراً على حياة المريض في كل الحالات، لكن يبقى الشرط الأساسي هو الالتزام بمعايير السلامة التي وضعتها الجمعية الدولية لجراحة التجميل والترميم. ويمكن أن ينتج أحياناً عن العملية هبوط في ضغط الدم. أما الخطر الحقيقي فيحصل عند شفط كمية من الدهون، تتخطى المعدل المسموح به، مما يمكن أن يؤدي إلى الوفاة. لذلك، بقدر ما تكون كمية الدهون التي يتم سحبها قليلة، تكون العملية آمنة أكثر. ولا مشكلة في شفط الدهون من مواضع عدة، شرط الالتزام بنسبة الدهون المسموح بإزالتها، وذلك لتجنب الأخطار التي قد تنتج عن المبالغة، وحفاظاً على سلامة المريض. وقد تكون عملية شفط الدهون خطيرة أحياناً في الحالات التي يُجرح فيها الشريان الكبير الذي يؤدي إلى القلب وتدخل الدهون من خلاله، مما يسبب جلطة. وقد يحصل ذلك خلال ساعات، ويمكن أن يؤدي إلى الوفاة. علماً أنه قد لا يكون من الممكن معرفة أن الشريان قد جرح، وبالتالي لا يمكن التصدي لذلك في حال حدوثه.
وأخيرًا، تبقى عملية شفط الدهون آمنة، شرط عدم تخطي نسبة 7 إلى 10 في المئة من معدل الوزن، أو 5 ليترات من الدهون لا أكثر. ويجب عدم تخطي هذا المعدل، تجنباً للمضاعفات والخطر. يمكن أحياناً شفط كمية كبيرة من موضع معين إذا كانت الدهون زائدة فيه، لكن عندها يجب الحد من الشفط من موضع آخر. الأهم هو عدم تخطي هذه الحدود. كما أن سحب كميات زائدة عن المعدل المحدد، قد يؤدي إلى تشوه في الجسم، وتجويفات بشعة فيه.