شكوك تونسية

20 ابريل 2020
غموض يلف المشهد التونسي بخصوص فيروس كورونا (ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -
هناك حالة من الغموض تلف المشهد التونسي بخصوص فيروس كورونا وتداعياته الصحية والاقتصادية والسياسية، وهناك نوع من التضارب في الأرقام والمواقف يزيد من عدم فهم التونسيين لحقيقة أوضاعهم وتوجهات مسؤوليهم، في الحكومة والرئاسة والبرلمان.

لا يعرف التونسيون ما إذا كان الوضع تحت السيطرة صحياً أم لا، خصوصاً أمام نتائج بعض الأيام التي لا تسجل فيها سوى إصابتين أو خمس فقط من بين مئات التحاليل التي تُجرى على الحالات المشكوك فيها. وتتضارب أيضاً تصريحات المسؤولين التونسيين بهذا الخصوص. ونفى وزير الصحة عبد اللطيف المكي، أمس الأحد، ما نُسب إليه من تصريحات حول أن الوضع تحت السيطرة وأن تونس تجاوزت مرحلة الخطر في علاقة بفيروس كورونا. وأوضح في تصريح إذاعي أن "تونس تجنّبت إلى حد الآن السيناريو الأسوأ، لكننا نسير في طريق وعرة، والانفلات أو الانزلاق وارد دائماً"، مشدّداً على أن تونس لا تزال في قلب العاصفة.
وينتظر التونسيون بفارغ الصبر أن تصل التحاليل السريعة التي تُقدّر بحوالي 400 ألف تحليل، بعدما تضاربت تصريحات المسؤولين بشأن موعد وصولها وبداية إجرائها على الجميع، إذ ستكون الامتحان الحقيقي للوضع وستكشف إذا كانت تونس تجاوزت الأسوأ بالفعل أم أنها في قلب الأزمة.

ولا يخلو الموضوع طبعاً من تداعياته وخلفياته السياسية، لأن وزير الصحة، وهو من قيادات "النهضة"، يتحدث عن محاولات إرباك للحكومة، ويواجه حملة قوية بسبب صعوده الصاروخي في الاستبيانات وتصدره للمشهد التونسي، ووزير مكافحة الفساد يؤكد أن الحكومة باقية ولن تنجح محاولات إسقاطها، ووزير الصناعة في قلب أزمة الكمامات وما يحيط بها من شبهات، والرئيس التونسي قيس سعيّد يؤكد ليلاً في القيروان، وهو يخالف منع التجول الذي أمر به، أن تونس ستهزم كل الجوائح بما فيها الجوائح السياسية، ويواجه ذات الانتقادات التي تتهمه بالشعبوية ومحاولة السيطرة على المشهد.

ولكن الصراع الأكبر الذي يقلق التونسيين هو الذي يحدث مع رجال الأعمال الذين تتمرد بياناتهم على اتفاقات مع الحكومة، استباقاً ربما لقرارات أخرى في الطريق، ويدفعون إلى عودة الحياة لمصانعهم ويضغطون بشدة في هذا الاتجاه حتى يتم الحد من الحجر الصحي العام، بينما تغيب مثل هذه السجالات في دول أخرى، لأن الأهم أولاً وأخيراً هو صحة الناس، وبعدها تأتي السياسة والاقتصاد والحسابات، وسيكون أمام الجميع فرصة للمحاسبة وتحميل المسؤوليات، وهي رياضة تونسية يبرع فيها التونسيون بامتياز.
المساهمون