ثمة مخاوف تتعلق بمؤسسة "بيت الزكاة" في مصر ومؤسسات خيرية ضخمة أخرى، لا يمكن إنكارها أو التهرب من الإفصاح عنها مهما سمَكت الحوائط الحمراء المحيطة بها، فالنظام الذي التهم خلال السنوات الماضية، أموال التأمينات والمعاشات المقدرة بنحو 579 مليار جنيه (76 مليار دولار)، لن يعجز عن سلب 20 مليار جنيه سنوياً هي أموال الزكاة المتوقع جمعها عبر المؤسسة المستحدثة.
وإن كان لأموال التأمينات والمعاشات اتحادات عمالية تطالب بها، فإن أموال الزكاة تولد يتيمة، فبمجرد أن يودعها صاحبها لا يسأل عنها.
وإذا كان الفساد المالي والإداري بكل ما يتصل بالدولة المصرية أبيَن من أن نتطرق له، فمن غير المقبول، وضع كل هذه الأموال في قبضة مؤسسة خرجت من رحم النظام، أي نظام، فذاك أدعى بأن تتبع تلك المؤسسة نفس النهج الذي تسير عليه السُلطة فكرا ومضمونا. خاصة وأن القرار الذي صدر بإنشاء تلك المؤسسة لم يراعي استقلاليتها عن أجهزة الدولة، إذ بادر القرار الجمهوري بتشكيل مجلس الإدارة، والذي يكاد يخلو من العارفين بأمور الزكاة ومصارفها، اللهم باستثناء شيخ الأزهر.
كما أن التشكيلة التي وضعتها السلطة على رأس هذه المؤسسة "الخيرية" تعكس أطماع النظام في الاستحواذ على أموال الزكاة، وإلا فما دخل وزير المالية السابق ممتاز السعيد، ووزير التخطيط الحالي أشرف العربي، ومحافظ البنك المركزي السابق فاروق العقدة، ووزيرة التخطيط السابقة فايزة أبو النجا، في أمور تتعلق بالأعمال الخيرية!
الدخول على الموقع الإلكتروني للمؤسسة، يضمن إجابة تشفي الحيرة، فقد وضعت الإدارة بين بنود موارد بيت الزكاة "عائد استثمار أموال البيت في الأنشطة التي لا تتعارض مع أهدافه".
هذه إذا الغاية القصوى من تلك المؤسسة، سيما وأن الاستثمار الأقرب لها والأقل مخاطرة سيكون شراء أذون خزانة حكومية تدعم النظام في سد عجز الموازنة المزمن.
ولا تُبدي المؤسسة نفسها شفافية، كما هو حال أغلب المؤسسات الخيرية المعروفة، فيما يتعلق بحجم الدعاية الإعلانية التي تقوم بها، أو الأجور والرواتب التي يتقاضاها مجلس الإدارة أو العاملين فيها، في ظل يتناثر من روايات حول مبالغ طائلة يتقاضاها موظفون كبار في مؤسسات مثل "مصر الخير" و"الأورمان". فقد نقل لي شخصيا، أحد الثقات ممن لهم صلات قوية بتلك الجمعيات أن رواتب بعض الموظفين فيها تتجاوز 30 ألف جنيه شهريا، للموظف الواحد بالطبع، يتقاضها هؤلاء من حر أموال الصدقات والزكاة المخصصة في الأساس للفقراء.
وعلى مدار العقود الماضية، تكفلت جمعيات خيرية تخضع في الغالب للرقابة الأهلية بفعل تلاحمها مع المواطنين بشكل مباشر، ولا يعمل في صفوفها إلا من يُشهد له بالفضل وحسن العمل والسلوك.
اقرأ أيضاً: حكومة مصر تلجأ لأموال الزكاة لسد عجز مواردها