ليست طبيبة أو ناشطة. مع ذلك، تطلق حملات تطوعية في المجتمع. هي مجرد طالبة في إحدى الجامعات الغزية. تواظب على الدراسة من جهة، وتنظم حملات للتبرع بالدم وإنقاذ المرضى في مختلف المستشفيات في القطاع من جهة أخرى. تفعل هذه الأمور بشكل فردي. تخاف أن تحتكر المؤسسات الطبية مثل هذه الحملات. إنها شيماء فيصل العقاد، التي تدرس التحاليل الطبية في جامعة الأقصى.
شيماء البالغة من العمر 22 عاماً، هي من مدينة خانيونس. تختلف عن زميلاتها وزملائها. اختارت العمل في المجال التطوعي ومساعدة الناس. بدأت مشوارها حين تدربت في بنك الدم ـ فرع خانيونس. حينها، لاحظت أن هناك إقبالاً من المواطنين على البنك لحاجتهم لوحدات الدم. في كثير من الأحيان، لم يكونوا ليجدوا فئة الدم التي يحتاجونها، فيضطرون للبحث عن متبرع بشكل سريع بهدف إنقاذ المريض.
تقول لـ "لعربي الجديد": "لاحظت أن هناك مشكلة في هذا المجال. قصدت رئيس بنك الدم في خانيونس، وطرحت عليه فكرة حملتها، التي تقوم على أن يتبرع أفراد عائلتها بالدم. استجاب لطلبها وأرسل طاقماً إلى عائلتها حتى وصل عدد المتبرعين إلى الأربعين. هكذا نجحت في حملتها الأولى في الحصول على 40 وحدة دم، وذلك في شهر يناير/كانون الثاني من العام 2014.
وبعد أربعة أشهر، قصدت شيماء عائلة الجبور في خانيونس، وطرحت الفكرة على مختار العائلة، مؤكدة أن دافعها إنساني. وبالفعل، تمكنت من الحصول على 18 وحدة دم من العائلة التي أبدت تعاونها. مرّت أربعة أشهر أخرى، وعادت إلى عائلتها وجمعتهم مجدداً بمساعدة المختار للتبرع بالدم. تقول لـ "العربي الجديد" إنهم تبرعوا بالدم قبل أشهر، وهذا أمر جيد إذ يساهم في تجديد الدورة الدموية ويزيدهم قوة. من خلال هذه الحملات، نشرت ثقافة التبرع بالدم، وبدا لافتاً تفاعل البعض مع الأمر بإيجابية.
وكان لعائلة الأسطل، وهي إحدى أكبر العائلات في مدينة خانيونس، مشاركتها في الحملة، من خلال التبرع في المستشفى. بعدها، حاولت شيماء استهداف عدد كبير من الفئات التي تتمتع بصحة جيدة. وقع خيارها على جهاز الشرطة الفلسطيني. وبدت هذه الحملة ناجحة جداً، وخصوصاً أنه تبرع نحو مائة شخص بالدم. وعادة ما تسعى إلى التوجه إلى العائلات الكبيرة والتحدث إلى مختار كل واحدة منها بسبب السلطة التي يتمتع بها، وقدرته على حث بقية أفراد العائلة على التبرع. تطرح عليه الفكرة، وتحكي عن أهميتها لناحية مساعدة وإنقاذ المرضى. أما هو، فيدعو الشباب في العائلة الذين يتمتعون بصحة جيدة للتبرع بالدم في المستشفيات القريبة أو غيرها من المراكز.
خلال حملاتها، تركز شيماء على إيصال وحدات الدم إلى مرضى الكلى، وخصوصاً أنهم في حاجة ماسة إلى وحدات الدم خلال عملية غسيل الكلى. وتلفت إلى أنه في كل عملية غسيل للكلى، يحتاج المريض إلى سبع وحدات دم. كذلك الحال بالنسبة لمرضى سرطان الدم، والنساء أثناء الولادة، بالإضافة إلى مرضى الثلاسيميا.
إلى ذلك، رحبت وزارة الصحة في غزة بحملاتها، لا بل تجاوبت معها. وفي ما يتعلق بإقناع الناس، تشير شيماء إلى أن ثقافة التبرع غير موجودة، مشيرة إلى أن هناك فكرة خاطئة بين الشباب، وهي أن التبرع قد يؤثر على الصحة. تضيف أن هذا الأمر دفعها إلى تنظيم جلسات توعية حول أهمية التبرع وفائدته قبل يوم من إطلاق أي حملة، وذلك من خلال المواقع الإلكترونية الخاصة بالعائلات، وتوعيتهم حول أهمية التبرع، ما أدى إلى زيادة الإقبال على الحملة".
من جهة أخرى، تلفت شيماء إلى أن المستشفيات في غزة تحتاج إلى عشر وحدات دم كل نحو ثانيتين، ما يشير إلى وجود أزمة حقيقية في المجتمع لناحية كثرة الأمراض. هذا الواقع يزيد من حاجتنا لمثل هذه الحملات.
وتجدر الإشارة إلى أن شيماء كانت قد تلقت عروضاً عدة للعمل في مؤسسات صحية، على أن تتابع حملاتها في إطارها على أن تحصل على مقابل مادي، إلا أنها رفضت لأن الدافع الإنساني هو ما تفكر فيه.
في الوقت الحاضر، تجول شيماء على العائلات الكبيرة في مناطق جنوب قطاع غزة، بهدف التعريف عن حملتها أكثر، ونشر ثقافة التبرع، والحصول على أكبر عدد من وحدات الدم. كذلك، تطمح إلى مزيد من التجاوب في المجتمع الفلسطيني مع هذه الحملات، وخصوصاً فئات الشباب.
تختم شيماء حديثها قائلة إن الحملات باتت جزءاً منها. حتى إنها تنتظرها بفارغ الصبر. ما تفعله يزيد من حبها لوطنها. تقول: "هذا نضالي كأي فلسطينية تحب وطنها وتريد المساهمة في إنقاذ الأرواح".
اقرأ أيضاً: سرطان الثدي إلى تفاقم في غزة