كشفت صحيفة "يسرائيل اليوم"، النقاب عن أن جيش الاحتلال وضع خطة لـ "الانقضاض" على المدارس الثانوية بهدف تشجيع الطلاب على الانخراط في الوحدات القتالية وألوية الصفوة عند التحاقهم بالخدمة العسكرية.
وأشارت الصحيفة، في تحقيق نشرته اليوم الخميس، إلى أن تحرك الجيش يأتي في إطار خطته لمواجهة تراجع الدافعية للخدمة في الوحدات المقاتلة، لافتة إلى أن الخطة تتضمن تبني ألوية مشاة مختارة بعض المدارس الثانوية إلى جانب قيام الملتحقين بدورات القيادة في الجيش بإلقاء محاضرات أمام الطلاب وذويهم بهدف إقناعهم بالانضمام إلى الوحدات المقاتلة.
وبحسب الصحيفة، فإن الجيش في جولاته في المدارس الثانوية سيستعين بخدمات 50 جنديا يعتبرون رياضيين ناجحين، لإشراكهم في جهوده الهادفة إلى رفع مستوى الدافعية للخدمة في ألوية الصفوة والوحدات القتالية.
وذكرت "يسرائيل اليوم"، أن هؤلاء الرياضيين سيشاركون في التدريبات الرياضية التي يؤديها الطلاب في المدارس من أجل زيادة مستوى الاحتكاك معهم وفتح مجالات للحوار، بهدف إقناعهم بالالتحاق بالوحدات القتالية وألوية الصفوة.
وبحسب التحقيق، فإن قائد لواء التخطيط ومدير القوى البشرية في الجيش الجنرال عيران شني هو الذي وضع الخطة الهادفة إلى تعزيز الدافعية لدى طلاب الثانوية للانخراط في الوحدات القتالية بالتعاون مع وزارتي الحرب والتعليم.
تحول بالغ الخطورة
وأشارت الصحيفة إلى أن قيادة الجيش باتت ترى في تراجع الدافعية للخدمة في الوحدات القتالية لدى النشء اليهودي "تحولا بالغ الخطورة"، مبيّنة أن الدافعية للخدمة في الوحدات القتالية تراجعت بشكل كبير، إذ تجاوز مستوى التراجع المستوى الذي تم تسجيله في أعقاب حرب لبنان الثانية صيف 2006.
وقالت إن 63% من طلاب المدارس الثانوية فقط أعربوا عن رغبتهم في الانخراط في وحدات قتالية عند التحاقهم بالخدمة العسكرية.
ويذكر أنه على الرغم من أن الخدمة العسكرية في إسرائيل إجبارية، إلا أن الجيش يترك للمتجندين الجدد الحق في الالتحاق بالوحدات والألوية التي يرغبون فيها.
وفي السياق، فإن النظام التعليمي الإسرائيلي دأب على صبغ وعي النشء اليهودي بقيم العسكرة. فعلى سبيل المثل تقوم روضات الأطفال بتنظيم رحلات للأطفال لقواعد الجيش، وتمكين الأطفال من أخذ صور تذكارية لكل طفل وهو يقف فوق دبابات الجيش، وبعد ذلك يتم توزيع رايات ألوية الجيش على الأطفال لكي يقوموا بتثبيتها على رياض الأطفال بعد عودتهم.
وتقوم إدارات المدارس الثانوية بتنظيم رحلات لطلابها إلى مواقع الجيش، حيث يشاهد الطلاب مناورات وتدريبات بالنار الحية، في حين يتم تنظيم رحلات إلى مواقع المعارك بين الجيش الإسرائيلي والجيوش العربية.
وأحد الأمثلة التي تجسد عسكرة التعليم في إسرائيل بشكل واضح، هو كتاب الرياضيات للصف الخامس الابتدائي الذي ألفه مردخاي فاشستوم، حيث إن المسائل الحسابية التي تتكون منها التدريبات التي يطلب من الطلاب الإجابة عنها تدور حول الجيش وألويته. مثلاً يرد في الكتاب السؤال التالي: من بين 6340 جندياً مدرباً، طلب من 2070 الانضمام الى وحدة المظليات، و1745 إلى سلاح المشاة، كم بقي من الجنود؟
إلى جانب ذلك، فإن أحد أبرز مظاهر عسكرة التعليم في إسرائيل يتمثل في تبوؤ كبار ضباط الجيش في الاحتياط مناصب إدارية هامة في جهاز التعليم وإدارة المؤسسات التعليمية.
وقد قامت وزارة التعليم بتمويل مشروع يطلق عليه "تسافتا"، يهدف إلى تأهيل الضباط المتقاعدين من الجيش والمخابرات للانخراط في سلك التعليم، حيث تم دمج 300 ضابط كمديري ومدرسي المؤسسات التعليمية.
ويعد الجنرال رون خولدائي، رئيس بلدية "تل أبيب" الحالي مثالا على دور العسكر في إدارة المؤسسات التعليمية، إذ إنه في أعقاب تسرح خولدائي من الجيش، حيث كان يقود هيئة أركان سلاح الجو، تم تعيينه مديرا لمدرسة "جمناسيا هرتسليا"، التي تعد من أشهر المدارس الثانوية في إسرائيل.
ويقر القائمون على التعليم الإسرائيلي بأنهم لا يستعينون بخدمات الضباط في التدريس لأغراض تربوية وتعليمية، بل لتكريس قيم العسكرة لدى الطلاب. ويجاهر موطي ساجي، الذي كان مديرا لمشروع برنامج إعداد الضباط في وزارة التعليم بدفاعه عن الاستعانة بالضباط في التدريس، إذ قال: "لدينا في جهاز التعليم لا يبحثون عن معلمين مهنيين، بل عن قياديين، فضباط الجيش المتقاعدون يتمتعون بميزات خاصة وقدرات ضخمة".
وضمن الأنشطة اللامنهجية التي تكرس العسكرة، قيام مؤسسات التعليم بتنظيم رحلات للطلاب إلى المعارض الفنية التي تخلد ذكرى الجنود الذين قتلوا في حروب إسرائيل، لا سيما متحف "ياد لبنيم".
الفن للتغطية على بشاعة الحرب
وتقول الباحثة في مجال التربية الدكتورة فيرد شمرون في دراسة لها، إن المؤسسات التعليمية "تجند الفن من أجل التغطية على بشاعة الحرب".
وتشير شومرون إلى أن الطلاب يشاهدون خارج أسوار المدرسة الإعلانات التجارية التي تقدس الجيش، حيث أشارت إلى أن شركة "تنوفا" للألبان قامت بلصق ملصقات دعائية حول الجبن، تقول فيه (50% للمظليين، 50% للواء جولاني، 100 للعائلة).
في الوقت نفسه، وضمن برامج الإذاعة المدرسية، يقوم الطلاب باستضافة جنرلات وكبار الضباط في الجيش والمخابرات وإجراء مقابلات معهم، ويترك لبقية الطلاب توجيه أسئلة لهم.