05 نوفمبر 2024
صورة الإسلاميين على الشاشات
محمد طلبة رضوان
يرفض الإسلاميون صورتهم في مسلسل "الاختيار" الذي يعالج قضية الإرهاب في مصر، ويسوّقون، من جديد، فكرة عداء الدولة للإسلام، لا الإسلاميين، وللدين لا المتدينين، وهي الفكرة التي تجعل من خصومة الإسلاميين مع الأنظمة صراعاً نقياً بين الحق والباطل، الإيمان والكفر، الإسلام وأعدائه، لا صراعاً على السلطة، بين طرفين لكل منهما قراءته الدينية التي تخدم مصالحه، كما تجعل من مناصرة الإسلاميين فريضةً دينية، لا خياراً سياسياً، ومن معارضتهم أو الاختلاف معهم عداوة صريحة لله!
تأتي المزايدة هذه المرة على "نظامٍ" لا يمكن عاقلاً أن يتورّط في الدفاع عنه، فحجم ما يرتكبه من جرائم في اليوم الواحد يوشك أن يتجاوز ما ارتكبه غيره في سنوات، إلا أن قضية تآمر الدولة على الإسلام في شخص الإسلاميين تتجاوز بدورها نظام عبد الفتاح السيسي، فهي إحدى خصائص تصور الإسلاميين لأنفسهم، وواحدة من التيمات المتكرّرة في خطابهم، فهل تعادي الأعمال الفنية في مصر الإسلام أم التديّن؟ بل هل تعادي الدولة المصرية، خصوصاً دولة أنور السادات التي تحكمنا إلى الآن، دولة العلم والإيمان، والرئيس المؤمن، والصحوة الإسلامية، وأخلاق القرية، هل تعادي هذه الدولة الإسلام؟ يبدو السؤال هزلياً بالنسبة إلى مصري، بالغ عاقل، لكنه سؤال مطروحٌ بقوة في المجال العام، ويجد من يجيب عنه بنعم، من يُعادِنا فهو يعادي الإسلام!
يظهر الإسلاميون في أغلب الأفلام والمسلسلات المصرية بصورة تحسم من رصيدهم، لا لأنهم مسلمون، بل لأنهم منافسون على السلطة، فالدولة تخاصم في سلطتها من ينازعها إياها، كذلك يظهر اليساريون في أفلام عادل إمام ويوسف معاطي، بُلهاء، مزيفين، مثاليين، حنجوريين، "هتيفة". في فيلم "السفارة في العمارة"، يقرأون ميكي لا ماركس، يستدرجون الفتيات تحت لافتات التحرّر، يراكمون الملايين ويركبون المرسيدس، وهم يدّعون الكفاح من أجل الطبقة العاملة في "الثلاثة يشتغلونها"، والأمثلة كثيرة.
يظهر المتدينون في الأفلام والمسلسلات المصرية بصورة إيجابية، تتناسب مع احتفاء المجتمع بهم، وقد يكون لدى الكاتب أو المخرج أو ممثل الدور موقف نقدي من الدين، أو من نمط تديّن المجتمع، لكنه لا يمتلك، في مصر، إلا أن يقدّم التدين المصري في صورة إيجابية. وحده التديّن الحركي هو من يظهر بصورة سلبية لأسباب سياسية، لا علاقة لها بالدين، ولا حتى بالتديّن، على إطلاقه، يمكنك أن تراقب شخصياتٍ مثل الشيخ بدار في مسلسل "ذئاب الجبل"، عم عباس الضو، والدكتور إمام (الأكاديمي والمثقف المسلم) في "المال البنون"، عبد الوهاب في "لن أعيش في جلباب أبي"، الحاج عامر عبد الظاهر في "زيزينيا"، وغيرهم كثيرين.
جميعهم شخصيات أساسية، ومركزية، في مسلسلات مصرية، من إنتاج قطاع الإنتاج، أيام حسني مبارك، جميعها حكومي، وجميعها عرض علي تلفزيون الدولة، ولو توقفت قليلاً أمام هذه الشخصيات، وقد تعمدت الاختيار من مسلسلات شهيرة، وتتمتع بمشاهداتٍ عالية في مصر وخارجها، أقول لو توقفت قليلاً لوجدت أن التديّن هو سر قوة الشخصية ومصدر تميزها درامياً، فلولا التدين، ومعرفة الله، والوقوف عند حدود شرعه، لما واجه الشيخ بدار مجتمعه وعائلته وأطناناً من التقاليد الصعيدية التي تحرّم زواج الفتاة بمن تحب، وتجبرها على الزواج بابن عمها. ولولاه لما قاوم عم عباس الضو شهوة المال الحرام، ولانجرف مع سلامة فراويلة، فخسر دينه ودنياه. فالتديّن، في هذه المعالجات الفنية، قيمة اجتماعية، وإنسانية، تصلح صاحبها، وتحمي عائلته، وتجعله محل تقدير واحترام.
يفسر بعضهم اتهامات الإسلاميين للدولة باضطهادهم والعداء للدين وأهله بأنها من تجليات الشعور الدائم بالمظلومية، إلا أن هذه الاتهامات في خطاب التدين الحركي تتجاوز الدولة إلى الجميع. فاليساريون يضطهدون الإسلاميين، ويقدّمونهم في أعمالهم الفنية بصورة منفرة، وكذلك الليبراليون، والعلمانيون، جميعهم أعداء الإسلام، جميعهم أعداء الدين، جميعهم أعداء الله، شعور عميق ومتأصل بـ"الاستحقاق"، يجعل من كل محاولة للنقد "تجاوزاً" لا يليق في حق "الأطهار"، تماماً كما تواجه الدولة المصرية محاولات انتقادها، وتعتبرها محض خيانة، وعمالة، ومؤامرة كونية.
يظهر الإسلاميون في أغلب الأفلام والمسلسلات المصرية بصورة تحسم من رصيدهم، لا لأنهم مسلمون، بل لأنهم منافسون على السلطة، فالدولة تخاصم في سلطتها من ينازعها إياها، كذلك يظهر اليساريون في أفلام عادل إمام ويوسف معاطي، بُلهاء، مزيفين، مثاليين، حنجوريين، "هتيفة". في فيلم "السفارة في العمارة"، يقرأون ميكي لا ماركس، يستدرجون الفتيات تحت لافتات التحرّر، يراكمون الملايين ويركبون المرسيدس، وهم يدّعون الكفاح من أجل الطبقة العاملة في "الثلاثة يشتغلونها"، والأمثلة كثيرة.
يظهر المتدينون في الأفلام والمسلسلات المصرية بصورة إيجابية، تتناسب مع احتفاء المجتمع بهم، وقد يكون لدى الكاتب أو المخرج أو ممثل الدور موقف نقدي من الدين، أو من نمط تديّن المجتمع، لكنه لا يمتلك، في مصر، إلا أن يقدّم التدين المصري في صورة إيجابية. وحده التديّن الحركي هو من يظهر بصورة سلبية لأسباب سياسية، لا علاقة لها بالدين، ولا حتى بالتديّن، على إطلاقه، يمكنك أن تراقب شخصياتٍ مثل الشيخ بدار في مسلسل "ذئاب الجبل"، عم عباس الضو، والدكتور إمام (الأكاديمي والمثقف المسلم) في "المال البنون"، عبد الوهاب في "لن أعيش في جلباب أبي"، الحاج عامر عبد الظاهر في "زيزينيا"، وغيرهم كثيرين.
جميعهم شخصيات أساسية، ومركزية، في مسلسلات مصرية، من إنتاج قطاع الإنتاج، أيام حسني مبارك، جميعها حكومي، وجميعها عرض علي تلفزيون الدولة، ولو توقفت قليلاً أمام هذه الشخصيات، وقد تعمدت الاختيار من مسلسلات شهيرة، وتتمتع بمشاهداتٍ عالية في مصر وخارجها، أقول لو توقفت قليلاً لوجدت أن التديّن هو سر قوة الشخصية ومصدر تميزها درامياً، فلولا التدين، ومعرفة الله، والوقوف عند حدود شرعه، لما واجه الشيخ بدار مجتمعه وعائلته وأطناناً من التقاليد الصعيدية التي تحرّم زواج الفتاة بمن تحب، وتجبرها على الزواج بابن عمها. ولولاه لما قاوم عم عباس الضو شهوة المال الحرام، ولانجرف مع سلامة فراويلة، فخسر دينه ودنياه. فالتديّن، في هذه المعالجات الفنية، قيمة اجتماعية، وإنسانية، تصلح صاحبها، وتحمي عائلته، وتجعله محل تقدير واحترام.
يفسر بعضهم اتهامات الإسلاميين للدولة باضطهادهم والعداء للدين وأهله بأنها من تجليات الشعور الدائم بالمظلومية، إلا أن هذه الاتهامات في خطاب التدين الحركي تتجاوز الدولة إلى الجميع. فاليساريون يضطهدون الإسلاميين، ويقدّمونهم في أعمالهم الفنية بصورة منفرة، وكذلك الليبراليون، والعلمانيون، جميعهم أعداء الإسلام، جميعهم أعداء الدين، جميعهم أعداء الله، شعور عميق ومتأصل بـ"الاستحقاق"، يجعل من كل محاولة للنقد "تجاوزاً" لا يليق في حق "الأطهار"، تماماً كما تواجه الدولة المصرية محاولات انتقادها، وتعتبرها محض خيانة، وعمالة، ومؤامرة كونية.
دلالات
مقالات أخرى
29 أكتوبر 2024
22 أكتوبر 2024
15 أكتوبر 2024