ما إن تذكر كورنيش وشواطئ الإسكندرية، حتى تطفو على ذاكرتك صور تجمّع وتراصّ العشرات من الشباب والرجال والكهول ممسكين صنارتهم وكراسيهم الخشبية، لقضاء الساعات الأولى من إشراقة يوم جديد تحت أشعة الشمس أو برد الشتاء، مستمتعين بصبرهم على رزق ينتظرونه مع إطلالة شمس كل صباح.
وستلمح بمجرد مرورك عليه في أي وقت على مدار اليوم تجمعات من مختلف الأعمار أمام عدد من شواطئ وبحيرات المحافظة الممتدة والمنتشرة في مختلف المناطق وسط رائحة مياه البحر والسمك وصوت الأمواج المتلاطمة، وفوقهم أشعة الشمس تتراقص في صورة أشبه بلوحة فنية أبدعت في وصف جمال الطبيعة، ومتكررة على سواحل المدينة.
صيد السمك بالصنارة يعدّ جزءاً من تراث المدينة ومن أبرز الهوايات والمشاهد المألوفة التي يستمتع بها أهالي المناطق الساحلية وبالأخص عشاق البحر منهم. يُلقون معها هموم ومتاعب الحياة اليومية، وفي الوقت نفسه يبحثون معها عن رزقهم فيها، خاصة أنها الهواية التي يُعتمد فيها على النصيب وما يجود به البحر.
وغالباً ما تشهد مناطق وشواطئ أبو قير وبحيرة مريوط ولسان الشاطبي وقلعة قايتباي وكوبري ستانلي، تجمعات كبرى لمحبي الصيد من كل الأعمار، ومنافسات بين المشاركين تتنامى عاماً بعد عام للاستمتاع والترفيه عن أنفسهم.
حازم الأحمد، طالب في هندسة الإسكندرية، يأتي صباح الجمعة، ليكفر هموم أسبوع مضى من الحياة. لا يبيع ما يرزقه الله من خيره في الصيد، بل يأتي به إلى أهله، بعد صبر بالساعات. ويقول حازم: "آتي على كوبري ستانلي، حيث أشهد شروق الشمس والبحر، فهو منظر مهما صوّرته الكاميرات، فلن يكون في روعة مشاهدته مباشرة".
يأتي حازم ليُلقي بهمومه في البحر، مع طول انتظاره للسمك، يجلس على كرسي خشبي، مُدلياً صنارته الطويلة، متحلياً بالصبر، في انتظار حصيلة يومه الذي غالباً ما يكون عدداً من السمكات لا تتجاوز العشرين مختلفة الأحجام، لكنه يتعرف إلى أنواع نادرة، لم يشاهدها من قبل، حسب قوله.
يجبرك على الالتفات إليه، إنه حسين جابر، رجل قعيد على كرسيه المتحرك، يتحرك بصعوبة شديدة على الرصيف المواجه لطريق الكورنيش، يقول حسين: "أنا راجل طالع على المعاش، آتي كل جمعة كوبري ستانلي لممارسة هوايتي في الصيد، أنا لست صياداً، ولكن إذا رزقت بكمية كبيرة من السمك، أقوم ببيعها في السوق بمساعدة أحد أصدقائي".
يتابع: "هنا تنسى همومك على ستانلي، مع أصوات السيارات المارة، وصوت أمواج البحر العالية، أجلس في سكون في انتظار الرزق، وبصحبة باقي الصيادين ومحبي الصيد".
مطر الشتاء له وقع خاص على الصيادين، فتحت المطر تلمح طفلاً في الثانية عشرة من عمره بصحبة والده، مرتدياً قفازين وممسكاً بسلة السمك لوالده، ويشاهد معه خروج السمك من البحر. يقول خالد الطفل: "بابا يأخذني معه يوم الجمعة، ورغم الشتاء والمطر إلا أن الكوبري يكون رائعاً حيث تكون الأعداد قليلة، فنأتي بعد الفجر مباشرة، ونصطاد مع وعد دائم بتكرار هذه الرحلة الممتعة".
القرب من مسكنها كان السبب في مداومة وحرص مها ميهوب على التوجه إلى شاطئ أبو قير لممارسة هواية الصيد بالصنارة ووصفتها بأنها "مزاج" الإسكندرانية وحياتهم، لارتباطها بطبيعة مدينتهم الساحلية والتي أثّرت على جميع قاطنيها سواء بحب الصيد والبحر والمأكولات والرحلات البحرية.
وعن طرق تعلم الصيد، أضافت مها: "صيد السمك بالصنارة لا يحتاج إلى مؤهلات أو قدرات خاصة للراغبين، وإن كان أهم درس يجب أن يتعلمه المبتدئ هو الصبر وألا يصاب بالملل جراء فشلة في اصطياد كميات كبيرة".
وأشارت إلى أن سعادتها في نهاية اليوم غالباً ما تكون بنجاحها في ممارسة هوايتها التي تحبها والتعرف أو التعاون مع آخرين لهم نفس الهواية أو الرغبة بغض النظر عن النتيجة، أو كمية الأسماك التي حصلت عليها"، مؤكدة أن تجربة الصيد أكسبتها كثيراً من الصفات، أهمها الصبر والتأني والمثابرة، والمشاركة والتفاعل مع شخصيات مختلفة في إطار هواية يحبها الجميع.
بدوره، يرى محروس عبد المتعال أثناء وجوده على شاطئ الأنفوشي بمنطقة بحري، أن الصيد يحتاج إلى بعض الخبرة، ليس في الممارسة فقط؛ وإنما في معرفة مواسم الأسماك المختلفة وأماكن وجودها بكثافة، فكل فترة تختلف عن الأخرى، وكل مكان يختلف عن الآخر لجهة أنواع الأسماك التي توجد فيه وفي كثافة وجودها.
وأشار إلى أن أكثر ما يسعده في نهاية اليوم عندما يعود إلى منزله ومعه كمية من السمك التي حصل عليها من صيده، وتناولها مع أفراد أسرته بمنتهى التلذذ، وهو الشعور الذي يختلف كلية عن شرائه للأنواع نفسها، إذ إن "الصيد له طعم آخر لا يعرفه إلا من جرّبه".
ويتفق معه أشرف محمود، قائلاً تعلم الصيد بالصنارة ليس سهلاً كما يعتقد بعضهم؛ فليس معنى أن أدواته بسيطة لا تتضمن تكاليف مالية باهظة لا تتجاوز كلفة صنارة الصيد مع الطعم وغيرها من الأدوات الأخرى أنه لا يتطلب شيئاً من الخبرة، بحسب تعبيره.
وأضاف "هناك مكاسب أخرى في الصيد، لا يمكن قياسها تتمثل في متعة التأمل وتعلم الصبر واليقين والرضا بقضاء الله وقدره، وأحرص أنا وعدد من أصدقائي على التجمع كل فترة وتنظيم رحلة إلى عدة شواطئ، سواء في المحافظة أو خارجها لممارسة هوايتنا التي تتطلب بعض الخبرة لمعرفة أنواع الأسماك وأماكن ومواسم وجودها، إلى جانب معرفة أنواع الصنارة فمنها الرفيع والسميك والمتوسط، وكل واحدة لها استخدامها سواء في البحيرات أو الأنهار أو المياه المالحة، وإن كانت تعتمد على استخدام الطعم وتعليقه بالمخطاف وإلقائه في الماء، حتى تبتلع السمكة الطعم".
وستلمح بمجرد مرورك عليه في أي وقت على مدار اليوم تجمعات من مختلف الأعمار أمام عدد من شواطئ وبحيرات المحافظة الممتدة والمنتشرة في مختلف المناطق وسط رائحة مياه البحر والسمك وصوت الأمواج المتلاطمة، وفوقهم أشعة الشمس تتراقص في صورة أشبه بلوحة فنية أبدعت في وصف جمال الطبيعة، ومتكررة على سواحل المدينة.
صيد السمك بالصنارة يعدّ جزءاً من تراث المدينة ومن أبرز الهوايات والمشاهد المألوفة التي يستمتع بها أهالي المناطق الساحلية وبالأخص عشاق البحر منهم. يُلقون معها هموم ومتاعب الحياة اليومية، وفي الوقت نفسه يبحثون معها عن رزقهم فيها، خاصة أنها الهواية التي يُعتمد فيها على النصيب وما يجود به البحر.
وغالباً ما تشهد مناطق وشواطئ أبو قير وبحيرة مريوط ولسان الشاطبي وقلعة قايتباي وكوبري ستانلي، تجمعات كبرى لمحبي الصيد من كل الأعمار، ومنافسات بين المشاركين تتنامى عاماً بعد عام للاستمتاع والترفيه عن أنفسهم.
حازم الأحمد، طالب في هندسة الإسكندرية، يأتي صباح الجمعة، ليكفر هموم أسبوع مضى من الحياة. لا يبيع ما يرزقه الله من خيره في الصيد، بل يأتي به إلى أهله، بعد صبر بالساعات. ويقول حازم: "آتي على كوبري ستانلي، حيث أشهد شروق الشمس والبحر، فهو منظر مهما صوّرته الكاميرات، فلن يكون في روعة مشاهدته مباشرة".
يأتي حازم ليُلقي بهمومه في البحر، مع طول انتظاره للسمك، يجلس على كرسي خشبي، مُدلياً صنارته الطويلة، متحلياً بالصبر، في انتظار حصيلة يومه الذي غالباً ما يكون عدداً من السمكات لا تتجاوز العشرين مختلفة الأحجام، لكنه يتعرف إلى أنواع نادرة، لم يشاهدها من قبل، حسب قوله.
يجبرك على الالتفات إليه، إنه حسين جابر، رجل قعيد على كرسيه المتحرك، يتحرك بصعوبة شديدة على الرصيف المواجه لطريق الكورنيش، يقول حسين: "أنا راجل طالع على المعاش، آتي كل جمعة كوبري ستانلي لممارسة هوايتي في الصيد، أنا لست صياداً، ولكن إذا رزقت بكمية كبيرة من السمك، أقوم ببيعها في السوق بمساعدة أحد أصدقائي".
يتابع: "هنا تنسى همومك على ستانلي، مع أصوات السيارات المارة، وصوت أمواج البحر العالية، أجلس في سكون في انتظار الرزق، وبصحبة باقي الصيادين ومحبي الصيد".
مطر الشتاء له وقع خاص على الصيادين، فتحت المطر تلمح طفلاً في الثانية عشرة من عمره بصحبة والده، مرتدياً قفازين وممسكاً بسلة السمك لوالده، ويشاهد معه خروج السمك من البحر. يقول خالد الطفل: "بابا يأخذني معه يوم الجمعة، ورغم الشتاء والمطر إلا أن الكوبري يكون رائعاً حيث تكون الأعداد قليلة، فنأتي بعد الفجر مباشرة، ونصطاد مع وعد دائم بتكرار هذه الرحلة الممتعة".
القرب من مسكنها كان السبب في مداومة وحرص مها ميهوب على التوجه إلى شاطئ أبو قير لممارسة هواية الصيد بالصنارة ووصفتها بأنها "مزاج" الإسكندرانية وحياتهم، لارتباطها بطبيعة مدينتهم الساحلية والتي أثّرت على جميع قاطنيها سواء بحب الصيد والبحر والمأكولات والرحلات البحرية.
وعن طرق تعلم الصيد، أضافت مها: "صيد السمك بالصنارة لا يحتاج إلى مؤهلات أو قدرات خاصة للراغبين، وإن كان أهم درس يجب أن يتعلمه المبتدئ هو الصبر وألا يصاب بالملل جراء فشلة في اصطياد كميات كبيرة".
وأشارت إلى أن سعادتها في نهاية اليوم غالباً ما تكون بنجاحها في ممارسة هوايتها التي تحبها والتعرف أو التعاون مع آخرين لهم نفس الهواية أو الرغبة بغض النظر عن النتيجة، أو كمية الأسماك التي حصلت عليها"، مؤكدة أن تجربة الصيد أكسبتها كثيراً من الصفات، أهمها الصبر والتأني والمثابرة، والمشاركة والتفاعل مع شخصيات مختلفة في إطار هواية يحبها الجميع.
بدوره، يرى محروس عبد المتعال أثناء وجوده على شاطئ الأنفوشي بمنطقة بحري، أن الصيد يحتاج إلى بعض الخبرة، ليس في الممارسة فقط؛ وإنما في معرفة مواسم الأسماك المختلفة وأماكن وجودها بكثافة، فكل فترة تختلف عن الأخرى، وكل مكان يختلف عن الآخر لجهة أنواع الأسماك التي توجد فيه وفي كثافة وجودها.
وأشار إلى أن أكثر ما يسعده في نهاية اليوم عندما يعود إلى منزله ومعه كمية من السمك التي حصل عليها من صيده، وتناولها مع أفراد أسرته بمنتهى التلذذ، وهو الشعور الذي يختلف كلية عن شرائه للأنواع نفسها، إذ إن "الصيد له طعم آخر لا يعرفه إلا من جرّبه".
ويتفق معه أشرف محمود، قائلاً تعلم الصيد بالصنارة ليس سهلاً كما يعتقد بعضهم؛ فليس معنى أن أدواته بسيطة لا تتضمن تكاليف مالية باهظة لا تتجاوز كلفة صنارة الصيد مع الطعم وغيرها من الأدوات الأخرى أنه لا يتطلب شيئاً من الخبرة، بحسب تعبيره.
وأضاف "هناك مكاسب أخرى في الصيد، لا يمكن قياسها تتمثل في متعة التأمل وتعلم الصبر واليقين والرضا بقضاء الله وقدره، وأحرص أنا وعدد من أصدقائي على التجمع كل فترة وتنظيم رحلة إلى عدة شواطئ، سواء في المحافظة أو خارجها لممارسة هوايتنا التي تتطلب بعض الخبرة لمعرفة أنواع الأسماك وأماكن ومواسم وجودها، إلى جانب معرفة أنواع الصنارة فمنها الرفيع والسميك والمتوسط، وكل واحدة لها استخدامها سواء في البحيرات أو الأنهار أو المياه المالحة، وإن كانت تعتمد على استخدام الطعم وتعليقه بالمخطاف وإلقائه في الماء، حتى تبتلع السمكة الطعم".