ضحايا "الثلاثاء الأسود" التونسي... الساعات الأخيرة لماهر الكبسي

29 نوفمبر 2015
الصدمة لا تزال تسيطر على الشارع التونسي(محمد خليل/فرانس برس)
+ الخط -

ما زالت عائلات الضحايا من الأمن الرئاسي في تونس، ممّن لقوا حتفهم في العملية الإرهابية التي استهدفت حافلة للأمن الرئاسي في شارع محمد الخامس بالعاصمة التونسية، يوم الثلاثاء الماضي، تعيش تحت وقع الصدمة. تفاصيل اللحظات الأخيرة، وذكريات الثلاثاء الأسود، وآخر المكالمات التي وصلتهم قبل الحادثة، يرويها مقربون من أحد الضحايا، ماهر الكبسي، لـ"العربي الجديد".

تقول سميرة، حماة ماهر الكبسي، الذي بلغ 42 عاماً، وهو أب لطفلة تبلغ من العمر خمسة أعوام، إنه كان بمثابة ابن لها، فهو كان يقطن معها في المنزل نفسه المكّون من طابقين، مشيرة إلى أن ماهر كان في إجازة يوم التفجير ولكن جرى استدعاؤه للالتحاق بالعمل، فسارع إلى قطع الإجازة وتلبية النداء، وهو لا يدري أنه يتجه نحو حتفه.

وتلفت إلى أنّها لاحظت تغيّراً في تصرفات ماهر منذ حوالي ستة أشهر، وخصوصاً بعد استهداف الإرهابيين لمدنيين في منطقة القصرين، إذ كان يتخوّف من أن الإرهابيين سيستهدفون أيضاً الأمن الرئاسي، وأنهم سيطوّرون في نسق هجماتهم واعتداءاتهم، مشيرة إلى أن عائلته ردت عليه باستغراب شديد، وطمأنته أنه لا يمكن الوصول إلى الأمن الرئاسي.

وتوضح حماة ماهر، أنّه كان معتاداً على ممارسة الرياضة، وأن لديه حكاية مع حافلة الأمن الرئاسي، حيث كان يستقل القطار، ثم يلتحق بالحافلة في شارع محمد الخامس، وأنه كان في صراع دائم وسباق مع الوقت خشية أن يتأخر عن موعد الوصول، وهو ما يعني التأخر في الوصول إلى مقر عمله في القصر الرئاسي.

اقرأ أيضاً: رد تونس على "الثلاثاء الأسود": تحوّل بالحرب على الإرهاب

وتروي سميرة الساعات الأخيرة من حياة ماهر قبل مقتله، قائلة إنه "تناول طعام الغداء عندها حوالي الساعة الواحدة بعد الظهر، لكنه كان حزيناً على غير العادة، على الرغم من أنه شخص مرح ودائم الابتسامة، ثم غادر البيت، لكن لحظات قبل انطلاق الحافلة، اتصل بي هاتفياً، وأوصاني بابنته رحمة، طالباً مني أن أعود بها باكراً من الروضة، فالطقس بارد، وبالتالي لا يريد أن يتركها خارج البيت لساعة متأخرة"، مشيرة إلى أن تلك الكلمات كانت الأخيرة للكبسي.

أما شقيق ماهر، فبدا غير مصدق لخبر مقتل شقيقه، مشيراً إلى أنه لم يكن يتخيّل أن تكون وفاته بتلك الطريقة وعلى أيدي إرهابيين. ويعتبر أن هناك تراخياً في توفير الحماية اللازمة لرجال الأمن، "إذ إنه من غير المقبول أن يصعد إرهابي إلى حافلة للأمن الرئاسي ويفجّر نفسه ويقتل 12 شخصاً".

ويلفت إلى أنهم لم يعرفوا بوفاة شقيقه إلا بعد عدة ساعات، حين وصلهم خبر انفجار الحافلة، وأنه على الرغم من حديث البعض عن مجرد إصابات، وآخرين عن جرحى، إلا أن إحساسه كان يخبره بحصول مكروه لماهر. ويضيف: "والدتي امرأة مسنّة وهي ما زالت حتى الآن تحت وقع الصدمة. سنفتقد جميعاً طلّة ماهر وابتسامته".

أما جارة ماهر، فتستذكره قائلة إنه كان شخصاً محبوباً، وكان دائم الابتسامة، مشيرة إلى أنها كانت تراه تقريباً كل صباح برفقة ابنته رحمة، حاملاً إياها إلى روضة الأطفال. وتضيف باكية: "كان نِعمَ الجار، لكن يد الغدر اغتالته".

اقرأ أيضاً: الصدمة تسيطر على الشارع التونسي: لا أحد بمأمن

دلالات