عبد الله طالب في كلية تجارة جامعة الأزهر، يحكي قصته التي مر بها العام الماضي لـ"جيل العربي الجديد"، فبعد خروجه من بوابة الجامعة وأثناء مروره على كوبري المشاة، فوجئ بشخص بملابس مدنية، يطلب منه إظهار بطاقته الشخصية، وبمجرد معرفته أن عبد الله طالب في جامعة الأزهر، فوجئ بخمسة أشخاص يأخذون كل ما في جيوبه، بعد هذا تم اقتياده لقسم ثاني مدينة نصر مع مجموعة من الطلاب الآخرين، حيث دخلوا القسم في صف واضعين أيديهم على أكتاف بعضهم البعض متلقين أثناء ذلك أسوأ الشتائم والإهانات بجانب الضرب على الرأس، كأنهم أسرى حرب بحسب عبد الله، وهناك تم إدخالهم ما يسمى بالثلاجة.
داخل الثلاجة
"الثلاجة عبارة عن رواق ضيق لا يتسع لأن يجلس فيه أحد إلا القرفصاء. أدخلونا فيها وكنا حوالى 30 شخصاً، وكانت تنبعث رائحة قذرة بسبب تناثر زجاجات البول في المكان. مكثنا هناك حوالى 7 ساعات، في هذه الأثناء كنا لا نستطيع التنفس ولا الجلوس ولا الوقوف بجانب سماعنا صرخات الطلاب أثناء استجوابهم في مكتب الأمن الوطني"، هكذا وصف عبد الله لحظاته داخل الثلاجة، قبل أن يتم إخراجه منها لاستجوابه.
أثناء الاستجواب
يحكي عبد الله تفاصيل قصته أثناء الاستجواب: "تم اقتيادي وأنا معصوب العينين ومكتف اليدين لمكتب الأمن الوطني. هناك ظللت واقفاً لمدة عشر دقائق لا أسمع شيئاً إلا همساً لبعض الضباط، بعد ذلك توجه أحد الضباط إلي وتم سؤالي عن كل شيء متعلق بحياتي. هناك علمت السبب وراء الصرخات التي سمعتها منذ قليل، حيث شعرت بتطاير شرار الكهرباء عندما تم وضع سلك الكهرباء أمام وجهي مباشرة، مهدداً إياي بتعذيبي في حالة عدم اعترافي بكيفية تنظيم المظاهرات، ولم يشفع لي إلا أن الهارد ديسك الذي كنت أحمله وتليفوني المحمول لم يكن فيهما شيء يتعلق بالتظاهرات بعكس الطلاب الآخرين. بعد ذلك تم إرجاعي إلى الثلاجة مرة أخرى، وهناك تعرفت على أحد الطلبة الأزهريين القادمين من سيناء".
للطالب السيناوي وضع خاص
حسام، طالب أزهري من سيناء ليس له أي نشاط سياسي، كان ينزف من جميع جسده، نتيجة حفلة الضرب الجماعي التي أقامها المجندون له في عربة الترحيلات، قبل توصية الضابط الذي اعتقله عشوائياً لهؤلاء الجنود، بعد أن علم أن حسام طالب أزهري بالإضافة إلى أنه من الشيخ زويد بسيناء. يقول عبد الله عنه: "كان كل جزء من جسده متورماً، وكان يرتعش جراء الكهرباء التي تعرض لها أثناء الاستجواب، وحكى لي أنهم أمروه بشرب الماء، الأمر يؤدي إلى أثر مضاعف أثناء التعذيب بالكهرباء، قبل ربطه بكرسي المكتب وتعريضه لصعقات الكهرباء في خصيتيه، وتحت إبطيه وفي مناطق أخرى".
يضيف عبد الله، "بعد هذا تم إنزالنا إلى الحجز، حيث بتنا حتى صباح اليوم الثاني، ثم رحلنا لنيابة مدينة نصر، وهناك تم عرضنا على النيابة ولُفقت لي 5 تهم، وهي اعتداء على منشآت الدولة، إحراج ضباط الجيش والشرطة، والهتاف ضدهم بهتافات مناوئة، إنشاء جماعة تابعة لجماعة إرهابية، القيام بمظاهرات بدون ترخيص، قلب نظام الحكم. بعد ذلك عدنا إلى الحجز، والذي أمضيت فيه حوالى أسبوعين حتى الإفراج، وهناك تعرفت على الطالب، عمر الشويخ، أو كما يلقبونه بأسد الأزهر".
أسد الأزهر
هو الطالب عمر جمال متولي إبراهيم الشويخ، يلقبونه بأسد الأزهر، من مواليد 14 أكتوبر/تشرين الأول 1994، عرف عنه أنه لا يضع قناعاً أثناء المظاهرات، اعتقل في 24 مارس/آذار 2014 وتم اقتياده إلى قسم ثاني مدينة نصر، وهناك تعرض عمر للتعذيب، حيث نقل أصدقاؤه عنه قوله "كانت الكهرباء لا تفارق جسدي. كانوا يكهربونني أكثر مما يسألونني. وكانت كل الأسئلة عمّن يشارك في المظاهرات، من ينظمها، من يضع خطط التظاهر، من يعطيك المال في الجامعة"، وأثناء الاستجواب تمت كهربة عمر تحت إبطيه وتحت ذراعيه الاثنتين وفي الخصيتين، وفي العورة الأمامية، وفي أطراف أصابعه الأمامية وأثناء ذلك كله كان هناك ضرب بالعصي على ظهره.
ولكن بسبب صلابة عمر، قام المستجوبون بانتهاكه جنسياً كما نقلت عنه أمه، ثم أجبر عمر بعد ذلك على تسجيل فيديو تم إملاء ما يقوله فيه من قبل ضابط، بعد أن هدده بتعذيبه بنفس الطرق مرة أخرى، ثم بعد ذلك تم حبس عمر انفرادياً بعد جلسة تحقيق أخرى مسائية من ضابط آخر، ثم حبسه حتى عرض النيابة التي جددته له أكثر من ثلاث مرات، حتى تم الحكم عليه بخمس سنوات و100 ألف جنيه غرامة.
إحصاءات طلابية
يقول محمد أبو هريرة، المحامي بمرصد طلاب الحرية لـ "جيل": "بالنسبة لطلاب الأزهر، يتعرضون لأعنف الانتهاكات، سواء على مستوى اقتحام الجامعات أو حملات الاعتقال أو الفصل والقتل".
يضيف أبو هريرة أن هذه الانتهاكات تأتي في إطار حملة هي الأعنف في تاريخ الحركة الطلابية ككل، فالحركة الطلابية الآن تعرضت لانتهاكات خطيرة، تجاوزت حتى فترات حكم مبارك والسادات وناصر.
يذكر أن مرصد طلاب الحرية هو مرصد حقوقي أسسته مجموعة من المحامين والنشطاء يختص برصد وتوثيق الانتهاكات الواقعة على فئة الطلاب.
ووفقاً لاحصائيات المرصد، فإن عدد المعتقلين، بين الفترة من 11 أكتوبر/ تشرين الأول 2014 حتى 15 يوليو/ تموز 2015، بلغ 314 طالباً أزهريّاً معتقلاً تعسفياً، في حين بلغ عدد طلاب الجامعات المعتقلين في مصر عموماً حوالى 1409 في نفس الفترة.
وبلغت حالات الاختفاء القسري في الجامعات المصرية عامة، في نفس الفترة، حوالى 329 حالة، منهم 11 طالبة.
كما بلغ عدد الطلاب المفصولين، في نفس الفترة، حوالى 584 طالباً من مختلف الجامعات المصرية.
وأحيل 273 طالباً في نفس الفترة إلى المحاكمات العسكرية، منهم 60 طالباً أزهريّاً.
ويبلغ عدد إجمالي القتلى من الطلبة، بين 11 أكتوبر/ تشرين الأول 2014 ويونيو/ حزيران 2015، 21 طالباً قتيلاً.
يذكر أنه منذ فترة 3/7/2013 إلى 11/2/2015، بلغ عدد الطلاب القتلى في الجامعات حوالى 228، وعدد الطلبة المعتقلين حوالى 3242، وعدد الطلبة المفصولين 708 طلاب.
(مصر)