تُعدّ الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى الدوحة أمس الأربعاء، ولقاؤه مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، زيارة لافتة في زمانها، فالمتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، أعلن عن زيارة ظريف إلى الدوحة، قبل ساعات قليلة فقط من موعدها، ما يوحي بأن ترتيب الزيارة تم على عجل، خصوصاً أن وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، غادر في زيارة إلى العاصمة الأردنية عمّان. بالتالي، ربما كانت هناك أسباب جوهرية تستلزم سرعة إنجاز الزيارة ليلتقي رئيس الدبلوماسية الإيرانية، الأمير تميم من دون وزير الخارجية القطري، على عكس ما يفترضه البروتوكول الدبلوماسي عادةً.
كذلك تُعدّ الزيارة ملفتة في مكانها، إذ تعود آخر زيارة لظريف إلى الدوحة، إلى شهر يوليو/تموز 2015، عقب توقيع إيران الاتفاق النووي مع دول الخمس زائد واحد، حين قام بجولة خليجية شملت قطر والكويت بالإضافة إلى العراق لإطلاع المسؤولين في الدول الثلاث على تفاصيل الاتفاق الذي وقّعته إيران. ولم تخرج وكالة الأنباء القطرية الرسمية "قنا"، عن الخبر "الدبلوماسي" حول مضمون اللقاء، إذ اكتفت بالقول إنه جرى خلال لقاء أمير قطر مع وزير الخارجية الإيراني "استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، إضافة إلى تبادل وجهات النظر حول مستجدات الأوضاع في المنطقة". وتكتمت مصادر إيرانية وأخرى قطرية عن الردّ على استفسارات حول طبيعة الزيارة المفاجئة ومحاورها، غير أن الاحتمال كبير بأن تكون متصلة بسعي طهران إلى محاولة تطبيع علاقاتها مع دول خليجية عربية، ما عدا السعودية ربما، في ظل تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإيران ومشروعها النووي، خصوصاً أنه سبق لقطر أن تقدّمت بعرض وساطة بين إيران والسعودية.
التهديدات الأميركية لم تكن بعيدة على كل حال عن أجواء زيارة قام بها وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح إلى طهران في يناير/كانون الثاني الماضي، حمل خلالها رسالة من الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني بشأن العلاقات الخليجية الإيرانية، إذ نُقل عن الوزير صباح قوله "إن الرسالة التي يحملها إلى روحاني تتعلق بالعلاقات الخليجية الإيرانية وأسس الحوار والتعاون بين دول الخليج وإيران".
كما تأتي بعد زيارتين قصيرتين قام بهما الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى كل من سلطنة عُمان والكويت، عقب تسلمه رسالة أمير الكويت، المتعلقة بعلاقات دول الخليج العربية بإيران. ولم تعلن طهران رسمياً ردها على المطالب التي حملتها رسالة أمير الكويت إلى الرئيس الإيراني، خصوصاً في ما يتعلق بتطبيع العلاقات وفتح حوار خليجي-إيراني لتوظيف إمكانات الطرفين بما يعود بالمنفعة عليهما، وردها أيضاً على الدعوات الخليجية لوقف التدخّلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، خصوصاً في اليمن والبحرين. إلا أن زيارة روحاني للكويت وسلطنة عُمان، وزيارة وزير الخارجية محمد جواد ظريف إلى قطر، ربما تؤشران إلى استشعار القيادة الإيرانية خطراً آتياً من واشنطن، لمواجهتها في عدد من الجبهات العربية على الأرجح، من العراق أولاً ثم سورية فاليمن وربما لبنان، الساحة الأضعف.