في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمرّ فيها لبنان وسكّانه، لا سيّما في مخيمات اللجوء الفلسطينية، يجد اللاجئ الفلسطيني نفسه يبحث عن مصدر رزق ثانٍ له غير ذلك الأساسي الذي يمتهنه ليعيل نفسه وعائلته. والهوايات الحرفيّة من تلك الخيارات. ثمّة أشخاص يتّكلون على ما يحملونه بالفطرة، وثمّة آخرون يعزّزون مواهبهم من خلال انتسابهم إلى معاهد أو مشاركتهم في ورش بهدف الاحتراف. إلى هؤلاء، يطوّر البعض هوايته من خلال عمله الذي يتيح له المجال أمام تعلّم أمور عدّة.
عدنان الصديق لاجئ فلسطيني في الستينيّات من عمره، واحد من هؤلاء الذين وجدوا أنفسهم مضطرين إلى تأمين مصدر رزق ثان لهم. لذا لجأ إلى الزخرفة بالأصداف البحرية، وإن احترفها بالصدفة، "فأنا والبحر صديقان". والصديق من شفا عمرو في فلسطين، ولد لاجئاً في مخيّمات الشتات في لبنان، وتحديداً في مخيّم البرج الشمالي في مدينة صور (جنوب) المكان الأقرب إلى الوطن.
والزخرفة بالأصداف البحرية التي تشمل الأواني وغيرها من الأدوات التي تستخدم في البيوت، حرفة تحتاج إلى وقت وجهد وتأنّ، بالإضافة إلى عدد كبير من الأصداف التي يجمعها صاحب الحرفة من على شاطئ البحر. لكنّ هذه الحرفة ليست رائجة في السوق اللبنانية ولا في الوسط الفلسطيني، إمّا لعدم معرفة الناس بها على نطاق واسع، أو لعدم توفّر الإمكانيات المادية لمحترفيها. ثمّة حاجة إلى معارض دائمة حتى يتعرّف الناس على هذه الحرفة ويروَّج لها محترفوها وهواتها بالطريقة المناسبة.
يخبر الصديق أنّه "في الأساس كنت أعمل في البناء، لكنّني مع تقدّمي في السنّ وعدم قدرتي على العمل مثل السابق، اخترت الزخرفة بالأصداف مهنة، وتفرّغت لها في النهاية". يضيف: "قبل 25 عاماً بدأت احتراف الزخرفة بالأصداف البحرية، وبسبب قرب منزلي من البحر كان من السهل عليّ جمع الأصداف. ورحت أصنع قطعاً لزينة البيت قبل أن أطوّر ذلك ليصبح اليوم حرفتي التي أؤمّن الرزق من خلالها. وصرت أبيع ما أنتجه، من خلال معارض".
اقــرأ أيضاً
ويوضح الصديق أنّ "مدخول هذه المهنة بسيط وهو بالتأكيد لا يكفي عائلة، خصوصاً في غياب مكان دائم للعرض. فهذه الحرفة في حاجة إلى معارض دائمة حتى يتآلف معها الناس أكثر". ويشكو من عدم تبنّي أعماله الحرفية، "فأنا لا أجد من يأخذ بيدي حتى أتمكّن من الإنتاج بصورة أكبر، بل أكتفي بمشاركات في معارض تنظّمها جمعيات ومؤسسات لبنانية. أمّا على الصعيد الفلسطيني، فمشاركاتي اقتصرت على معرضَين فقط. هنا لا يعيرون انتباهاً لأعمالي الفنيّة كوني فلسطينياً. لكنّني في حاجة إلى دعم معنويّ على الأقلّ".
والصديق عاتب كثيراً على "فصائلنا ومؤسساتنا التي لا تعير اهتماماً لمثل هذا الفن الذي يكاد ينقرض". ويلفت إلى أنّ "ثمّة أشخاصاً يقصدونني ويطلبون بعض الأعمال، وبهذه الطريقة أصرّف بعضاً من إنتاجي". وهل ثمّة إمكانيّة ليرث أولادك هذه الحرفة؟ يجيب الصديق: "أولادي تعلّموا الحرفة منّي، في حين أنّني فعلت ذلك لوحدي. فأنا اعتمدت على نفسي في هذا المجال. وهم تعلّموها فقط من أجل أنفسهم وليس من أجل الاحتراف. من غير الممكن الاعتماد على احترافها والتفرّغ لها اقتصادياً".
ولا يخفي الصديق رغبته في جعل أعماله الفنية في معرض دائم، على أن يتضمّن ذلك المعرض ورش تعليم كذلك. بالنسبة إليه، فإنّه "من الجيّد أن يتعلم الفلسطينيون هذه المهنة التي تحفظ تراث بلادنا". يُذكر أنّ كلّ أعمال عدنان تحمل الهويّة الفلسطينية، فهو يخاف من اندثار تلك الهويّة.
تجدر الإشارة إلى أنّ كثيرين هم الذين يشبهون عدنان الصديق في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. هؤلاء يتمسّكون بحرف تحمل شيئاً من هويّتهم الأصليّة، ويتمسّكون بكلّ ما من شأنه الحفاظ على تراثهم. لكنّهم في حاجة إلى من يسندهم ويمدّ لهم يد العون حتى يتمكّنوا من ذلك. ما يطلبونه ليس عسيراً، وهو في الوقت نفسه فعل مقاومة وصمود بالنسبة إليهم.
اقــرأ أيضاً
عدنان الصديق لاجئ فلسطيني في الستينيّات من عمره، واحد من هؤلاء الذين وجدوا أنفسهم مضطرين إلى تأمين مصدر رزق ثان لهم. لذا لجأ إلى الزخرفة بالأصداف البحرية، وإن احترفها بالصدفة، "فأنا والبحر صديقان". والصديق من شفا عمرو في فلسطين، ولد لاجئاً في مخيّمات الشتات في لبنان، وتحديداً في مخيّم البرج الشمالي في مدينة صور (جنوب) المكان الأقرب إلى الوطن.
والزخرفة بالأصداف البحرية التي تشمل الأواني وغيرها من الأدوات التي تستخدم في البيوت، حرفة تحتاج إلى وقت وجهد وتأنّ، بالإضافة إلى عدد كبير من الأصداف التي يجمعها صاحب الحرفة من على شاطئ البحر. لكنّ هذه الحرفة ليست رائجة في السوق اللبنانية ولا في الوسط الفلسطيني، إمّا لعدم معرفة الناس بها على نطاق واسع، أو لعدم توفّر الإمكانيات المادية لمحترفيها. ثمّة حاجة إلى معارض دائمة حتى يتعرّف الناس على هذه الحرفة ويروَّج لها محترفوها وهواتها بالطريقة المناسبة.
يخبر الصديق أنّه "في الأساس كنت أعمل في البناء، لكنّني مع تقدّمي في السنّ وعدم قدرتي على العمل مثل السابق، اخترت الزخرفة بالأصداف مهنة، وتفرّغت لها في النهاية". يضيف: "قبل 25 عاماً بدأت احتراف الزخرفة بالأصداف البحرية، وبسبب قرب منزلي من البحر كان من السهل عليّ جمع الأصداف. ورحت أصنع قطعاً لزينة البيت قبل أن أطوّر ذلك ليصبح اليوم حرفتي التي أؤمّن الرزق من خلالها. وصرت أبيع ما أنتجه، من خلال معارض".
والصديق عاتب كثيراً على "فصائلنا ومؤسساتنا التي لا تعير اهتماماً لمثل هذا الفن الذي يكاد ينقرض". ويلفت إلى أنّ "ثمّة أشخاصاً يقصدونني ويطلبون بعض الأعمال، وبهذه الطريقة أصرّف بعضاً من إنتاجي". وهل ثمّة إمكانيّة ليرث أولادك هذه الحرفة؟ يجيب الصديق: "أولادي تعلّموا الحرفة منّي، في حين أنّني فعلت ذلك لوحدي. فأنا اعتمدت على نفسي في هذا المجال. وهم تعلّموها فقط من أجل أنفسهم وليس من أجل الاحتراف. من غير الممكن الاعتماد على احترافها والتفرّغ لها اقتصادياً".
ولا يخفي الصديق رغبته في جعل أعماله الفنية في معرض دائم، على أن يتضمّن ذلك المعرض ورش تعليم كذلك. بالنسبة إليه، فإنّه "من الجيّد أن يتعلم الفلسطينيون هذه المهنة التي تحفظ تراث بلادنا". يُذكر أنّ كلّ أعمال عدنان تحمل الهويّة الفلسطينية، فهو يخاف من اندثار تلك الهويّة.
تجدر الإشارة إلى أنّ كثيرين هم الذين يشبهون عدنان الصديق في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. هؤلاء يتمسّكون بحرف تحمل شيئاً من هويّتهم الأصليّة، ويتمسّكون بكلّ ما من شأنه الحفاظ على تراثهم. لكنّهم في حاجة إلى من يسندهم ويمدّ لهم يد العون حتى يتمكّنوا من ذلك. ما يطلبونه ليس عسيراً، وهو في الوقت نفسه فعل مقاومة وصمود بالنسبة إليهم.