يُمسك الفلسطيني عطوة حماد بـ "الوتر الحريري" الأخير، ويربطه بالأوتار الثنائية الخمسة، منهياً بذلك المرحلة الأصعب في صناعة آلة العود. في غرفته الضيقة، تتناثر ألواح خشب "الجوز" و"الزان" وآلات العود غير المكتملة، وأخرى جاهزة ومعلّقة على الجدران. يجرّب آلته الجديدة قبل أن يعرضها للبيع إلى جانب ثمانية أخرى كان قد انتهى من صناعتها خلال الأشهر الستة الأخيرة.
يقول صانع العود الوحيد في قطاع غزة: "بدأت هذه الهواية قبل عام، حين كان أحد أصدقائي يتحدث عن جمال صوت هذه الآلة. قررت أن أباشر بصناعتها مستعيناً ببعض المواقع على شبكة الانترنت". ويضيف: "لم أنجح من المرة الأولى. لا بل فشلت أكثر من عشرين مرة، إلى أن صنعت واحداً يضاهي نظيره المستورد بنقاء الصوت وجمال المظهر".
بدأ حماد بتحضير ألواح خشب "الجوز" والأوتار والمفاتيح لصناعة آلة جديدة، يضمها إلى مجموعته المعلقة على الجدران. حتى اليوم، صنع 35 آلة، باع منها ثمانية لفنانين ومؤسسات تهتم بالموسيقى.
يعاني حماد بعض الشيء جراء قلة المهتمين بالموسيقى في قطاع غزة، بخلاف الضفة الغربية، بسبب قسوة ظروف الحياة وانشغالهم بهموم فرضها الحصار والفقر والبطالة، إضافة إلى الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة. وينحصر استخدام آلة "العود" في غزة بالهواة، وعدد قليل من العازفين والفنانين. ورغم ضعف الإقبال على شراء "العود"، يبدو حماد "مصراً على مواصلة صناعة هذه الآلة التي أحبها كثيراً، حتى ولو لم يتمكن من بيع أعداد كبيرة منها".
وقبل أن ينهي جملته، كان قد قسّم لوح خشب "الجوز" إلى قطع رقيقة يسميها "الأضلاع"، وثنى أطرافها بعناية، قبل أن يثبتها على قالب خشبي كان قد جهزه مسبقاً، صانعاً "ظهر العود".
تستغرق صناعة العود الواحد حوالي عشرة أيام، وتصل كلفته إلى 200 دولار أميركي. يتمنى حماد فتح السلطات المصرية لمعبر رفح، ورفع الحصار عن غزة، علّه يتمكن من تصدير آلاته التي يصنعها إلى الخارج.
مرّ العازف الفلسطيني محمود النواجحة بحماد للاطمئنان عليه. وقال لـ "العربي الجديد" إن "الآلات الموسيقية التي يصنعها لا تختلف عن تلك المستوردة".