انتشرت في الآونة الأخيرة علامات تجارية لسلع ومنتجات سورية مقلّدة يتم تصنيعها في تركيا، من بين العلامات زاد الخير والدرة وصابون حلب وبن العلبي وبن حسيب، وثار سجال واسع حول الظاهرة التي اعتبرها البعض حقاً للصناعيين السوريين الذين نقلوا منشآتهم لتركيا، وبالتالي يجوز امتلاك علامتهم التجارية، وآخرون أكدوا أن ما يجري يندرج ضمن باب الاحتيال والتزوير، إذ يكتبون "صنع في سورية" على منتجات تم تصنيعها على الأراضي التركية.
ووصف الصناعي السوري أسامة قطيش، في حديثه لـ"العربي الجديد"، نقل العلامات التجارية التي يمتلكها آخرون بالغش، وتغرير بالمستهلك السوري بتركيا، متسائلاً: لماذا لا يؤسس السوريون علامات جديدة بطرق قانونية وأخلاقية ليجذبوا المستهلكين السوريين وغير السوريين؟
وعبر الصناعي السوري، عن أسفه من سلوكيات بعض الصناعيين السوريين في تركيا، وقال "في حين استطاع السوريون إثبات وجودهم بالأسواق، بل وتصدير بضائعهم التي يصنعونها بتركيا إلى بعض الدول العربية والأوروبية، يأتي البعض ليسرق جهد الآخرين ويبني على أمجادهم بهدف الربح والالتفاف على طرق منافسة الآخرين وإنتاجهم".
وعزا قطيش سبب سرقة بعض العلامات التجارية المشهورة بسورية سابقاً لسببين، الأول استسهال الصناعي ومحاولة تسويق إنتاجهم على حساب سمعة وجهد الآخرين، والثاني تخلف دائرة حماية الملكية بسورية عن أداء واجبها وعدم ربطها بدوائر حماية الملكية العالمية، ما أتاح سرقة علامات تجارية مشهورة.
وتطور الأمر إلى قيام بعض الصناعيين السوريين بتسجيل بعض العلامات رسمياً في المؤسسات المختصة بحماية الملكية الفكرية في تركيا، منها على سبيل المثال "بن حسيب وصابون حلب، ومنتجات "الدرة" الغذائية التي كانت تصدر من سورية إلى معظم دول العالم.
ويقول مسؤول شركة "الدرة" المسجلة في تركيا، لـ"العربي الجديد"، "إن من حق الصناعي السوري أن يسجل هذه العلامة ويحميها بتركيا". ويضيف المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، "لدينا معمل في مدينة مرسين التركية وينتج العديد من السلع الغذائية التي لاقت رواجاً لدى السوريين المقيمين بتركيا، وليس في ذلك أي تعد على العلامة السورية، ونحن نكتب صنّعت خصيصاً لتركيا وليس صنعت في سورية، تحقيقاً للمصداقية".
ورداً على سؤال، حول سبب نقل اللون والاسم و"اللوغو" نفسه دون أي تغيير، أجاب: بصراحة لأن هذه العلامة موثوقة لدى السوريين ومن حقنا استغلال هذا الجانب تجارياً.
وفي جولة لـ"العربي الجديد" بمركز "زاد الخير" في منطقة الفاتح بإسطنبول، والذي يعد من أكبر مخازن توزيع السلع والمنتجات السورية، أكد صاحب المركز، أحمد غنيم، أن جميع البضائع تصنّع على الأراضي التركية، وخاصة في مدينتي غازي عنتاب ومرسين، وبعض الصناعيين يضعون صنع في سورية على المنتجات وبعضهم صنع في تركيا. ورأى غنيم، أن الخطورة تكمن في المنتجات التي توزع بأكياس أو علب مجهولة المصدر.
ولاقت بعض منتجات العلامات التجارية السورية ومنها "بن العلبي" و"حنيف الغذائية" الشهيرتين سابقاً بمدينة حلب، رواجاً وإقبالا من السوريين، بالإضافة إلى علامات تجارية أخرى في صناعات الملابس والجلود والمجوهرات.
وحول كيفية طباعة اللوغو والعلامة التجارية على العبوات، أكد صاحب مطبعة "ألوان" بمدينة غازي عنتاب، مصعب شكوى، لـ"العربي الجديد"، أن ملصقات تعريف المنتجات والعلامات التجارية تطبع في تركيا، حيث أن بعض الصناعيين يطلب كتابة "صنعت في سورية" على منتجات تصنّع في تركيا.
ويضيف شكوى، أن المواد الأولية الداخلة بالصناعة هي تركية بالمطلق، لكنْ المنشأة والعمال سوريون، ولكن لا يكتب على السلع أنها مصنوعة بتركيا، حسب طلب المستثمرين.
وحول دور السلطات التركية بملاحقة ما وصفهم مراقبون بتجار ومصنعين محتالين، يقول الاقتصادي التركي أوزجان أونيصال: "إن المسؤولين عن تسجيل وحماية الملكية بتركيا لا يعرفون أسماء العلامات التجارية بسورية، ويسجلون أي علامة أو تصميم يقدمه الصناعي السوري لطالما غير مسجل ومحمي عالمياً".
ويضيف الاقتصادي التركي لـ"العربي الجديد" أن الدور التركي ينحصر في رقابة الإنتاج السوري والتحقق من المواصفة القياسية المفروضة وسحب عينات من المعامل بشكل مستمر لتخضع للتحليل والمطابقة، مشيراً إلى أن الشهر المقبل ستشهد تركيا تقنيناً للمنشآت السورية غير المرخصة وملاحقة الشركات الوهمية غير المنتجة.
وكانت تركيا، منذ مطلع الثورة السورية عام 2011، أكثر دول الجوار جذباً للاستثمارات السورية، وأكدت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني في تقرير حديث، أن السوريين في تركيا ساهموا برفع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة تراوحت ما بين 0.2 إلى 0.3% وأن اللاجئين السوريين كان لهم تأثير إيجابي على معدلات نمو الاقتصاد التركي.