11 نوفمبر 2024
عمّان الجريحة وضيوفها المتطلبون
في خطاب وجده بعضهم استعلائيا وغير مناسب، من حيث المضمون والتوقيت، ليس له ما يبرّره، وفي عز جراح عمّان النازفة جرّاء مقتل أردنيين برصاص العدو الصهيوني الغادر، وتنامي حالة الغضب الشعبي، ومشاعر القهر والغيظ التي استقرّت في النفوس، بعد جريمة القتل البشعة الخسيسة التي أودت بحياة طبيب أردني، عزّ علينا جميعا مقتله بهذه الاستهانة بقيمة الحياة، وكذلك اغتيال فتىً عاثر الحظ، لم يتم السابعة عشرة من عمره الذي انقصف غيلة وغدرا على يد مجرم مرخّص، استقبل كما لو كان بطلا أسطوريا في الكيان المغتصب، وهو الذي يعتبر في أدبياته قتل العربي واجبا مقدّسا يستحق الثناء والتبجيل.
في غمرة كل هذا الأسى الذي اعتصر قلوبنا، أردنيين مكلومين مصابين في عقر أماننا وكرامتنا، وفي تجاهلٍ تام لكل تلك التفاصيل اللامعقولة الصادمة التي اكتسحت شاشات الدنيا، وبدون كلمة مواساة أو تضامن، كتبت الشاعرة الإماراتية، ظبية خميس، وكانت من المدعوّين إلى أمسيات مهرجان جرش الشعرية، في "فيسبوك"، بعد أن عبّرت عن إعجابها بجماليّات عمّان، هجائية لاذعة، طاولت كل تفاصيل رحلتها، كما أبدت الندم عليها، وعبّرت عن عدم رضاها عن ظروف الدعوة، حيث الإقامة في فندق 4 نجوم، ومكافأه هزيلة بحسب توصيفها، على الرغم من أنها تسلمتها، ووقّعت على إقرار بذلك، وتحدّثت باستخفافٍ عن الأمسية الشعرية التي شاركت فيها بشكل غير مبهر البتة، وتسلمت درعا تكريمية كذلك! وقد حضرت الأمسية أسماء ثقافية أردنية مهمة، واضح أن الشاعرة تجهلهم، أو غير معنيّة بالتعرّف على أيٍّ منهم، لأن ذهنها كان منشغلا بتعداد مساوئ الزيارة، علما بأن الدعوة التي وجهت إليها كانت لغاية محدّدة، ومدّة محدّدة لا تتجاوز الثماني وأربعين ساعة، وهي المشاركة في أمسية شعرية، ضمن مهرجان جرش، غير أن الضيفة رغبت باستثمار الزيارة في جولاتٍ سياحيةٍ، لم تكن مدرجةً على برنامج المهرجان، ولم يسعفها الحظ بالقيام بها منفردة، فراحت تتصرّف مثل أي سائح تقليدي، تتيح له استبيانات متخصّصة التعبير عن رأيه في مستوى الخدمة المتاحة، وكذلك تطلب من الزبائن، لغايات ضبط الجودة، تحديد درجة رضاهم عن مستوى الخدمة بنسبة مئوية. يحدث ذلك في الفنادق وشركات السفر والمرافق السياحية، وهو إجراء تسويقي لا بد منه، ولا أظن أن هذا الأمر يشمل الزيارات ذات الطابع الثقافي.
لا يمكن، بطبيعة الحال، إنكار الهنات ونقاط الضعف والسلبيات الكثيرة التي تقف عقبةً أمام الإعداد والتنظيم للفعاليات الثقافية التي تأتي عادة في أدنى سلم الأولويات الرسمية. وحين تنجح جهةٌ في تنظيم حدث ثقافي، يكون حضور الجمهور في حدّه الأدنى، ما يسبّب خيبة أمل وانعدام حماسة للجهات القائمة على هذه الفعاليات. والمفارقة أن الحال في بلد الضيفة العزيزة، ظبية خميس، وفي بلاد عربية كثيرة، ليست أفضل، على الرغم من الإمكانات المادية الكبيرة التي تتيح لها إعداد معارض كتب دولية متقدّمة المستوى. ومع ذلك، لا يحظى المثقف المدعوّ بأي احتفاليةٍ خاصةٍ به، ولا يقترح عليه أحد المنظّمين جولاتٍ سياحيةً من أي نوع، ولا يُتاح له الالتقاء أو التعرّف على الكتاب والمثقفين المحليين، بل يصطحبه موظف علاقات عامة إلى مقر إقامته في الفندق الفاخر. وفي حالاتٍ كثيرة، لا يبارح الضيف الفندق سوى للمشاركة في الفعالية التي دعي من أجلها قبل أن يعود أدراجه، بالآلية والرتابة نفسها إلى المطار.
أحسّ كثيرون بالامتعاض من سلوك الشاعرة الإماراتية الذي لم يراع أصول اللباقة، غير أن متعجلين جاهزين لردود الأفعال المتسرّعة لم يتأملوا كثيرا في الحالة. وبشكل عفويٍّ ينسجم مع ثقافتنا في ضرورة إكرام الضيف، تسابقوا إلى الاعتذار من مقام الضيفة السامي (!)، غير منتبهين إلى مقدار الإساءة التي ارتكبتها بحقّهم، ما يجعل عبء الاعتذار يقع عليها حصريا فقط، لو كان قومي يعلمون.
في غمرة كل هذا الأسى الذي اعتصر قلوبنا، أردنيين مكلومين مصابين في عقر أماننا وكرامتنا، وفي تجاهلٍ تام لكل تلك التفاصيل اللامعقولة الصادمة التي اكتسحت شاشات الدنيا، وبدون كلمة مواساة أو تضامن، كتبت الشاعرة الإماراتية، ظبية خميس، وكانت من المدعوّين إلى أمسيات مهرجان جرش الشعرية، في "فيسبوك"، بعد أن عبّرت عن إعجابها بجماليّات عمّان، هجائية لاذعة، طاولت كل تفاصيل رحلتها، كما أبدت الندم عليها، وعبّرت عن عدم رضاها عن ظروف الدعوة، حيث الإقامة في فندق 4 نجوم، ومكافأه هزيلة بحسب توصيفها، على الرغم من أنها تسلمتها، ووقّعت على إقرار بذلك، وتحدّثت باستخفافٍ عن الأمسية الشعرية التي شاركت فيها بشكل غير مبهر البتة، وتسلمت درعا تكريمية كذلك! وقد حضرت الأمسية أسماء ثقافية أردنية مهمة، واضح أن الشاعرة تجهلهم، أو غير معنيّة بالتعرّف على أيٍّ منهم، لأن ذهنها كان منشغلا بتعداد مساوئ الزيارة، علما بأن الدعوة التي وجهت إليها كانت لغاية محدّدة، ومدّة محدّدة لا تتجاوز الثماني وأربعين ساعة، وهي المشاركة في أمسية شعرية، ضمن مهرجان جرش، غير أن الضيفة رغبت باستثمار الزيارة في جولاتٍ سياحيةٍ، لم تكن مدرجةً على برنامج المهرجان، ولم يسعفها الحظ بالقيام بها منفردة، فراحت تتصرّف مثل أي سائح تقليدي، تتيح له استبيانات متخصّصة التعبير عن رأيه في مستوى الخدمة المتاحة، وكذلك تطلب من الزبائن، لغايات ضبط الجودة، تحديد درجة رضاهم عن مستوى الخدمة بنسبة مئوية. يحدث ذلك في الفنادق وشركات السفر والمرافق السياحية، وهو إجراء تسويقي لا بد منه، ولا أظن أن هذا الأمر يشمل الزيارات ذات الطابع الثقافي.
لا يمكن، بطبيعة الحال، إنكار الهنات ونقاط الضعف والسلبيات الكثيرة التي تقف عقبةً أمام الإعداد والتنظيم للفعاليات الثقافية التي تأتي عادة في أدنى سلم الأولويات الرسمية. وحين تنجح جهةٌ في تنظيم حدث ثقافي، يكون حضور الجمهور في حدّه الأدنى، ما يسبّب خيبة أمل وانعدام حماسة للجهات القائمة على هذه الفعاليات. والمفارقة أن الحال في بلد الضيفة العزيزة، ظبية خميس، وفي بلاد عربية كثيرة، ليست أفضل، على الرغم من الإمكانات المادية الكبيرة التي تتيح لها إعداد معارض كتب دولية متقدّمة المستوى. ومع ذلك، لا يحظى المثقف المدعوّ بأي احتفاليةٍ خاصةٍ به، ولا يقترح عليه أحد المنظّمين جولاتٍ سياحيةً من أي نوع، ولا يُتاح له الالتقاء أو التعرّف على الكتاب والمثقفين المحليين، بل يصطحبه موظف علاقات عامة إلى مقر إقامته في الفندق الفاخر. وفي حالاتٍ كثيرة، لا يبارح الضيف الفندق سوى للمشاركة في الفعالية التي دعي من أجلها قبل أن يعود أدراجه، بالآلية والرتابة نفسها إلى المطار.
أحسّ كثيرون بالامتعاض من سلوك الشاعرة الإماراتية الذي لم يراع أصول اللباقة، غير أن متعجلين جاهزين لردود الأفعال المتسرّعة لم يتأملوا كثيرا في الحالة. وبشكل عفويٍّ ينسجم مع ثقافتنا في ضرورة إكرام الضيف، تسابقوا إلى الاعتذار من مقام الضيفة السامي (!)، غير منتبهين إلى مقدار الإساءة التي ارتكبتها بحقّهم، ما يجعل عبء الاعتذار يقع عليها حصريا فقط، لو كان قومي يعلمون.