عندما تتبخّر الأسلحة

29 فبراير 2016
تمرّ تونس بأيام صعبة (تسنيم نصري/الأناضول)
+ الخط -
عاش التونسيون خلال الأيام الماضية على وقع قضية متشعبة، ضاعت حقيقتها بين التصريحات والتصريحات المضادة، ولم يفهم أحد شيئاً برغم خطورة الموضوع. تتعلق القضية بحاوية دخلت من أحد موانئ البلاد على ذمة مواطن بلجيكي مقيم في تونس، وأعلنت مصالح الجمارك أنها عثرت على جملة من الأسلحة داخل الحاوية، ليقع القبض على البلجيكي ومعاونيه.
وعقدت الجمارك ندوة صحافية لتعلن عن هذا الانتصار الأمني، غير أن التونسيين ذُهلوا عندما وقع إطلاق سراح الموقوفين، لعدم وجود أدلة! وقال القضاء إن ما وقع اكتشافه هو مجرد تقليد للأسلحة، ليعود الجدل الذي يستمر منذ سنوات: الأمن يقبض على الإرهابيين... والقضاء يطلق سراحهم.  غير أن ما كشفه وزير المالية، سليم شاكر، يوم الجمعة الماضي، أعاد الجدل إلى مربعه الأول، عندما أكد أن مصالح الجمارك كانت على حق، وأن الحاوية كانت بالفعل تحتوي على أسلحة، ولم يكن شاكر يدافع عن الجمارك بوصفها إحدى مؤسسات الوزارة، وإنما كان يوجه اتهاماً صريحاً من مسؤول في الدولة إلى مؤسسات الدولة، وهو أمر على درجة كبيرة من الخطورة، رغم أن تصريحه مر مرور الكرام، ولم يتوقف عنده أحد بما ينبغي من اهتمام. في المقابل، قرر المواطن البلجيكي العودة إلى بلاده، ومقاضاة أحد جيرانه الذين بلّغوا عنه.
بقي التونسيون على تعجّبهم مما يحدث، فلا أحد تأكد مما إذا كانت الحاوية تحتوي على أسلحة أم لا، ولا أحد عرف من هي الجهة المسؤولة عن تغيير محتويات الحاوية حتى تضيع الأدلة، ولا أحد ساءل الوزير عن تصريحه الشجاع. وما زاد في غرابة الموضوع، هو ما أشارت إليه مواقع إخبارية غربية من كون الأسلحة كانت متجهة إلى ليبيا، وتحديداً إلى موالين للواء خليفة حفتر، مما يعني أن الحاوية موجودة، ومحتوياتها معلومة ومعروفة، ومسؤولون في الدولة يؤكدون ذلك. وعلى الرغم من كل هذا، يقفل الملف بسرعة غريبة، من دون تحديد المسؤوليات، مما يقود مرة أخرى و بالضرورة إلى نظرية "الأيادي الخفية"، وينبّه بالخصوص إلى دقة هذه الأيام الصعبة التي تمر بها تونس.