أسبوعياً، يُسجّل عند معبر باب الهوى على الحدود السورية التركية، دخول عشرات من مرضى القلب السوريين إلى تركيا، إمّا لإجراء عمليات قسطرة (تمييل) أو للخضوع إلى جراحات القلب المفتوح. ويعود ذلك إلى عوامل مختلفة، لا سيّما عدم توفّر العلاجات في المناطق السورية الواقعة على الجهة الأخرى للحدود.
والحالات الوافدة من شماليّ غرب سورية إلى مستشفيات أنطاكيا وغازي عنتاب، بحسب ما يؤكد الطبيب السوري المتخصص في أمراض القلب والشرايين، الدكتور خليل فارس، "تتزايد نظراً إلى عدم توفّر مستشفيات متخصصة في إدلب وريف حلب، لا سيّما بعد تدمير مراكز صحية كثيرة نتيجة القصف". ويشير فارس لـ"العربي الجديد"، من مقرّ إقامته في إسطنبول، إلى أنّ "ثمّة ارتباطاً مباشراً بين ظروف الحرب ومرض القلب. فإذا استثنينا ظروف الغذاء والمعيشة، يُعَدّ الضغط النفسي عاملاً رئيسياً للإصابة بأمراض القلب والشرايين".
ويوضح فارس أنّ "عدم توفر الدواء بصورة مستمرة، خصوصاً بالنسبة إلى المرضى الذين يعانون من داء السكري وارتفاع ضغط الدم، من شأنه أن يزيد من حالات مرض القلب". يضيف أنّ "هذا الكلام يصحّ في المناطق غير الخاضعة لسيطرة النظام السوري، حيث تجد المنظمات العالمية صعوبة في إيصال الأدوية إليها بسبب الحرب والحصار المفروض عليها. كذلك، نسمع عن أدوية عديمة الفعالية في مناطق سيطرة النظام".
في السياق، تكشف تقارير لوزارة الصحة التابعة للنظام عن زيادة في مرضى القلب وفي عمليات القلب المفتوح في دمشق ومدن سورية أخرى. ويؤكد ذلك المدير العام لمستشفى جراحة القلب الجامعي في دمشق، حسام خضر، الذي قال أخيراً في تصريحات صحافية إنّ "الأزمات القلبية ازدادت بنسبة 50 في المائة نتيجة تداعيات وظروف الحرب التي تعيشها البلاد وتأثيراتها على صعيد احتشاء العضلة القلبية أو قصور عضلة القلب أو نقص التروية القلبية". وإذ لفت خضر إلى أنّ 2000 جراحة قلب مفتوح أجريت خلال العام الماضي، بما فيها عمليات جراحية أجريت للأطفال، أوضح أنّ "عدد العمليات الجراحية شهرياً يقدّر بنحو 200 عملية، في حين يصل عدد الجراحات يومياً إلى ستّ". أضاف خضر أنّ عدد العمليات خلال عام 2017 ازداد بمعدّل 500 عملية بالمقارنة مع عام 2016 الذي سبقه.
إلى ذلك، تتحدّث تقارير عدّة عن استخدام المستشفيات الخاصة مستلزمات منتهية الصلاحية عبر تهريبها بأسعار بخسة والمتاجرة بها، مستغلة بذلك حاجة المرضى عبر مضاعفة أسعارها مرّات عدّة. وفي 15 فبراير/ شباط 2018، تحدّثت وسائل إعلامية عن ضبط أدوية ومواد للقسطرة القلبية منتهية الصلاحية في ثلاثة مستشفيات خاصة. وجاء في تقرير للضابطة الجمركية أنّ الأدوية ومواد القسطرة منتهية الصلاحية هي ذات منشأ أوروبي، والشركات المنتجة ترغب غالباً في التخلّص من منتجات اقترب تاريخ انتهاء صلاحياتها، فتبيعها بأسعار زهيدة تقارب 10 دولارات أميركية مثلاً لمواد القسطرة الواحدة، في حين تُباع في مستشفيات دمشق الخاصة بنحو 800 ألف ليرة (أكثر من 1550 دولاراً أميركياً)، وتُستغَلّ بالتالي حاجة المواطنين إلى إجراء عمليات القسطرة تلك.
تجدر الإشارة إلى أنّ ثمّة ثلاثة مراكز حكومية فقط متخصصة في أمراض القلب في سورية، وهي مستشفى الباسل لأمراض وجراحة القلب في دمشق ومركزان مماثلان في حلب واللاذقية، بيد أنّ مستشفى الباسل في دمشق هو الأكبر والأكثر تجهيزاً واستقطاباً لمرضى القلب. وتفيد البيانات الرسمية الصادرة عنه بزيادة في عمليات القلب المفتوح من 579 عملية قلب مفتوح في عام 1999 عند افتتاحه إلى 1708 عمليات قلب مفتوح في عام 2016. بالتالي يتجاوز عدد علميات القلب المفتوح في مستشفى الباسل في دمشق فقط، وخلال 17 عاماً، 33 ألف عملية قلب مفتوح. أمّا عمليات القسطرة العلاجية والتشخيصية، فقد ارتفعت من 984 عملية قسطرة في عام 1999 إلى 7819 عملية قسطرة في عام 2016، ليتجاوز المجموع 102 ألف عملية قسطرة.