1
عند نهاية العالم، وبعدَها،
سأحبّ أيامي كلَّها،
سأخافها،
وسأكرهها،
سأصطحبها معي إلى الشوارع ودور السينما كأولاد أشقياء ومفرطي الحركة
وسأنساها على محطّات الباصات المهجورة في الصيف لتتعلّم مهارة اصطياد الحشرات الفلسفية المرتطمة بزجاج الوقت
سأتركها تنام كقطط مسحورة في شمس الظهيرة
سأدعها تطيل الوقوف في طوابير الهواء والماء
سأدفعها إلى الوقوع القهريّ في غرام النوافذ
سأدلّيها كبهلوانات خفيفة وطريفة من كلّ الشرفات التي تطلّ على لا شيء
سأدللها كأُم أو كعاشقة
سأشبعها شمّاً وضمّاً وتقبيلاً
سأجوّعها قليلاً لتزداد، مثل النهايات، نسياناً وسماءً
سأقرأ لها شعراً قديماً لكي لا تضمحلّ الصحراء في ذاكرتها
ولكي لا يجفّ في عيونها الدمع
سأحبّها بهدوء القتلة قبل إطلاق رصاصة إلى هدف متحرّك
وسأتركها تنزف بحقدٍ شهوانيّ كلّ ما في عروقها من موت وحياة.
2
في المنزل نَخْتَلِي بحياتنا ونُغلق خلفنا الباب
نقول لها:
لا شيء يستحقّ كلّ هذا العناء
ارتاحي قليلاً
اغسلي يديك جيّداً من كلّ ما علق بهما من خواء حامض وأنت تقشّرين على عجلٍ تفّاحة الوجود
لا تأخذي كلّ هذا الضجيج على محمل الجدّ
لا تضبطي أنفاسنا المتقطّعة من الخوف
أحكمي وثاقنا إلى الصمت
عانقينا وتفشي فينا كوباء.
أو كدواء.
3
في سوبرماركت الأمل، الرفوف خالية
عمّال النظافة يكنسون النظرات التالفة التي خلّفتها الكارثة
ويكدسونها في أكياس بلاستيكيّة غير قابلة للتدوير
بعد قليل ستمرّ الشاحنات العسكريّة لتعيد الألم المتمرّد إلى ثكناته، في ضواحي الضحك/البكاء
حرب الشتاء ستنتهي وسيحلّ سلام كابوسيّ
البائع الأخير سَيَنْفَدُ ما ادّخَرَه من يأس لتعقيم ما يصيبه من حبّ، وسيكتفي بالحزن الكحوليّ
سيشير إلى عقارب الساعة بأصابع ضامرة ونظيفة تماماً من اللمسات
وسيبتسم باحتقار دمث كناطق بلسان حكومة الفراغ:
حفاظاً على سلامة الجمهور بعد قليل سيغلق القلب وسيطرد الشعراء من المدينة.
* شاعر من فلسطين