افتتح حملة العنصريّة هذه عدد من السّياسيين اللبنانيين الذين برّروا الأمر بأحاديث عن الدّيموغرافيا وتأثيرها على الحصص السياسيّة في لبنان، فيما برّره البعض الآخر بالحرب على "الإرهاب" والتّطرّف.
شارك الإعلام اللبنانيّ في الحملة. تارةً نجدُ تقريراً يصوّر السّوريين جميعاً على أنّهم متسوّلين، وطوراً نقرأ تحقيقاً يحدّثنا كيف تسبّب اللاجئون السّوريّون بارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، أو حتّى ارتفاع معدّل "العنوسة"! لكنّ وسائل الإعلام ليست الواجهة الوحيدة للعنصريين. ففي أيلول الماضي، كتب الملحّن والموسيقي اللبناني ميشال ألفتريادس، على حساباته على مواقع التّواصل الاجتماعي: "أنتَ لاجئ في بلادي، خفّف كزردة على الطّريق، عم تعمل عجقة سير". تسبّب هذا الأمر بدوّامة لا متناهية من الثّناء والاستنكارات في وقت واحد.
لا يمكن اختصار الممارسات العنصريّة اللبنانيّة بما كتبه ألفتريادس بالطّبع، لكنّ كلماته شكّلت وقتها صدمةً بالنّسبة للنّاشطين في مجال حقوق الإنسان. فأعدّت حملة "مكافحة العنصريّة في لبنان" شريط فيديو يتحدّث عن المشكلات التي يعاني منها لبنان، والتي تسبّبت بها ممارسات الدّولة اللبنانيّة وليس الوجود السّوريّ. وتختم صبيّة لبنانيّة الفيديو (1:54 د) قائلةً: "إذا كانت دولتي لا تستطيع القيام بواجبها، فمسؤوليّة ذلك تقع على عاتق سعادته ومعاليه وفخامته، فلا ترمي تقصير دولة على اللاجئين. عيب"، لتظهر في آخر الشّاشة جملة "المشكلة ليست في اللاجئين، المشكلة فينا".
وخلال الأسبوع الماضي، عاد الحديث عن العنصريّة إلى الواجهة، بعدما ظهرت صفحة على "فيسبوك" تحت عنوان: "النازيّون الجدد في لبنان لرفض الوجود السّوري". وكتبت الصّفحة، والتي لم يتخطّ عدد المعجبين بها على الموقع الأزرق المئة وخمسين شخصاً، شتائم بحقّ الشّعب السّوريّ بأكمله. "نحن نازيّون وعنصريّون مع الشّعب اللبنانيّ فقط. هم لا يهمّهم الفقراء في لبنان، ولا يكترثون لأجلهم"، كتب القيّمون على الصّفحة. وسألوا: "إلى متى سوف يبقى المواطن اللبناني ضحية الإجرام السوري وإجرام الدولة اللبنانية وإجرام الأحزاب المستفيدة من الوجود السوري؟ إلى متى سوف نبقى في عار الانتظار إلى ما نهاية؟ ألم يحن الوقت أن ينتفض شعبنا اللبناني على كل مَن حوله من مجرمين وقتلة؟ إن الوجود السوري في لبنان يهدد لبنان شعباً وكياناً، فإلى متى سنبقى نلوذ صمتاً؟".
ودعت الصّفحة أرباب العمل في لبنان الى عدم استقبال العمال من التابعية السورية، وطالبت الأهالي بعدم السماح لهم بفتح محالّ تجارية. ووصفت السوريات جميعاً بالعاهرات. وبعد الحملات الداعية الى حجب الصفحة، أعيد فتحها تحت اسم: "الحملة الوطنية الشعبية ضد الوجود السوري في لبنان". كما تمّ إقفال حساب "تويتر" التّابع للصفحة نفسها.
الرّد على ذلك جاء من صفحة "ضد العنصرية في لبنان"، والتي اشتهرت بمحاربة العنصرية بحق العمال الأجانب، حيث كتبت: "أعزاءنا السوريين، نتمنى لكم إقامة طيبة في لبنان. ونعتذر عما بدر من بعض السياسيين والمواطنين العنصريين. كلامهم لا يمثلنا". كما قام عدد من النّاشطين اللبنانيين بالتقاط مجموعة من الصّور حاملين لافتاتٍ كُتبت عليها عبارات مناهضة للعنصرية،
فيما تعتمد مواقع التّواصل، كـ"فيسبوك" و"تويتر" و"يوتيوب"، معايير تعتبر من خلالها العنصريّة جريمة. تحصل كلّ هذه الجرائم الإلكترونيّة في لبنان بينما مكتب مكافحة جرائم المعلوماتيّة منهمكٌ بالتّحقيق مع ناشطين في مجال حقوق الإنسان وحمايته من الإهانة.