04 نوفمبر 2024
عن الاستقالة ورجولة النساء
غالبا ما ينطوي قرار الاستقالة من عمل مستقر يوفّر الأمان الوظيفي والتحقّق الاجتماعي على جسارة كبيرة وثقة عالية بالنفس وجرأة على مواجهة الغامض المجهول، المتواري خلف احتمالات الغد غير المضمونه تماما في معظم الأحيان، كما أنه يشي بروح حرة قادرةٍ على المواجهة والمغامرة بدون عبء احتساب النتائج، وحسّ عالٍ بالتحرّر والانعتاق من نير وظيفةٍ تلتهم الروح وتقتات على طاقتها، وتحدّ من قدرتها على التوق والأمل بتغييرٍ ما قد يحدث في مسار حياتنا. تأسرنا الوظيفة، مهما كانت شروطها مرضيةً من الناحية المادية قد تكون مثار حسدٍ بالنسبة للغير في روتين قاتل، يحيلنا، مع الأيام، إلى نماذج مملة من البشر، تسير في أيام العمر، وتمارس وظائفها اليومية بفعل الاعتياد والاستمرار والإحساس بحتمية التكرار وحتمية الانصياع لشروطه، من حيث التسليم بالواقع والرضوخ له، حقيقة لا بد من العيش تحت عنوانها.
الاستقالة تعني أنك في حلّ من القلق والأرق على موقعك في السلم الوظيفي ومكانتك لدى المدير الذي يملك، بجرّة قلم، تحديد مسار صعودك المهني من عدمه، تتخلص من حالة التنافس الإجبارية التي تجد نفسك صرت طرفا فيها رغما عنك، ما يستنفذ طاقتك على الحب والتسامح والقناعة. تجد نفسك مضطراً للتسمر عند الحافة، متنبها يقظا حريصا على التفوق والتميز، طوال الوقت، ما يدمّر جملتك العصبية بالكامل، ويجعلك صريع أمراض العصر المرتبطة ارتباطا وثيقا بالتوتر وتكتسب عادات سيئة كثيرة، قد تتوهم أنها كفيلةٌ بمساعدتك في التصدّي لهذه الضغوط، ما يوقعك في مزيدٍ منها... الاستقالة والتنحّي جانبا بقرارٍ حر واعٍ، يطلق الروح من نير قيود ثقيلة باهظة.
يحدث هذا في أي فعلٍ نقدم عليه من باب الاستغناء عن المكاسب، تطبيقا لمقولة علي ابن أبي طالب الشهيرة "الغنى ليس في الشيء ولكن عنه"، وهو ليس مرتبطاً بجندرٍ ما. هذه مهارة وميزة وصفة في الشخصية القوية العزيزة المنيعة والزاهدة بالضرورة، بغض النظر عن جنسها، ما يجعل إمكانية إذلالها وإخضاعها أمراً ليس وارداً. ولعل استقالة السيدة ريما خلف من منصبها الحسّاس والمتميز يعد مثالا قويا على حالة الاستقالة المقترنة بموقفٍ سياسيٍّ وإنساني شجاع منحاز للحق ومنسجم مع المبدأ، ما يجعلنا ننظر بعين الإعجاب إلى هذه السيدة الحرّة الشجاعة النبيلة التي أقدمت على فعلٍ شجاع ونبيل، يعجز كثيرون عنه، فسجلت موقفا مشرّفا في سيرتها المهنية، حين قدّمت رسالة الاستقالة بنصها المتمكّن ومفرداتها القوية، فكانت بمثابة درسٍ سياسي وإنساني وحقوقي بليغ في كيفية الانتصار للمظلوم وإدانه الظالم، والتصدّي لجبروته المدعوم بانحياز كوني مؤسف.
المحزن في الأمر أن كثيرين ممن أشادوا بموقف خلف جيّروا، دونما إدراك كبير، هذا الفعل إلى سبب وهمي، محتفلين برجولة ريما خلف، وطالبوها بتقديم دروس في الرجولة، في سياق نمط تفكير ذكوري قبلي رعوي، لم يعف عنه الزمن تماما، بل ترسخ في لاوعينا في أقبح تجلياته محتقرا الأنوثة من حيث المبدأ، مضمراً لها هجائية جاهزة المواصفات، مقرنا إياها بالصفات السلبية، مستكثرا عليها توفر نماذج نسائية مبدعة خلاقة شجاعة مقدامة، متمسكة بمبادئها وثوابتها الوطنية والأخلاقية، معتبرا ذلك حكراً على عالم الرجولة الحافل بالمثل والقيم والبطولات. نمط تفكير بائس كهذا سيظل عاجزا عن تحقيق أي تميز يذكر، وسيظل كامنا، لا محالة في حلقة التبعية لعصور ظلام وتخلف وظلم واضطهاد واستبداد ومصادرة لحق المرأه في التعبير الحر الصريح، في عالمٍ حكمته، وأدارت شؤونه، ونصبت المكائد وحاكت المؤمرات والدسائس جواري متواريات بخفر مفتعل في ظلمةٍ، امتدت طويلا وترسخت عميقا في تاريخنا الحافل، بشتى أصناف القهر الواقع على أرواح نساء تميزن، واختلفن، فلم تنجح في الحدّ من قدرتهن على التحليق بعيدا في فضاء الجمال.
الاستقالة تعني أنك في حلّ من القلق والأرق على موقعك في السلم الوظيفي ومكانتك لدى المدير الذي يملك، بجرّة قلم، تحديد مسار صعودك المهني من عدمه، تتخلص من حالة التنافس الإجبارية التي تجد نفسك صرت طرفا فيها رغما عنك، ما يستنفذ طاقتك على الحب والتسامح والقناعة. تجد نفسك مضطراً للتسمر عند الحافة، متنبها يقظا حريصا على التفوق والتميز، طوال الوقت، ما يدمّر جملتك العصبية بالكامل، ويجعلك صريع أمراض العصر المرتبطة ارتباطا وثيقا بالتوتر وتكتسب عادات سيئة كثيرة، قد تتوهم أنها كفيلةٌ بمساعدتك في التصدّي لهذه الضغوط، ما يوقعك في مزيدٍ منها... الاستقالة والتنحّي جانبا بقرارٍ حر واعٍ، يطلق الروح من نير قيود ثقيلة باهظة.
يحدث هذا في أي فعلٍ نقدم عليه من باب الاستغناء عن المكاسب، تطبيقا لمقولة علي ابن أبي طالب الشهيرة "الغنى ليس في الشيء ولكن عنه"، وهو ليس مرتبطاً بجندرٍ ما. هذه مهارة وميزة وصفة في الشخصية القوية العزيزة المنيعة والزاهدة بالضرورة، بغض النظر عن جنسها، ما يجعل إمكانية إذلالها وإخضاعها أمراً ليس وارداً. ولعل استقالة السيدة ريما خلف من منصبها الحسّاس والمتميز يعد مثالا قويا على حالة الاستقالة المقترنة بموقفٍ سياسيٍّ وإنساني شجاع منحاز للحق ومنسجم مع المبدأ، ما يجعلنا ننظر بعين الإعجاب إلى هذه السيدة الحرّة الشجاعة النبيلة التي أقدمت على فعلٍ شجاع ونبيل، يعجز كثيرون عنه، فسجلت موقفا مشرّفا في سيرتها المهنية، حين قدّمت رسالة الاستقالة بنصها المتمكّن ومفرداتها القوية، فكانت بمثابة درسٍ سياسي وإنساني وحقوقي بليغ في كيفية الانتصار للمظلوم وإدانه الظالم، والتصدّي لجبروته المدعوم بانحياز كوني مؤسف.
المحزن في الأمر أن كثيرين ممن أشادوا بموقف خلف جيّروا، دونما إدراك كبير، هذا الفعل إلى سبب وهمي، محتفلين برجولة ريما خلف، وطالبوها بتقديم دروس في الرجولة، في سياق نمط تفكير ذكوري قبلي رعوي، لم يعف عنه الزمن تماما، بل ترسخ في لاوعينا في أقبح تجلياته محتقرا الأنوثة من حيث المبدأ، مضمراً لها هجائية جاهزة المواصفات، مقرنا إياها بالصفات السلبية، مستكثرا عليها توفر نماذج نسائية مبدعة خلاقة شجاعة مقدامة، متمسكة بمبادئها وثوابتها الوطنية والأخلاقية، معتبرا ذلك حكراً على عالم الرجولة الحافل بالمثل والقيم والبطولات. نمط تفكير بائس كهذا سيظل عاجزا عن تحقيق أي تميز يذكر، وسيظل كامنا، لا محالة في حلقة التبعية لعصور ظلام وتخلف وظلم واضطهاد واستبداد ومصادرة لحق المرأه في التعبير الحر الصريح، في عالمٍ حكمته، وأدارت شؤونه، ونصبت المكائد وحاكت المؤمرات والدسائس جواري متواريات بخفر مفتعل في ظلمةٍ، امتدت طويلا وترسخت عميقا في تاريخنا الحافل، بشتى أصناف القهر الواقع على أرواح نساء تميزن، واختلفن، فلم تنجح في الحدّ من قدرتهن على التحليق بعيدا في فضاء الجمال.