27 سبتمبر 2018
عن جبهة النصرة للمرة الألف
حققت جبهة النصرة نقلة جديدة في سيطرتها على منطقة إدلب، وهو أهم دور لها في سياق ما تقوم به منذ تأسّست، حيث سيطرت على إدلب ومعظم ريفها حتى باب الهوى. ولا شك في أن كثيرين ممن يعتبرون مع الثورة السورية فوجئوا بما جرى، وما زالت "نخب" كثيرة تدافع عن الجبهة كذلك. لكن ربما تكون الأمور قد اتضحت الآن بشكلٍ لا يسمح بأي دفاع عنها، على الرغم من أن هناك من يغرف في هوس أصولي سلفي، بالتالي يرى في الجبهة قوة معادية للنظام، على الرغم من "أخطائها" كما يظن.
لا شك في أن الهوس الطائفي يغطي على العقل، بما لا يسمح برؤية شيء، ولا بالتفكير المنطقي حتى. وأمام أزمة الثورة، غرق رهط من "النخب" في هذا الهوس. ولهذا، دافع ويدافع عن جبهة النصرة إلى الآن.
منذ البدء، أشرت إلى ضرورة سحق تمظهراتها الأولى، لأنها آتية لكي تفعل بالثورة السورية ما فعل تنظيمها الأصلي (قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين وهو فرع للقاعدة في العراق) بالمقاومة العراقية، وأشرت إلى أنها أتت للتخريب، وليس لـ "نصرة أهل الشام"، لكن عتاولة المعارضة تصدّت لذلك، وأخذت تلقي قصائد المديح للجبهة، ما هيأ لها "قاعدة شعبية". بات الآن واضحاً أنها قامت بدورها بكل جدارة، وأنها صفَّت كثيرا من كتائب "الجيش الحر"، ومن القادة والشباب الناشط، وكبرت بحيث تستطيع السيطرة، وسحق حتى الكتائب السلفية "أخوة المنهج".
وعلى الرغم من أنها، في منظورها المعلن، ليست مع الثورة، بل مع مسار مضادّ لها، فإن الأمر يتعلق هنا بمنظورها الديني، على الرغم من أصوليته ووحشيته، بل في أنها "صناعة مخابراتية"، على الرغم من انخراط كثير من الشباب السوري، ومن جماعة الإخوان المسلمين فيها. ودورها مخابراتي بامتياز، ولا علاقة له بالدين. هذا هو أساس فهمها وفهم دورها، وغير ذلك تضليلٌ وجنونٌ وأوهام. فقد كان لـ "والدها" (تنظيم قاعدة الجهاد) دور كبير في افتعال الصراع الطائفي خدمةً للمحتل الأميركي للعراق، ولإيران التي كانت تريد تخويف "الشيعة العرب"، لكي تهيمن عليهم، ومن ثم لسحق "السنة" خدمةً للمحتل وإيران معاً. ولقد صُدِّرت لسورية لتكمل المهمة بعد اندلاع الثورة. هذا ما حذَرت منه، منذ إعلان تشكيلها، وما وصلنا إليه الآن، مع الألم الذي ينتج عن ذلك.
جبهة النصرة هي أخت "داعش"، وكان لكل منهما دور محدَّد، كما شرحت، في مقالات سابقة، وكتبت أن مهمة "النصرة" السيطرة على منطقة إدلب، لكي تعود إلى "حضن الوطن"، أي لكي تسلمها لـ "حضن الوطن". لكن في السياسة السذاجة مدمرة، والصراع الغريزي مدمِّر، ولا أشك في أن أطيافا كثيرة في المعارضة كانت تنطلق من صراع غريزي. بالتالي، كانت تقبل كل من تتوهم أنه يقاتل النظام، بغض النظر عن ماهيته. ولهذا، وقعت في سقطاتٍ تفرض عليها أن "تشنق"، فقد سهّلت الوصول إلى هذه الهاوية بغباءٍ لا يبرّر لها. والمأساة أن هؤلاء الذين "احتضنوا" ودافعوا عن "النصرة" ما زالوا يعتبرون ذواتهم قياداتٍ في المعارضة، بدل أن يسحقوا بالأقدام. لن أسمي، فهؤلاء معروفون بالاسم. لكن، لا بد يوماً من المحاسبة، ليس لعصابات النظام فقط، بل كذلك لعصابات المعارضة وجهلتها، فكلاهما أوصل الثورة إلى هذا الحضيض.
أقول من جديد ليست "النصرة" تنظيماً أصولياً، على الرغم من خطابها الأصولي الوهابي، بل هي افتعال مخابراتي، وقادتها هم عناصر مخابرات، ربما من بلدان متعدّدة. لكن، بالتأكيد للمخابرات السورية عدد وازن فيها. هي كما "داعش" شركة أمنية خاصة، تخدم سياسات دول، وباتت تلعب دوراً مهماً في تدمير الثورات، بعد أن باتت النظم ترتعب من الثورة. وأشير الى أن ذلك يعني أن تكفّ الدول التي تدّعي دعم الشعب السوري عن دعم هذا التنظيم، فعديد منها يمدّه بالمال، وتسهيل الوصول في سياق لعبة إقليمية، تتصارع فيها دولٌ لتحقيق مصالحها.
لا شك في أن الهوس الطائفي يغطي على العقل، بما لا يسمح برؤية شيء، ولا بالتفكير المنطقي حتى. وأمام أزمة الثورة، غرق رهط من "النخب" في هذا الهوس. ولهذا، دافع ويدافع عن جبهة النصرة إلى الآن.
منذ البدء، أشرت إلى ضرورة سحق تمظهراتها الأولى، لأنها آتية لكي تفعل بالثورة السورية ما فعل تنظيمها الأصلي (قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين وهو فرع للقاعدة في العراق) بالمقاومة العراقية، وأشرت إلى أنها أتت للتخريب، وليس لـ "نصرة أهل الشام"، لكن عتاولة المعارضة تصدّت لذلك، وأخذت تلقي قصائد المديح للجبهة، ما هيأ لها "قاعدة شعبية". بات الآن واضحاً أنها قامت بدورها بكل جدارة، وأنها صفَّت كثيرا من كتائب "الجيش الحر"، ومن القادة والشباب الناشط، وكبرت بحيث تستطيع السيطرة، وسحق حتى الكتائب السلفية "أخوة المنهج".
وعلى الرغم من أنها، في منظورها المعلن، ليست مع الثورة، بل مع مسار مضادّ لها، فإن الأمر يتعلق هنا بمنظورها الديني، على الرغم من أصوليته ووحشيته، بل في أنها "صناعة مخابراتية"، على الرغم من انخراط كثير من الشباب السوري، ومن جماعة الإخوان المسلمين فيها. ودورها مخابراتي بامتياز، ولا علاقة له بالدين. هذا هو أساس فهمها وفهم دورها، وغير ذلك تضليلٌ وجنونٌ وأوهام. فقد كان لـ "والدها" (تنظيم قاعدة الجهاد) دور كبير في افتعال الصراع الطائفي خدمةً للمحتل الأميركي للعراق، ولإيران التي كانت تريد تخويف "الشيعة العرب"، لكي تهيمن عليهم، ومن ثم لسحق "السنة" خدمةً للمحتل وإيران معاً. ولقد صُدِّرت لسورية لتكمل المهمة بعد اندلاع الثورة. هذا ما حذَرت منه، منذ إعلان تشكيلها، وما وصلنا إليه الآن، مع الألم الذي ينتج عن ذلك.
جبهة النصرة هي أخت "داعش"، وكان لكل منهما دور محدَّد، كما شرحت، في مقالات سابقة، وكتبت أن مهمة "النصرة" السيطرة على منطقة إدلب، لكي تعود إلى "حضن الوطن"، أي لكي تسلمها لـ "حضن الوطن". لكن في السياسة السذاجة مدمرة، والصراع الغريزي مدمِّر، ولا أشك في أن أطيافا كثيرة في المعارضة كانت تنطلق من صراع غريزي. بالتالي، كانت تقبل كل من تتوهم أنه يقاتل النظام، بغض النظر عن ماهيته. ولهذا، وقعت في سقطاتٍ تفرض عليها أن "تشنق"، فقد سهّلت الوصول إلى هذه الهاوية بغباءٍ لا يبرّر لها. والمأساة أن هؤلاء الذين "احتضنوا" ودافعوا عن "النصرة" ما زالوا يعتبرون ذواتهم قياداتٍ في المعارضة، بدل أن يسحقوا بالأقدام. لن أسمي، فهؤلاء معروفون بالاسم. لكن، لا بد يوماً من المحاسبة، ليس لعصابات النظام فقط، بل كذلك لعصابات المعارضة وجهلتها، فكلاهما أوصل الثورة إلى هذا الحضيض.
أقول من جديد ليست "النصرة" تنظيماً أصولياً، على الرغم من خطابها الأصولي الوهابي، بل هي افتعال مخابراتي، وقادتها هم عناصر مخابرات، ربما من بلدان متعدّدة. لكن، بالتأكيد للمخابرات السورية عدد وازن فيها. هي كما "داعش" شركة أمنية خاصة، تخدم سياسات دول، وباتت تلعب دوراً مهماً في تدمير الثورات، بعد أن باتت النظم ترتعب من الثورة. وأشير الى أن ذلك يعني أن تكفّ الدول التي تدّعي دعم الشعب السوري عن دعم هذا التنظيم، فعديد منها يمدّه بالمال، وتسهيل الوصول في سياق لعبة إقليمية، تتصارع فيها دولٌ لتحقيق مصالحها.