14 نوفمبر 2024
عن هذا الوجع الأنيق... وعنها
"للأقدار الطيبة التي عانقتني بحب كلّما اشتبك بي الأسى.. للحب الذي خشيت من جنونه في بادئ الأمر، ثم لم يخذلني حتى الآن ..للحياة، للمصادفات التي لا مراء منها ولا مفر".
بهذا الشجن كله، قدّمت الكاتبة السعودية الشابة، سلمى الجابري، لكتابها الثالث "لم تجمعنا الأقدار عبثاً بل لنحيا من جديد"، إهداء للكتابة نفسها، وكأنها تحاول أن تحذّر القارئ، منذ البداية، إلى ما يمكن أن يصادفه في طريقه لقراءة هذا الكتاب من متاهاتٍ تودي به إلى أن يعرف قدر الكلمة في الحياة، وفي الموت أيضاً، ليس خلاصاً أبدياً وحسب. ولكن أيضا طريقة حياة وأسلوب علاج.. ودواء.
ما أكثر الأوجاع التي تبحث عن دواءٍ بين تصاريف الكلام وتجاويف الأبجدية، وما أقلّ من يجد ما يبحث عنه هنا أو هناك.
عندما طلبت مني سلمى أن أقرأ كتابها قبل النشر، لأكتب مقدمته، إن راق لي الأمر، كما قالت لحظتها، لم أكن أتوقع أنني سأواجه أسئلتي الخاصة في كتابٍ ليس لي، فعلت عند أكثر من عنوان، أسلمني للبحث عن إجاباتٍ تخصّها وتخصّني، على الرغم مما بيننا من سنين طويلة في العمر، لكنها تلاشت في هواجس نفسية ووجودية مشتركة.
كتبت في تقديمي أن كتاب سلمى الجابري قصائد أو تكاد، قصص قصيرة أو تكاد، رواية أو تكاد... ولكنه فوق النقص وتحت الاحتمال النهائي للكمال.
أعني هذا الكتاب الذي بين يدي الآن، والذي لا أقوى على تصنيفه. ولا أريد. ليس لأنه عصيّ على التصنيف وحسب. ولكن أيضاً لأنه لا يحتاجه، ولا أحتاجه، وأنا أقرأ الكلمات، وأحاول أن أعيد توزيعها وفقاً لخريطة التلقي التي أملكها، متشبثة بأمل أن تأتي رياح القراءة، كما تشتهي سفينة الكاتبة المحلقة بأجنحةٍ من ضوء ووجع تكاد تلامس البحر، وتكاد تلامس السماء في اللحظة ذاتها.
سلمى الجابري، الصبية الثائرة بين تضاعيف الحياء وأهبة الموهبة، تعيد، في كتابها "لم تجمعنا الأقدار عبثاً لنحيا من جديد"، ترتيب علاقات الأشياء والبشر والظروف والأمكنة والأزمنة من جديد، بمحض الشعر وفيوضٍ لا نهائية من النثر. تكتب كأنها تغني أغانيَ مرتجلة، بصوت فريد من نوعه، لا يحتاج لحناً، ولكنه لا يرفضه أحياناً لينتظم في نسقه.
أحببت هذه النصوص المفعمة بعبق الذكريات، والتي تجيد سلمى نحتها، لتناسب مقاسات اللحظة وتضاريس الفرح الراهن، غارقة بملح الدموع أحيانا.
وجدتُني، وأنا أقرأ، بحاجة للتوقف عند مفردةٍ معينةٍ، أحياناً، قبل أن أتم الجملة، لأعيد القراءة من جديد، فأتموضع في ما يناسبني من دقائق العلاقات والأشياء، ويتخذ وجداني مكانه المعتاد بين الدمعة والابتسامة.
تحضر سلمى، في نصوصها الرائقة هنا، لعمليةٍ كتابيةٍ كبرى، تلمح ذلك في كل شيء أمامك، فيتلبسك ذلك الهدوء الحذر الذي يسبق زلزال القصيدة وإعصار الرواية. وعلى الرغم من أنك لا يمكنك كمتلقٍ التنبؤَ بما ستكتبه من وجعٍ، بعد كل هذا الوجع الأنيق الذي ينهمر بهدوء، ما بين العناوين واللمحات والاستطرادات المفاجئة، قبل نهايات النصوص، إلا أن إحساساً بالتكوّن الوجودي، في لحظة الكتابة، يتلبسك إلى الأبد، فتتلهف للنهاية، لتكون بدايتك أنت مع كتابك أنت..
أنت وحسب..، فهل أنت مستعد؟
تنهي سلمى الجابري كتابها الذي أقدمته على مغامرة إصداره ذاتياً من دون الاستعانة بدار نشر، باعترافٍ لا أشك لحظةً أنه يناسب كثيراتٍ ممن يقفن على حافة الأمل والألم معا:
"قد أكون امرأة مسمومةً بدمعِ ماضيها،
لكن هذا لا يمنع أن تراني أرقص في البعيد،
و أنا أشاكس النوارس و الصباح
ثم أبكي".
بهذا الشجن كله، قدّمت الكاتبة السعودية الشابة، سلمى الجابري، لكتابها الثالث "لم تجمعنا الأقدار عبثاً بل لنحيا من جديد"، إهداء للكتابة نفسها، وكأنها تحاول أن تحذّر القارئ، منذ البداية، إلى ما يمكن أن يصادفه في طريقه لقراءة هذا الكتاب من متاهاتٍ تودي به إلى أن يعرف قدر الكلمة في الحياة، وفي الموت أيضاً، ليس خلاصاً أبدياً وحسب. ولكن أيضا طريقة حياة وأسلوب علاج.. ودواء.
ما أكثر الأوجاع التي تبحث عن دواءٍ بين تصاريف الكلام وتجاويف الأبجدية، وما أقلّ من يجد ما يبحث عنه هنا أو هناك.
عندما طلبت مني سلمى أن أقرأ كتابها قبل النشر، لأكتب مقدمته، إن راق لي الأمر، كما قالت لحظتها، لم أكن أتوقع أنني سأواجه أسئلتي الخاصة في كتابٍ ليس لي، فعلت عند أكثر من عنوان، أسلمني للبحث عن إجاباتٍ تخصّها وتخصّني، على الرغم مما بيننا من سنين طويلة في العمر، لكنها تلاشت في هواجس نفسية ووجودية مشتركة.
كتبت في تقديمي أن كتاب سلمى الجابري قصائد أو تكاد، قصص قصيرة أو تكاد، رواية أو تكاد... ولكنه فوق النقص وتحت الاحتمال النهائي للكمال.
أعني هذا الكتاب الذي بين يدي الآن، والذي لا أقوى على تصنيفه. ولا أريد. ليس لأنه عصيّ على التصنيف وحسب. ولكن أيضاً لأنه لا يحتاجه، ولا أحتاجه، وأنا أقرأ الكلمات، وأحاول أن أعيد توزيعها وفقاً لخريطة التلقي التي أملكها، متشبثة بأمل أن تأتي رياح القراءة، كما تشتهي سفينة الكاتبة المحلقة بأجنحةٍ من ضوء ووجع تكاد تلامس البحر، وتكاد تلامس السماء في اللحظة ذاتها.
سلمى الجابري، الصبية الثائرة بين تضاعيف الحياء وأهبة الموهبة، تعيد، في كتابها "لم تجمعنا الأقدار عبثاً لنحيا من جديد"، ترتيب علاقات الأشياء والبشر والظروف والأمكنة والأزمنة من جديد، بمحض الشعر وفيوضٍ لا نهائية من النثر. تكتب كأنها تغني أغانيَ مرتجلة، بصوت فريد من نوعه، لا يحتاج لحناً، ولكنه لا يرفضه أحياناً لينتظم في نسقه.
أحببت هذه النصوص المفعمة بعبق الذكريات، والتي تجيد سلمى نحتها، لتناسب مقاسات اللحظة وتضاريس الفرح الراهن، غارقة بملح الدموع أحيانا.
وجدتُني، وأنا أقرأ، بحاجة للتوقف عند مفردةٍ معينةٍ، أحياناً، قبل أن أتم الجملة، لأعيد القراءة من جديد، فأتموضع في ما يناسبني من دقائق العلاقات والأشياء، ويتخذ وجداني مكانه المعتاد بين الدمعة والابتسامة.
تحضر سلمى، في نصوصها الرائقة هنا، لعمليةٍ كتابيةٍ كبرى، تلمح ذلك في كل شيء أمامك، فيتلبسك ذلك الهدوء الحذر الذي يسبق زلزال القصيدة وإعصار الرواية. وعلى الرغم من أنك لا يمكنك كمتلقٍ التنبؤَ بما ستكتبه من وجعٍ، بعد كل هذا الوجع الأنيق الذي ينهمر بهدوء، ما بين العناوين واللمحات والاستطرادات المفاجئة، قبل نهايات النصوص، إلا أن إحساساً بالتكوّن الوجودي، في لحظة الكتابة، يتلبسك إلى الأبد، فتتلهف للنهاية، لتكون بدايتك أنت مع كتابك أنت..
أنت وحسب..، فهل أنت مستعد؟
تنهي سلمى الجابري كتابها الذي أقدمته على مغامرة إصداره ذاتياً من دون الاستعانة بدار نشر، باعترافٍ لا أشك لحظةً أنه يناسب كثيراتٍ ممن يقفن على حافة الأمل والألم معا:
"قد أكون امرأة مسمومةً بدمعِ ماضيها،
لكن هذا لا يمنع أن تراني أرقص في البعيد،
و أنا أشاكس النوارس و الصباح
ثم أبكي".