كان الاحتفال باليوم العالمي للمرأة في الثامن من مارس/ آذار، يأتي في البلاد العربية على شكل أوامر بتخليد الاحتفالية في بهرجة إجبارية. يأتي الأمر للدوائر الحكومية لينزل الجميع، حتى هؤلاء الرجال الممتعضون من مطالب مساواة لم تتحقق. في الساحات الرئيسية تصبح صور "القائد" و"أقواله المأثورة" مقدسات ترمي بالنساء ويومهن إلى حلبة لهتاف "بالروح بالدم نفديك...". بعضهن في "التقدمية" يفهمن اللعبة، يوقعن على "دفتر الدوام" ويستلمن هوياتهن من صاحب الشارب الكث كدليل على أنهن لبين الدعوة إلى "الاحتفال بيوم المرأة العالمي" بعد أن تلتقط الكاميرا وينقل التلفاز "ذلك العشق للقائد الخالد... وابنه وكل من يملك شارب الرجولة".
خارج قفص "التقدمية" عشت بالقرب من دوار المنارة بمدينة رام الله، في صباح الثامن من مارس/آذار تقاطرت النساء بكامل أناقتهن، يرفعن شعارات أخرى لا تشبه شعارات "الدولة التقدمية"... نسوة كان بينهن جدات يرتدين الثوب الفلسطيني، وورود توزع عليهن من شبان وشابات... تحتفي النساء بيومهن بمطالب حقيقية عن المساواة، على كل المستويات في سوق العمل والأجور والمناصب، وعن الحرية لشعب يعيش في مدينة محاصرة من جهاتها الأربع بحواجز الاحتلال ومستعمراته.
كأن ذلك اليوم الذي عشته لأول مرة في حياتي في فصلها العربي لم يكن فيه تصنع، فالفلسطينية كانت دائما حارسة الزيتون والزعتر والذاكرة، تتقدم في سن مبكرة مواجهة عسكر الاحتلال، ولا ابتذالا لشعارات ومتاجرة ممن يرفع الصوت على طريقة صاحبنا الذي كان في المجلس التشريعي قد تفوه بما تفوه به بوجه حنان عشراوي ذات يوم. بالمناسبة، حنان عشراوي كانت يومها بين النساء المتجمعات غير بعيد عن منزلها المواجه لزاوية "المقاطعة" في شارع الإرسال.
أمران أعادا ذاكرتي إلى تناقض مشهدي في يوم المرأة العالمي عربياً، واحد اغترابي يعيش فيه كثيرون سطحية عقود من الادعاء الحضري عن حقها بينما حبه الأكثر لحقها في أن تكون فواحة برائحة المطبخ والثوم من الفجر إلى أن يكون العشاء جاهزا بعد أن يكون قد اكتمل عنده نهار نصفه نوم، وهي تطارد بين متطلبات كثيرة من تعلم اللغة واجتماعات لأولياء الأمور ومساعدة الأطفال بواجبات مدرسية.
ثم حين يكون الثامن في المدينة تراه متأنقا ليجوب احتفالية نساء غربيات بيوم ناضلت جداتهن ليكون ذاكرة لهن... وفيه ترى جيلا من شابات هذا الزمن الآخر من عربيات المهجر وقد قفزن على سياج الأسلاك الشائكة لموروثات أخرى تناقض مشهد غربة البعض ممن يعيش وكأنه موظف في "الدولة التقدمية" حتى بعد عقود على غربته.
والثاني، مشهد آخر لغزة التي قالت ويندي غولدسميث WENDY GOLDSMITH عنه "في الثامن من مارس سنعلن عن انطلاقنا بقافلة كسر الحصار عن غزة بقارب نسوي لإظهار تضامننا مع النساء الفلسطينيات في نضالهن ضد الظلم والحصار". سميث تضيف في فترة التحضير لإبحار قارب نسائي نحو غزة: "لعبت المرأة الفلسطينية دورا كبيرا في النضال بوجه اللاعدالة بتحمل مسؤوليات كثيرة للإبقاء على تماسك عائلتها والتخفيف عن أطفالها المرعوبين من قذائف الاحتلال وساهمت في محاولة بث الأمل والقوة مجددا عند شعبها".
ليست ويندي غولدسميث وحدها من سيبادر لخوض غمار مخاطر الإبحار، نساء كثيرات، من بينهن مشاهير وعربيات مقيمات في الغرب، اخترن أن يكون يومهن العالمي ضد التيار، فالراهبة الإسبانية تيريزا فوركاديس لم تأبه لمنعها من دخول فلسطين المحتلة ولا لهراء إيمانويل نخشون عن "سيادة إسرائيل".
بين المشهدين النسويين ثمة غصة بسبب محاولات تسليع المرأة العربية، بل المرأة بشكل عام، تحمل صفات مؤلمة أحيانا في إحصاءات لا تبشر كثيرا، وفي أغلبها تتراوح بين الأمية المتفشية والعشق الذي يخترق عظام بعضهن، بمن فيهن نخب، للحذاء العسكري رافعات إياه فوق الرأس وعند مستوى الشفتين تقبيلاً... وأخريات ينهش الاستهلاك مليارات على زينة شركات تجميل غربية... بعضها يساهم في تصليب الطلقة الموجهة لإعدام فتاة عربية على الضفة الأخرى.
وبين كل ذلك، منذ خمسة أعوام يمر الثامن من مارس على سوريات منكوبات، ومثلهن فلسطينيات سوريات، هجرة مذلة ونحيب على افتقاد عزيز أشبه بذلك الرجل الحلبي الذي لم يساوم لحظة إعدامه كثافة الدم مؤلمة في تناقض مشهدية صرخة موت مجاني "فداء لصباط السيد" من أم تنعى ابنها مصدومة وآخر لا يقل في صدمته عن الأول في اللهاث خلف سراب تحويل "الدولة التقدمية" تحت عباءة "رجال الله".
اقرأ أيضاً: نساء عربيّات في اليوم العالمي للمرأة
خارج قفص "التقدمية" عشت بالقرب من دوار المنارة بمدينة رام الله، في صباح الثامن من مارس/آذار تقاطرت النساء بكامل أناقتهن، يرفعن شعارات أخرى لا تشبه شعارات "الدولة التقدمية"... نسوة كان بينهن جدات يرتدين الثوب الفلسطيني، وورود توزع عليهن من شبان وشابات... تحتفي النساء بيومهن بمطالب حقيقية عن المساواة، على كل المستويات في سوق العمل والأجور والمناصب، وعن الحرية لشعب يعيش في مدينة محاصرة من جهاتها الأربع بحواجز الاحتلال ومستعمراته.
كأن ذلك اليوم الذي عشته لأول مرة في حياتي في فصلها العربي لم يكن فيه تصنع، فالفلسطينية كانت دائما حارسة الزيتون والزعتر والذاكرة، تتقدم في سن مبكرة مواجهة عسكر الاحتلال، ولا ابتذالا لشعارات ومتاجرة ممن يرفع الصوت على طريقة صاحبنا الذي كان في المجلس التشريعي قد تفوه بما تفوه به بوجه حنان عشراوي ذات يوم. بالمناسبة، حنان عشراوي كانت يومها بين النساء المتجمعات غير بعيد عن منزلها المواجه لزاوية "المقاطعة" في شارع الإرسال.
أمران أعادا ذاكرتي إلى تناقض مشهدي في يوم المرأة العالمي عربياً، واحد اغترابي يعيش فيه كثيرون سطحية عقود من الادعاء الحضري عن حقها بينما حبه الأكثر لحقها في أن تكون فواحة برائحة المطبخ والثوم من الفجر إلى أن يكون العشاء جاهزا بعد أن يكون قد اكتمل عنده نهار نصفه نوم، وهي تطارد بين متطلبات كثيرة من تعلم اللغة واجتماعات لأولياء الأمور ومساعدة الأطفال بواجبات مدرسية.
ثم حين يكون الثامن في المدينة تراه متأنقا ليجوب احتفالية نساء غربيات بيوم ناضلت جداتهن ليكون ذاكرة لهن... وفيه ترى جيلا من شابات هذا الزمن الآخر من عربيات المهجر وقد قفزن على سياج الأسلاك الشائكة لموروثات أخرى تناقض مشهد غربة البعض ممن يعيش وكأنه موظف في "الدولة التقدمية" حتى بعد عقود على غربته.
والثاني، مشهد آخر لغزة التي قالت ويندي غولدسميث WENDY GOLDSMITH عنه "في الثامن من مارس سنعلن عن انطلاقنا بقافلة كسر الحصار عن غزة بقارب نسوي لإظهار تضامننا مع النساء الفلسطينيات في نضالهن ضد الظلم والحصار". سميث تضيف في فترة التحضير لإبحار قارب نسائي نحو غزة: "لعبت المرأة الفلسطينية دورا كبيرا في النضال بوجه اللاعدالة بتحمل مسؤوليات كثيرة للإبقاء على تماسك عائلتها والتخفيف عن أطفالها المرعوبين من قذائف الاحتلال وساهمت في محاولة بث الأمل والقوة مجددا عند شعبها".
ليست ويندي غولدسميث وحدها من سيبادر لخوض غمار مخاطر الإبحار، نساء كثيرات، من بينهن مشاهير وعربيات مقيمات في الغرب، اخترن أن يكون يومهن العالمي ضد التيار، فالراهبة الإسبانية تيريزا فوركاديس لم تأبه لمنعها من دخول فلسطين المحتلة ولا لهراء إيمانويل نخشون عن "سيادة إسرائيل".
بين المشهدين النسويين ثمة غصة بسبب محاولات تسليع المرأة العربية، بل المرأة بشكل عام، تحمل صفات مؤلمة أحيانا في إحصاءات لا تبشر كثيرا، وفي أغلبها تتراوح بين الأمية المتفشية والعشق الذي يخترق عظام بعضهن، بمن فيهن نخب، للحذاء العسكري رافعات إياه فوق الرأس وعند مستوى الشفتين تقبيلاً... وأخريات ينهش الاستهلاك مليارات على زينة شركات تجميل غربية... بعضها يساهم في تصليب الطلقة الموجهة لإعدام فتاة عربية على الضفة الأخرى.
وبين كل ذلك، منذ خمسة أعوام يمر الثامن من مارس على سوريات منكوبات، ومثلهن فلسطينيات سوريات، هجرة مذلة ونحيب على افتقاد عزيز أشبه بذلك الرجل الحلبي الذي لم يساوم لحظة إعدامه كثافة الدم مؤلمة في تناقض مشهدية صرخة موت مجاني "فداء لصباط السيد" من أم تنعى ابنها مصدومة وآخر لا يقل في صدمته عن الأول في اللهاث خلف سراب تحويل "الدولة التقدمية" تحت عباءة "رجال الله".
اقرأ أيضاً: نساء عربيّات في اليوم العالمي للمرأة