تمضي القوات الروسية في "تطوير" وجودها العسكري في سورية، فبعد أن جرى بناء قاعدتين جوية وبرية في مطار حميميم في ريف جبلة، وتحصين القاعدة العسكرية المتواجدة في طرطوس، ونقل طائرات ودبابات وأسلحة وذخائر، وشنّ عشرات الغارات الروسية على المدن السورية، بدأ الروس في توسيع قواعدهم العسكرية في مدينة حماة، وسط البلاد. التدخل الروسي، الذي يأتي وسط قلق عواصم غربية ودول إقليمية وعربية، يتوالى الإعراب عنه يومياً، يشير بوضوح إلى أن روسيا تسعى إلى تحقيق أهدافها المرجوة في سورية، والتي يأتي في مقدمتها حماية مصالحها الحيوية في البحر المتوسط، والتي تتم من خلال حماية النظام السوري، وترسيخ مفهوم "سورية المفيدة" مع إيران، والتي تشمل دمشق وحمص وحماة والساحل.
يكشف مدير "مركز حماة الإعلامي" يزن شهداوي لـ"العربي الجديد"، أن "القوات الروسية أنشأت الأسبوع الماضي مركزاً لقواتها العسكرية البرية في معسكر الفروسية، الواقع بين حيي الصابونية وجنوب الملعب في مدينة حماة، وذلك بعد أن كانت تتخذه قوات الفرقة الرابعة مقراً لها داخل المدينة، ليتم تسليمه منذ أيام للقوات الروسية، مع رفع علم روسيا في أعلى المبنى". ويضيف "يبدو أن الروس بدأوا مدّ سيطرتهم الاستراتيجية وتحقيق الإشراف الإداري والعسكري على المدينة الاستراتيجية، وسط سورية". ويتابع شهداوي "وضعت روسيا أكثر من 1050 عنصراً روسياً داخل حماة، وفقاً لإحصاءات وردت إلى المركز من داخل أجهزة الاستخبارات السورية، وتمّ وضع 200 عنصر روسي داخل مبنى معسكر الفروسية وسط حماة، و500 عنصر روسي في الفوج 45 الواقع جنوب غربي مطار حماة العسكري، مجهّزين بكامل أسلحتهم وعتادهم. كذلك يتواجد 50 عنصراً في معسكر دير شميّل في منطقة مصياف بريف حماة الغربي، و300 عنصر في منطقة جورين، والقرى المحيطة بها غربي حماة".
اقرأ: حرب "مقدسة" على ملايين السوريين
ويلفت إلى أنه "تم التأكيد من الضباط الروس، بأن مدينة حماة يجب أن تكون لصالح روسيا، كونها موقعاً استراتيجياً مهماً لسورية وتقع في وسط البلاد. لذلك سيحاولون جعلها مركزاً كبيراً لقواتهم ومركزاً لثقلهم العسكري". وفي السياق، يوضح شهداوي أن "الضباط الروس أوعزوا للقوات الإيرانية بإخلاء اللواء 47، الواقع جنوبي حماة، لتحويله إلى معسكر كبير للقوات الروسية الآتية مستقبلاً إلى حماة. وبالفعل بدأت المليشيات الإيرانية الموجودة داخل اللواء 47 بإخلائه على دفعات، وهذا ما تمّت مشاهدته خلال الأيام الثلاثة الماضية، من أرتال عسكرية تخرج من اللواء محملة بالعناصر والذخيرة إلى أماكن مجهّزة". واللواء 47، أو ثكنة محمد سلمون، كما هو مكتوب على مدخل الباب، يقع على طريق حماة حمص، على السفح الشمالي لجبل الأربعين، ويمتد حتى تلة قرين الحجل على أطراف زهرة المدائن، مسيطراً على مئات الكيلومترات من الأراضي الزراعية الخصبة، محولاً إياها إلى أراضٍ بور. وكانت إيران تجهز اللواء الذي يضمّ حقولاً وقاعات للتدريب، وحقول رمي للمشاة ودبابات ومضاد دبابات، وحقول تدريب رياضة ومعسكرات، ليكون مركزاً رئيسياً لها لشن عمليات ضد مقاتلي المعارضة السورية.
وفي السياق، يكشف القيادي في "الجيش السوري الحر"، أبو حمزة، لـ "العربي الجديد" أن "المعلومات التي حصلت عليها المعارضة تفيد بتحضير النظام لخطة عسكرية برية وفق محورين، جنوبي، يهدف إلى فتح طريق حماة الرستن تلبيسة، وذلك باستعادة المناطق المحررة بدءاً من الرستن وصولاً إلى تلبيسة من أيدي قوات المعارضة". ويفسر هذا الهدف سبب تركيز الغارات الروسية، منذ اليوم الأول، على ريف حمص الشمالي، وتحديداً مدينتي تلبيسة والرستن ومحيطهما، ما يعني فتح الطريق بين حماة وحمص، لرسم "سورية المفيدة" التي تشمل كلاً من دمشق وحمص وحماة والساحل السوري. وبحسب القيادي العسكري نفسه، فإن "المحور الثاني سيكون شمالاً بهدف الوصول إلى تل الحماميات في ريف حماة الشمالي الغربي مروراً بقرية كفرنبودة، حيث سيخرج الرتل المشترك من مدينة حماة ماراً بقرية كفرنبودة، حتى يصل إلى تل الحماميات، والذي سيقوم عندها بإنشاء خط دفاع أول عن سهل الغاب من الجهة الشرقية للغاب؛ وبذلك يكون أنهى قد المرحلة الأولى من خططته". وأردف أبو حمزة أنه "بعد الانتهاء من المرحلة الأولى، فإن قوات النظام ستستكمل عملها في بقية مراحل الخطة التي تهدف إلى استعادة كامل سهل الغاب من المعارضة".
اقرأ أيضاً: تدمير البنية التحتية للمعارضة للسورية أولوية الغارات الروسية