شنت وزارة التربية والتعليم في مصر بالتعاون مع وزارة الداخلية حملات مكثفة على مراكز الدروس الخصوصية، خلال الأيام القليلة الماضية منعاً للتجمعات بسبب كورونا، وتم القبض على عدد من المدرسين وتم إخلاء سبيلهم بعد دفع الكفالات.
من جانبهم عبر عدد من أولياء الأمور عن استيائهم من تلك الحملات، إذ إن البديل لغلق تلك المراكز ذات الأسعار الشعبية، هو المدارس الخاصة والتي لا يستطيع 90 في المائة من الأهالي تحمل نفقاتها.
يقول أحمد فضل، وهو ولي أمر، لدي ولدان في المرحلة الابتدائية، لا يمكن أن أعتمد على المدرسة في هذه المرحلة التأسيسية، وإلا كان مصيرهم الفشل، فالدروس الخصوصية أصبحت أمرا واقعا في حياة المصريين، ومعنى غلق مراكز الدروس الخصوصية، أن البديل الوحيد هو المجموعات الخاصة، والتي لا يستطيع تحمل نفقاتها سوى الأغنياء.
ويتساءل، لماذا التركيز على هذه المراكز من منطلق أنها أماكن تجمعات، مخالفة للإجراءات الوقائية من فيروس كورونا؟ ألم يروا الزحام على مكاتب البريد أثناء استلام الرواتب والمعاشات؟ ألم يروا طوابير المواطنين أمام السجل المدني، وغيره من المنشآت الحكومية.
ويربط عبدالله عادل، مدرس، بين التضييق على مراكز الدروس الخصوصية، وبين توقيع وزارة التعليم مع شركة "أورانج مصر" ، بروتوكول تعاون لإدارة منصة رقمية للدروس الإلكترونية تطلقها الوزارة، لمدة ثلاث سنوات، لافتًا إلى أنه بالتأكيد ستكون هذه الخدمة مدفوعة الأجر، وبالتالي سيتم تحميل أولياء الأمور أعباء أخرى.
ويضيف:"هناك بُعد آخر حال استمرار ملاحقة الحكومة لمراكز الدروس الخصوصية، إذ إنه في مثل هذه المراكز تتم مراعاة الحالة الاجتماعية لبعض الطلاب، فيتم إعفاء البعض تماًمًا، وآخرون نُحصل منهم نصف القيمة، وأحيانا كثيرة نأخذ من كل شقيقين حساب فرد واحد فقط، ومع الغلق سيتم حرمان كل هؤلاء، مع توجه المدرسين نحو المجموعات الخاصة.
ويؤكد مدرس آخر، رفض ذكر اسمه، أن المتضرر الوحيد من عملية غلق المدارس هو ولي الأمر، فالمدرس الذي كان يُحصل من كل طالب في المركز 100 جنيه في الشهر، بمتوسط 4 آلاف جنيه للمجموعة الواحدة، سيحصّل نفس المبلغ من 10 طلاب في مجموعات خاصة (كل طالب 400 جنيه).
ويتابع: "مقترح الوزارة بعودة مجموعات التقوية للمدارس يشوبه بعض الصعاب عند التطبيق، فكثافة المجموعة لا تزيد عن 25 طالبًا ، وهو ما يعني حاجة كل مدرسة لأماكن وساعات إضافية، وخاصة أن معظم المدارس لفترتين، كما يشترط أن تورد المدرسة أول كل شهر المبالغ طبقًا للكشوفات المسجلة، وماذا في حال تأخر بعض الطلاب أو عدم استطاعتهم الدفع في الميعاد المقرر"؟
وكانت وزارة التربية والتعليم، نفت صرف أية مكافآت مالية للمواطنين حال إبلاغهم عن مراكز الدروس الخصوصية، مشددة على أنه لم يتم إصدار أي قرارات بهذا الشأن.
وأوضحت أن هناك لجاناً تفتيشية تابعة لها ترصد مراكز الدروس الخصوصية وغلقها من خلال شن حملات موسعة بالتنسيق مع وزارة الداخلية باعتبارها منشآت تمارس أنشطة تعليمية بالمخالفة للقوانين واللوائح والقرارات الوزارية المنظمة لذلك، وذلك في إطار الارتقاء بالمنظومة التعليمية.
وكشفت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء حول مؤشرات بحث الدخل والإنفاق في الفترة من أكتوبر/تشرين الأول 2017- سبتمبر/أيلول 2018، أن حجم إنفاق الأسرة المصرية ، على التعليم يقدر بـ 5.2 آلاف جنيه سنويًا، وهو ما يمثل 4.5 في المائة من جملة الإنفاق السنوي، وجاء بند الدروس الخصوصية على رأس القائمة بنسبة 37.7 في المائة، أي ما يعادل 1.9 ألف جنيه، وطبقًا لبيانات "الإحصاء" بمناسبة اليوم العالمي للأسرة، فقد بلغ عدد الأسر في مصر نحو 24.7 مليون أسرة حتى يناير/كانون الثاني 2020، وهو ما يعنى أن الأسر تنفق حوالى 49 مليار جنيه على الدروس الخاصة سنويًا .