فــتـح وحـمـاس وشرف الخصومة
واجهت حرباً إسرائيلية تمثلت بحرب سياسية، عنوانها أن حـمـاس حركة إرهابية، لن تتعامل معها، وحرباً عسكرية تمثلت بالقصف المدفعي والجوي الذي يستهدف قتل المدنيين وتدمير البنية التحتية لقطاع غزة من محطات الكهرباء والجامعات والمدارس ودور العبادة، وبعمليات الاغتيال والاجتياحات المتكررة لقطاع غزة وارتكاب المجازر، ثم بشن ثلاث حروب على قطاع غزة "حرب الفرقان" في عامي 2008 ــ 2009، و"حرب السجيل" في عام 2012، و"حرب العصف المأكول" في عام 2014 بهدف القضاء على الحركة.
وواجهت حركة حـمـاس حرباً دولية أوروبية ــ أميركية، عنوانها حجب المساعدات المالية عنها بهدف تجويع شعب بكامله، وهو الذي منح الحركة ثقته في الانتخابات التشريعية، واتسع نطاق الحصار ليشمل كل دولة عربية، أو إسلامية، تفكر بكسر الحصار، وتقديم مساعدات للشعب الفلسطيني.
ثم اتسع نطاق الحصار أكثر عبر تهديد البنوك العربية والفلسطينية بأنها ستتعرض للعقاب إذا هي قبلت بتحويل أي تبرعات رسمية أو شعبية. ثم بدأت حركة حـمـاس تواجه حربا فلسطينية، من فئة صغيرة من متنفذين في حركة فـتح، ومن محسوبين عليها من دعاة الانبطاح والاستسلام الذين فضلوا المتاجرة بدماء شعبهم وقضيته الوطنية، وكأن فلسطين أصبحت وقفا كتب باسمهم، وليس لأحد أن يحل محلهم في إدارته.
والعجيب أن الهجوم الإعلامي من هؤلاء على كل من يحمل البندقية المقاومة يزداد، بعد كل انتصار للمقاومة على العدو الصهيوني، تارة بتحشيد إعلاميين من سحرة فرعون في وصلات سباب وشتم وردح للمقاومة والشعب الفلسطيني، في برامجهم، في حالة غير مسبوقة من الإسفاف والفجاجة والفجور، في محاولة خسيسة لدق الأسافين بين الشعبين الفلسطيني والمصري، وتحريض الشعب المصري، بكل أطيافه، ضد أبناء قطاع غزة، وأخرى باستضافة أعداء الشعب الفلسطيني على التلفزيون الرسمي الفلسطيني، لكيل الشتائم لشعب قطاع غزة والمقاومة، وتارة أخرى بظهور الذين يطلق عليهم "الناطقين باسم حركة فتح" على الفضائيات المعادية لكل ما هو فلسطيني، والذين يتسابقون على تحقير النهج المقاوم، وتوصيف الجهاد بأنه من الكبائر، وأن المجاهدين الذين يدافعون عن أرضهم وعرضهم وشعبهم إرهابيون وقتلة وخارجون عن القانون، والتنسيق مع العدو من "أقدس المقدسات والثابت الوحيد في الثوابت الفلسطينية". وأخيراً، الدعوة إلى الاستسلام والتسويات وأنصاف الحلول والتـنازل عن البقية الباقية من الثوابت والأرض الفلسطينية.
أدى ذلك كله إلى استهجان عضو المكتب السياسي لحركة حـمـاس، موسى أبو مرزوق، من التصريحات المسيئة التي تصدر عن مسؤولين في السلطة الفلسطينية للقضية والشعب والمقاومة، متسائلاً عن الذي يريدون إيصاله إلى شعبنا الفلسطيني. وقال: "ألم تصل الرسالة باستشهاد زياد أبو عين أننا كلنا مستهدفون، أرضا وشعبا وتاريخا وهوية، حينما يصرح بعضهم أن إغلاق معبر رفح بسبب تدخل حماس في شؤون مصر الداخلية، وآخر من حق مصر ملاحقة عناصر حماس الإرهابية، وبعض آخر يدعي أنه قدم نصائح لحماس، لكنها لا تستمع، وحـمـاس مصرة على إخوانيتها، وهي السبب في إقفال مصر معبر رفح، و ..".
ويبقى الشارع الفلسطيني متسائلا بكل ألم:
من أين جاء هؤلاء؟
فهم يدّعون الوطنية، وليسوا وطنيين. ويدعون المقاومة، وليسوا مقاومين. ويدعون الصدق، وليسوا صادقين. ويدعون الشفافية، وهم باطنيون. ويدعون الطهارة، وهم ملوثون. ويدعون الذكاء، وهم في قمة الغباء.