تطرّز المسنة الغزية نجيبة محمود بإبرتها الصغيرة جزءاً من أطول خريطة لفلسطين التاريخية، إلى جانب مجموعة من كبيرات السن الفلسطينيات في قطاع غزة، شاركنها عملية التطريز قرب الشريط الحدودي الذي يفصل القطاع عن الأراضي المحتلة عام 1948.
بمهارة وخفة يد منقطعة النظير حرصت الفلسطينية نجيبة محمود على كتابة اسم بلدتها "المجدل" المحتلة عام 1948، على الخريطة إلى جانب نظيراتها من المسنات اللواتي شاركن في رسم الخريطة وكتابة أسماء أبرز المدن والقرى الفلسطينية، ضمن فعالية أقامتها وزارة الثقافة بغزة والهيئة الأهلية للاجئين الفلسطينيين.
وتقول المسنة محمود لـ "العربي الجديد" إنها حرصت على المشاركة في حياكة أطول خارطة مطرزة لمساحة فلسطين التاريخية، كونها تحلم باليوم الذي تعود فيه إلى بلدتها التي تهجّرت منها هي وعائلتها قبل نحو سبعة عقود على يد الاحتلال الإسرائيلي.
وتضيف أن تجسيد خارطة فلسطين التاريخية قرب حدود القطاع وعلى مقربة من الأراضي المحتلة عام 1948، له رونق خاص، لا سيما أن التطريز ينسجم مع التراث الفلسطيني الأصيل المتوارث عبر الأجيال.
وتشير إلى أن محاولة الاحتلال قمع مسيرة العودة عبر استهداف المدنيين، الذين يتواجدون قرب المناطق الحدودية القريبة من الأراضي المحتلة لن يغير من عقيدة الفلسطينيين الراسخة بالعودة إلى أراضيهم التي هجروا منها.
أما المسنة حليمة أبو نحل، فلم يمنعها تقدمها في السن من المشاركة في ورشة تطريز الخريطة، وتؤكد لـ "العربي الجديد" أنها كانت ولا تزال تحلم باليوم الذي تعود فيه إلى قريتها بربرة المحتلة منذ عام 1948.
وتقول أبو نحل إن مشاركتها وغيرها من المسنات الفلسطينيات برسم خريطة فلسطين بالتطريز تثبت تمسك الفلسطينيين بأرضهم، وبما ورثوه عن آبائهم وأجدادهم الذين تهجروا من قراهم ومدنهم على يد الاحتلال الإسرائيلي قبل نحو 70 عاماً.
وتوضح أنه رغم مرور 70 عاماً على نزوحها مع عائلتها إلى القطاع، إلا أنها لا تزال تحتفظ بمفتاح بيت عائلتها في قريتها التي هُجرت منها، إضافة إلى التمسك بالتراث الفلسطيني الأصيل الذي يتمثل في التطريز والزي الشعبي.
وتشهد المناطق الحدودية الشرقية للقطاع فعاليات شبه يومية يقيمها الفلسطينيون ضمن مسيرات العودة الكبرى التي بدأت في 30 مارس/آذار المنصرم، ويتوقع أن تستمر حتى 15 مايو/أيار المقبل، وتتنوع تلك الفعاليات بين أنشطة شعبية وأخرى ثقافية تتمثل في ندوات شعرية وفلكلور شعبي.
وتقول رئيسة الهيئة الأهلية للاجئين الفلسطينيين، فدوى الشرفا، لـ "العربي الجديد" إن الخريطة التي جسدها كبار السن تعتبر أطول خريطة جرى تطريزها، إذ يبلغ إجمالي طولها ثلاثة أمتار وعرضها 1.5 متر.
وتلفت الشرفا إلى طموح الهيئة ووزارة الثقافة بإدخال الخريطة موسوعة غينيس للأرقام القياسية كونها الأطول من نوعها مقارنة مع ما سبقها من أعمال، بالإضافة لكونها تجسد بوضوح فكرة العودة للأراضي الفلسطينية المحتلة.