"نتحدى الحاضر لنرسم المستقبل".. ذلك الحاضر الذي قد يمتد لسنوات جامعية طويلة، تتلاشى معها روح الحياة، ويخبو خلالها عنفوان الشباب، لتتوه بين أيامها ذكريات الدراسة وضحكات الزملاء، بعد أن استبدلت أروقة الجامعة وساحاتها، بدهاليز السجون وجدرانها الرمادية الموصدة بقضبان الحديد والأسوار العالية.
فالحاضر، لدى طلبة الجامعات في فلسطين، يمر خلال سنوات الدراسة كالسائر على حد السيف، يخشى أن يغدره في أية لحظة، ويهوى به لسجون الاحتلال الإسرائيلي، وتضاف كلمة "الأسير" قبل الطالب، حين ينادى على اسمه في قاعات الدراسة، ليس لشيء، سوى أن "إسرائيل" تنظر لطلبة الجامعات الفلسطينية، كقنبلة موقوتة قد تتفجر طاقاتها من خلال العمل تحت أطر الكتل الطلابية (الأذرع الطلابية للفصائل الفلسطينية)، أو قدرتهم في التأثير على الواقع السياسي بأشكاله المختلفة.
اعتقالات وإشكاليات
علاء حميدان، واحد ممن نغص عليهم الاحتلال حياتهم الجامعية، حتى تأخر تخرجه لأكثر من خمس سنوات عن طلبة دفعته في كلية الآداب في جامعة النجاح الوطنية في نابلس، نتيجة لاعتقالاته المتكررة.
عن تلك التجربة، يتحدث علاء لـ "العربي الجديد": "منذ أن التحقت بالجامعة، بدأت معاناتي مع الاعتقالات المتكررة، لتصل مجموع اعتقالاتي لسبع سنوات غالبيتها خلال دراستي الجامعية".
يقول علاء:"الاندماج الأكاديمي من أبرز الصعوبات، التي قد تواجه الأسير المحرر فور عودته لمقاعد الدراسة، فبعد أن يخرج الطالب من الأسر، ويلتحق بجامعته من جديد، حينها يشعر بصعوبة كبيرة في الاندماج وفي التواصل الأكاديمي، وذلك ينعكس بلا شك على مستواه التحصيلي، لعدم شعوره بالتراكمية بالتحصيل العلمي".
ويضيف:"صعوبة التأقلم يمكن أن يتغلب عليها الطالب الأسير المحرر، لكن الانقطاع الأكاديمي يكون أشد وأقوى، وقد يؤثر ذلك على نفسية الطالب الذي تخرج جميع زملائه، في حين هو ما زال في بداية مشواره الجامعي، قد يخطر بباله للحظة من اللحظات أنه من المستحيل أن يصل للحظة ارتداء ثوب التخرج".
بعض الطلبة الجامعيين كانت ظروف الاعتقال أقوى من أن يتحدوها ليبقوا في تخصصاتهم، التي حلموا أن يتخرجوا منها، بحسب علاء، مضيفا:"هناك نماذج وإن كانت قليلة، تأثرت دراستهم بسبب الاعتقال لحد الانقطاع، كما أن هناك طلبة اضطروا لتغيير تخصصاتهم المبنية على التراكمية والتسلسل مع طلبة الدفعة الواحدة".
أسباب الاستهداف
ويشير علاء إلى أن استهداف طلبة الجامعات الفلسطينية بالاعتقال والملاحقة يكون غالبا تحت ذرائع مختلفة، أبرزها قناعة الاحتلال بأن هذا الطالب المستهدف ناشط في إحدى الكتل الطلابية، كما أنه يتعمد استهداف مستقبل الطالب وحياته، وإبعاده عن أجواء الدراسة وعن موقع التأثير الذي يشغله بالجامعة".
وبفعل الغياب القسري لبعض الطلبة الجامعيين عن مقاعد الدراسة بفعل الاعتقال، وُضِعَت الجامعات الفلسطينية أمام واقع خاص، تتعامل فيه مع الطلبة الأسرى وفق قانون خاص بهم، يحفظ لهم حق العودة لمقاعد الدراسة ومواصلة التعليم مع الاحتفاظ بحقهم بالقسط الجامعي الذي دفع، حتى لو استمر غيابه لسنوات.
وحول ذلك يقول علاء: "القانون يوضح طبيعة التعامل مع حالات الاعتقال، وفي إثر التأجيل القسري للطالب، يحفظ القسط الجامعي للطالب لحين خروجه وإكمال دراسته".
تلك الإجراءات تأتي بنظر علاء كحد أدنى بالتعامل مع الأسرى المحررين، ويقول:"لم يكن الاهتمام بارزاً وواضحاً بما يكفي لمتابعة شؤون الطلبة الأسرى، ربما تكون هناك خطوات متواضعة لا ترقى إلى المستوى المطلوب، فجدير بالإدارات أن تقدم جهداً أقوى في هذا الملف".
دراسة رغم القيد
الرغبة في التعليم والتحصيل الأكاديمي لا تقتصر على الطلبة، الذين تختطفهم السلاسل الحديدية عن مقاعد الدراسة، حيث تضم السجون الإسرائيلية العديد من الأسرى، الذين بدأوا رحلتهم الجامعية من خلف تلك القضبان، متحدين كل الظروف المحيطة بهم، حيث استطاع الأسرى الفلسطينيون انتزاع حقهم بالتعليم من خلال معاركهم بأمعائهم الخاوية خلال إضرابات طويلة عن الطعام خاضوها لتحقيق مطالبهم، أبرزها حقهم في التعليم الجامعي.
الأسير المحرر، محمد منصور (55 عاماً)، والذي أمضى 26 عاماً في السجون الإسرائيلية، لم يكن اعتقاله والحكم عليه بتلك المدة حائلا أمام حلمه بإكمال التعليم الجامعي وهو داخل الأسر.
وبسبب عدم تعاطي الجامعات الفلسطينية مع مسألة الانتساب لخططها الدراسية من داخل السجون، اتجه منصور وعدد من الأسرى للدراسة في الجامعة العبرية المفتوحة في إسرائيل، والتي كانت تتيح المجال للأسرى بالانتساب إليها في بعض التخصصات، كالتاريخ والعلوم السياسية.
وكان منصور قد اختطف من على مقاعد كلية الهندسة في جامعة بيرزيت، فقرر مواصلة دراسته داخل السجن، لكن بتخصص آخر لا يحتاج لإشراف محاضرين جامعيين بشكل مباشر.
ويشير الأسير المحرر إلى أن الأسرى الفلسطينيين انتزعوا حقهم بالتعليم بعد إضرابهم عن الطعام عام 1992م، وبدأ تنفيذ هذا المطلب عام 1993م.
ويضيف في حديثه لـ "العربي الجديد":"الجامعة العبرية المفتوحة كانت الخيار الوحيد أمامنا. بالبداية وجد الأسرى صعوبة بسبب اللغة والمناهج، إلا أننا استطعنا التغلب على هذه العقبات وأصبح عدد الأسرى، الذين يلتحقون بالجامعة يزداد أكثر فأكثر، وكان الطلاب يساعدون بعضهم بعضاً، ويستفيد الأسرى من تجارب بعضهم".
وبصوت تتدفق منه مشاعر الفخر والإنجاز، يقول منصور:"حصلت على شهادة البكالوريوس من الجامعة العبرية بالعلاقات الدولية والتاريخ الإسرائيلي والحركة الصهيونية، بعد دراسة استمرت 5 سنوات داخل السجن".
أشواك على الطريق
تمكن الأسرى من الالتحاق بالجامعة العبرية منذ عام 1993 حتى عام 2006، حيث رفضت الجامعة انتساب الأسرى لبرامجها التعليمية فيما بعد، كإجراء عقابي على الأسرى بعد اختطاف الجندي الإسرائيلي، جلعاد شاليط، على يد المقاومة الفلسطينية في غزة حينها، مع الإبقاء على الأسرى، الذين كانوا مسجلين سابقاً.
وعن ذلك القرار، يقول منصور:"الاحتلال يعتبر التعليم الجامعي للأسرى امتيازاً، فحرموهم منه، كما أن هناك أصواتاً كانت تطالب بمنع الأسرى من دراسة بعض المناهج العبرية، لأنها باعتقادهم يمكن أن تضر بمصالح الدولة، على اعتبار أنها تساعد الأسير على معرفة عدوه أكثر فأكثر وكيفية التعامل معه".
أما عن الصعوبات، التي قد يلاقيها الأسير خلال دراسته، فيقول الأسير المحرر:"التنقلات المستمرة التي يتعرض لها الأسرى من سجن لآخر، وتلكؤ إدارة السجن بإرسال الرسائل للجامعة، مما يؤخر امتحان الطالب وتخرجه أحيانا، وعدم السماح أحيانا بإدخال الكتب، هي من أبرز الصعوبات، كما أن إدارة السجون كانت تتبع أسلوباً عقابيّاً لبعض الأسرى بحرمانه من التعليم لسنة أو سنتين".
ويشير منصور إلى أن أثر إكمال الدراسة الجامعية بدا واضحاً بأن أصبح لدى هؤلاء الأسرى قدرة على التحليل وتناول المواضيع، وخاصة التعمق بالشأن الإسرائيلي وفهمه.
برسم الدكتوراه
اعتقال الطلبة الجامعيين واستهدافهم بشكل مباشر وواضح، هدفه قتل طموح الطالب وإيقاف عجلة حياته، بحسب مدير "مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان"، فؤاد الخفش، الذي صرح لـ "العربي الجديد" قائلاً: "أغلب الفلسطينيين متميزون بالتعليم، والاحتلال يريد من خلال الاعتقال قتل هذه الرغبات والطموحات".
وأشار الخفش في حديثه مع "العربي الجديد" إلى أن الحركة الفلسطينية الأسيرة خاضت نضالات وإضرابات طويلة استشهد خلالها أسرى من أجل انتزاع هذا الحق في التعليم، لتكون شهادة البكالوريوس من قبل هؤلاء الأسرى برسم الدكتوراه في قيمتها المعنوية وسنوات الحصول عليها.
وأضاف:"التعليم مكفول بالأعراف والقوانين الدولية، وهناك مادة صريحة تنص على حق الإنسان في التعليم حتى وهو داخل السجن، وقد حصل الأسرى على هذا الإنجاز وفتحت أمامهم الفرصة من خلال الجامعة العبرية".
وذكر أن العديد من الأسرى استطاعوا انتزاع شهادات عليا، منهم من أنهى بكالوريوس، ومنهم الماجستير، ومنهم من تفوق بشكل كبير في دراسته، لافتاً إلى أن الجامعات الفلسطينية رفضت انتساب الأسرى لخططها الدراسية من داخل السجن، عدا جامعة واحدة في غزة أتاحت لهم الانتساب، واستطاع الأسرى أن يجتازوا مرحلة الدبلوم والبكالوريوس من خلالها".
وأشار إلى أن مبررات الجامعات بأنها لا تضمن عملية إجراء الامتحانات واجتياز الخطة الدراسية، وقال:"هذا أمر غير مقبول، ففي السجون هناك العديد من الأكاديميين والأساتذة الجامعيين أسرى، ويمكنهم ضبط هذه العملية".
اقرأ أيضا:
فلسطين.. الإنجليزية والعبرية في مواجهة العربية
فالحاضر، لدى طلبة الجامعات في فلسطين، يمر خلال سنوات الدراسة كالسائر على حد السيف، يخشى أن يغدره في أية لحظة، ويهوى به لسجون الاحتلال الإسرائيلي، وتضاف كلمة "الأسير" قبل الطالب، حين ينادى على اسمه في قاعات الدراسة، ليس لشيء، سوى أن "إسرائيل" تنظر لطلبة الجامعات الفلسطينية، كقنبلة موقوتة قد تتفجر طاقاتها من خلال العمل تحت أطر الكتل الطلابية (الأذرع الطلابية للفصائل الفلسطينية)، أو قدرتهم في التأثير على الواقع السياسي بأشكاله المختلفة.
اعتقالات وإشكاليات
علاء حميدان، واحد ممن نغص عليهم الاحتلال حياتهم الجامعية، حتى تأخر تخرجه لأكثر من خمس سنوات عن طلبة دفعته في كلية الآداب في جامعة النجاح الوطنية في نابلس، نتيجة لاعتقالاته المتكررة.
عن تلك التجربة، يتحدث علاء لـ "العربي الجديد": "منذ أن التحقت بالجامعة، بدأت معاناتي مع الاعتقالات المتكررة، لتصل مجموع اعتقالاتي لسبع سنوات غالبيتها خلال دراستي الجامعية".
يقول علاء:"الاندماج الأكاديمي من أبرز الصعوبات، التي قد تواجه الأسير المحرر فور عودته لمقاعد الدراسة، فبعد أن يخرج الطالب من الأسر، ويلتحق بجامعته من جديد، حينها يشعر بصعوبة كبيرة في الاندماج وفي التواصل الأكاديمي، وذلك ينعكس بلا شك على مستواه التحصيلي، لعدم شعوره بالتراكمية بالتحصيل العلمي".
ويضيف:"صعوبة التأقلم يمكن أن يتغلب عليها الطالب الأسير المحرر، لكن الانقطاع الأكاديمي يكون أشد وأقوى، وقد يؤثر ذلك على نفسية الطالب الذي تخرج جميع زملائه، في حين هو ما زال في بداية مشواره الجامعي، قد يخطر بباله للحظة من اللحظات أنه من المستحيل أن يصل للحظة ارتداء ثوب التخرج".
بعض الطلبة الجامعيين كانت ظروف الاعتقال أقوى من أن يتحدوها ليبقوا في تخصصاتهم، التي حلموا أن يتخرجوا منها، بحسب علاء، مضيفا:"هناك نماذج وإن كانت قليلة، تأثرت دراستهم بسبب الاعتقال لحد الانقطاع، كما أن هناك طلبة اضطروا لتغيير تخصصاتهم المبنية على التراكمية والتسلسل مع طلبة الدفعة الواحدة".
أسباب الاستهداف
ويشير علاء إلى أن استهداف طلبة الجامعات الفلسطينية بالاعتقال والملاحقة يكون غالبا تحت ذرائع مختلفة، أبرزها قناعة الاحتلال بأن هذا الطالب المستهدف ناشط في إحدى الكتل الطلابية، كما أنه يتعمد استهداف مستقبل الطالب وحياته، وإبعاده عن أجواء الدراسة وعن موقع التأثير الذي يشغله بالجامعة".
وبفعل الغياب القسري لبعض الطلبة الجامعيين عن مقاعد الدراسة بفعل الاعتقال، وُضِعَت الجامعات الفلسطينية أمام واقع خاص، تتعامل فيه مع الطلبة الأسرى وفق قانون خاص بهم، يحفظ لهم حق العودة لمقاعد الدراسة ومواصلة التعليم مع الاحتفاظ بحقهم بالقسط الجامعي الذي دفع، حتى لو استمر غيابه لسنوات.
وحول ذلك يقول علاء: "القانون يوضح طبيعة التعامل مع حالات الاعتقال، وفي إثر التأجيل القسري للطالب، يحفظ القسط الجامعي للطالب لحين خروجه وإكمال دراسته".
تلك الإجراءات تأتي بنظر علاء كحد أدنى بالتعامل مع الأسرى المحررين، ويقول:"لم يكن الاهتمام بارزاً وواضحاً بما يكفي لمتابعة شؤون الطلبة الأسرى، ربما تكون هناك خطوات متواضعة لا ترقى إلى المستوى المطلوب، فجدير بالإدارات أن تقدم جهداً أقوى في هذا الملف".
دراسة رغم القيد
الرغبة في التعليم والتحصيل الأكاديمي لا تقتصر على الطلبة، الذين تختطفهم السلاسل الحديدية عن مقاعد الدراسة، حيث تضم السجون الإسرائيلية العديد من الأسرى، الذين بدأوا رحلتهم الجامعية من خلف تلك القضبان، متحدين كل الظروف المحيطة بهم، حيث استطاع الأسرى الفلسطينيون انتزاع حقهم بالتعليم من خلال معاركهم بأمعائهم الخاوية خلال إضرابات طويلة عن الطعام خاضوها لتحقيق مطالبهم، أبرزها حقهم في التعليم الجامعي.
الأسير المحرر، محمد منصور (55 عاماً)، والذي أمضى 26 عاماً في السجون الإسرائيلية، لم يكن اعتقاله والحكم عليه بتلك المدة حائلا أمام حلمه بإكمال التعليم الجامعي وهو داخل الأسر.
وبسبب عدم تعاطي الجامعات الفلسطينية مع مسألة الانتساب لخططها الدراسية من داخل السجون، اتجه منصور وعدد من الأسرى للدراسة في الجامعة العبرية المفتوحة في إسرائيل، والتي كانت تتيح المجال للأسرى بالانتساب إليها في بعض التخصصات، كالتاريخ والعلوم السياسية.
وكان منصور قد اختطف من على مقاعد كلية الهندسة في جامعة بيرزيت، فقرر مواصلة دراسته داخل السجن، لكن بتخصص آخر لا يحتاج لإشراف محاضرين جامعيين بشكل مباشر.
ويشير الأسير المحرر إلى أن الأسرى الفلسطينيين انتزعوا حقهم بالتعليم بعد إضرابهم عن الطعام عام 1992م، وبدأ تنفيذ هذا المطلب عام 1993م.
ويضيف في حديثه لـ "العربي الجديد":"الجامعة العبرية المفتوحة كانت الخيار الوحيد أمامنا. بالبداية وجد الأسرى صعوبة بسبب اللغة والمناهج، إلا أننا استطعنا التغلب على هذه العقبات وأصبح عدد الأسرى، الذين يلتحقون بالجامعة يزداد أكثر فأكثر، وكان الطلاب يساعدون بعضهم بعضاً، ويستفيد الأسرى من تجارب بعضهم".
وبصوت تتدفق منه مشاعر الفخر والإنجاز، يقول منصور:"حصلت على شهادة البكالوريوس من الجامعة العبرية بالعلاقات الدولية والتاريخ الإسرائيلي والحركة الصهيونية، بعد دراسة استمرت 5 سنوات داخل السجن".
أشواك على الطريق
تمكن الأسرى من الالتحاق بالجامعة العبرية منذ عام 1993 حتى عام 2006، حيث رفضت الجامعة انتساب الأسرى لبرامجها التعليمية فيما بعد، كإجراء عقابي على الأسرى بعد اختطاف الجندي الإسرائيلي، جلعاد شاليط، على يد المقاومة الفلسطينية في غزة حينها، مع الإبقاء على الأسرى، الذين كانوا مسجلين سابقاً.
وعن ذلك القرار، يقول منصور:"الاحتلال يعتبر التعليم الجامعي للأسرى امتيازاً، فحرموهم منه، كما أن هناك أصواتاً كانت تطالب بمنع الأسرى من دراسة بعض المناهج العبرية، لأنها باعتقادهم يمكن أن تضر بمصالح الدولة، على اعتبار أنها تساعد الأسير على معرفة عدوه أكثر فأكثر وكيفية التعامل معه".
أما عن الصعوبات، التي قد يلاقيها الأسير خلال دراسته، فيقول الأسير المحرر:"التنقلات المستمرة التي يتعرض لها الأسرى من سجن لآخر، وتلكؤ إدارة السجن بإرسال الرسائل للجامعة، مما يؤخر امتحان الطالب وتخرجه أحيانا، وعدم السماح أحيانا بإدخال الكتب، هي من أبرز الصعوبات، كما أن إدارة السجون كانت تتبع أسلوباً عقابيّاً لبعض الأسرى بحرمانه من التعليم لسنة أو سنتين".
ويشير منصور إلى أن أثر إكمال الدراسة الجامعية بدا واضحاً بأن أصبح لدى هؤلاء الأسرى قدرة على التحليل وتناول المواضيع، وخاصة التعمق بالشأن الإسرائيلي وفهمه.
برسم الدكتوراه
اعتقال الطلبة الجامعيين واستهدافهم بشكل مباشر وواضح، هدفه قتل طموح الطالب وإيقاف عجلة حياته، بحسب مدير "مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان"، فؤاد الخفش، الذي صرح لـ "العربي الجديد" قائلاً: "أغلب الفلسطينيين متميزون بالتعليم، والاحتلال يريد من خلال الاعتقال قتل هذه الرغبات والطموحات".
وأشار الخفش في حديثه مع "العربي الجديد" إلى أن الحركة الفلسطينية الأسيرة خاضت نضالات وإضرابات طويلة استشهد خلالها أسرى من أجل انتزاع هذا الحق في التعليم، لتكون شهادة البكالوريوس من قبل هؤلاء الأسرى برسم الدكتوراه في قيمتها المعنوية وسنوات الحصول عليها.
وأضاف:"التعليم مكفول بالأعراف والقوانين الدولية، وهناك مادة صريحة تنص على حق الإنسان في التعليم حتى وهو داخل السجن، وقد حصل الأسرى على هذا الإنجاز وفتحت أمامهم الفرصة من خلال الجامعة العبرية".
وذكر أن العديد من الأسرى استطاعوا انتزاع شهادات عليا، منهم من أنهى بكالوريوس، ومنهم الماجستير، ومنهم من تفوق بشكل كبير في دراسته، لافتاً إلى أن الجامعات الفلسطينية رفضت انتساب الأسرى لخططها الدراسية من داخل السجن، عدا جامعة واحدة في غزة أتاحت لهم الانتساب، واستطاع الأسرى أن يجتازوا مرحلة الدبلوم والبكالوريوس من خلالها".
وأشار إلى أن مبررات الجامعات بأنها لا تضمن عملية إجراء الامتحانات واجتياز الخطة الدراسية، وقال:"هذا أمر غير مقبول، ففي السجون هناك العديد من الأكاديميين والأساتذة الجامعيين أسرى، ويمكنهم ضبط هذه العملية".
اقرأ أيضا:
فلسطين.. الإنجليزية والعبرية في مواجهة العربية