القضية الفلسطينية أمام مجلس الأمن: رفض لفظي بلا فعالية لانتهاكات الاحتلال

20 مايو 2020
يقود منصور تحركات قبل جلسة مجلس الأمن اليوم (Getty)
+ الخط -
تأتي إحاطة مجلس الأمن الدولي الشهرية حول القضية الفلسطينية، التي ستعقد صباح اليوم الأربعاء بتوقيت نيويورك، في ظل عدد من التحركات على صعيد مؤسسات الأمم المتحدة، يقودها السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور، بحسب ما أكد مكتبه لـ"العربي الجديد" في نيويورك. وسيقدم منسق عملية السلام للشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، إحاطته حول آخر المستجدات على الأرض، بما فيها الحالة الإنسانية. ومن المتوقع أن يحذر مجدداً من إقبال إسرائيل على ضم أراضٍ من الضفة الغربية بحلول يوليو/تموز المقبل، تقدر بأكثر من 30 في المائة من بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. وسيؤكد ملادينوف على أن ضم جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة، بموجب اتفاق الحكومة الإسرائيلية الجديدة، سيشكل خرقاً للقانون الدولي، وسيقوض حل الدولتين، وستكون له آثار سياسية وأمنية وقانونية يصعب مجابهتها، بحسب ما أكدت مصادر مطلعة في الأمم المتحدة لـ"العربي الجديد" في نيويورك.

وعقدت بعثة فلسطين لدى الأمم المتحدة عدداً من الاجتماعات، بدعم من المجموعة العربية بهدف التصدي لتلك الخطط. ومن بين الاجتماعات التي عقدت، كان لقاء مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، بحضور ممثلين عن جامعة الدول العربية وقطر والكويت، وسلطنة عُمان رئيسة المجموعة العربية لهذا الشهر. كما عقد السفير الفلسطيني عدداً من الاجتماعات الأخرى مع رئيس الجمعية العامة، وممثل الاتحاد الأوروبي، ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر. وشدد الوفد الفلسطيني في تلك الاجتماعات على عدد من النقاط، بينها خطورة النهج الإسرائيلي وعدم شرعيته، بما في ذلك استمرار الاستيطان وغيرها من سلسلة طويلة من الممارسات الإسرائيلية المنافية للقانون الدولي والمستمرة منذ عقود. ومن المتوقع عقد اجتماعات إضافية مع مجموعات داخل الأمم المتحدة، كالمجموعة الإسلامية ودول عدم الانحياز.


وشدد منصور، في رسالة وجهها إلى غوتيريس، وأستونيا، التي تتولى رئاسة مجلس الأمن لشهر مايو/أيار الحالي، ووصلت مكتب "العربي الجديد" في نيويورك نسخة منها، على ضرورة أن يرفض المجتمع الدولي تلك الخطوات غير الشرعية وأن يطالب دولة الاحتلال بوقف جميع ممارساتها. وفي واقع الأمر، تشدد الأغلبية الساحقة من الدول، في اجتماعات مجلس الأمن والجمعية العامة، الخاصة بفلسطين على رفضها لأي تحركات أحادية الجانب، وتعيد في الوقت ذاته تأكيدها التزامها بقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصلة. وذات الموقف أكده مراراً وتكراراً كل من مكتب الأمين العام للأمم المتحدة ومكتب رئيس الجمعية العامة تيجاني محمد باندي، لـ"العربي الجديد"، رداً على أسئلة حول الموضوع. هذا الرفض يعبر عنه المسؤولون في الأمم المتحدة وسفراء أغلب الدول في المناسبات الرسمية وغير الرسمية.

ومن المتوقع أن يشهد اليوم الأربعاء مجدداً موجة مواقف مشابهة. لكن في واقع الحال، وعلى الأرض، لا تتخذ أغلب تلك الدول خطوات فعلية لمعاقبة إسرائيل. والأمر ذاته ينطبق على الدول العربية، سواء تلك التي تربطها اتفاقيات سلام مع إسرائيل، كالأردن ومصر، أو جامعة الدول العربية التي تعقد الاجتماعات من دون أي خطوات فعلية. بل إن الغزل بين ساسة إسرائيليين وعرب يجري في تطبيع علني، بالإضافة إلى استمرار حصار غزة وعدم فتح الحدود المصرية مع القطاع. وما يزيد الطين بلة هو استمرار السلطة الفلسطينية في تنسيقها الأمني، بحيث لا يبدو أن لديها خطة جدية، ترتكز على قاعدة شعبية، تطبقها على أرض الواقع لمجابهة الاحتلال.

وعند التركيز على التحركات المفترض القيام بها على مستوى الأمم المتحدة، يتبين أن التخبط الذي شهدته الديبلوماسية الفلسطينية أظهر فشلاً، خصوصاً في إيصال صوتها للإعلام الغربي في الأشهر الأخيرة، وبالذات بعد الإعلان عن الخطة الأميركية ــ الإسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية (المعروفة إعلامياً بصفقة القرن) في فبراير/شباط الماضي. وظهر هذا الفشل الذريع عند قدوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى مجلس الأمن، وإلقاء خطابه الذي لم يأت بجديد. كما لم يستغل فرصة وجوده في نيويورك، لا هو ولا كبير المفاوضين صائب عريقات أو وزير الخارجية رياض المالكي، لعقد أي مؤتمر صحافي واسع لوسائل الإعلام الغربية، الأميركية خصوصاً، التي كانت معنية بالسماع منه. وما زاد الطين بلة عقده مؤتمراً صحافياً مع رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت في نيويورك، تعاملت خلاله السلطة الفلسطينية مع وسائل الإعلام العالمية التي حضرت وكأن هذه التلفزيونات والصحف تابعة للسلطة، ولا هموم لديها إلا القدوم وسماع كلمة يلقيها عباس بحضور أولمرت في قاعة فندق صغيرة، ثم يترك بعدها الرئيس الفلسطيني المكان، من دون أن يجيب عن أي أسئلة. قد يكون هذه التصرف متبعاً مع وسائل الإعلام الفلسطينية، لكنه كان مخجلاً وغريباً في نيويورك. والطامة الكبرى هي أن أولمرت، الشاهد المفترض على حسن سير السلطة وسلوكها، والذي كان من المفترض أن يصرح بأن القادة الإسرائيليين هم من انسحبوا من المفاوضات وليس الجانب الفلسطيني، لم يقل ذلك البتة، بل قال إن "الصفقة" الأميركية تشكل نقطة انطلاق للعودة إلى طاولة المفاوضات.